|
الكاتب/ صبري الموجي*
في زمنٍ عزَّ فيه العون، وتقلصتْ فيه صورُ المساعدة لأهالي غزة، ولم تزد على الدعاء، والكلمة، ومقاطعة السلع والبضائع، التي يدعم ثمنُها أو بعضُه هذا المحتل البغيض، وكلُّها في الحقيقة أسلحةٌ فتَّاكة، لو استُخدمت بالفعل، واستحضرنا مع ذلك نيّة دحر هذا الكيان الصهيوني المُجرم، الذي لم يرحم أنين طفل، وعجزَ شيخ، وضعف امرأة، وصرخات مريض، وانبري يرمي الأبرياء، ومن قَبلهم العزل بشرر كالقصر كأنه جمالاتٌ صفر، هذا رغم قلة عدده مقارنة بالعرب، ولكن يا أسفاه فإن البغاث بأرضنا يستنسر !
للوقوف على تلك الأحداث، دخلتُ العديد من المواقع على النت، وقلَّبتُ صفحات كتب كبار المفكرين في الشأن اليهودي مثل عبد الوهاب المسيري، ومحمد الهواري، وجمال الرفاعي، وغيرهم؛ لأطلّ من خلال تلك النوافذ الفكرية على تلك الأحداث الدامية بقطاع غزة، وفلسطين كلها، بل والمنطقة العربية بأسرها، بحثاً عن بصيص أمل، أو بريقِ نور في حلِّ تلك المشكلة العويصة، التي تتفطر لها القلوبُ والأفئدة، وتذرف لها العيون دماً لا دمعاً.
صُلتُ وجلتُ في دهاليز هؤلاء المفكرين، وتسورتُ محاريب كنوزهم الفكرية، فوجدت أنهم اتفقوا جميعا على أنَّ الصهاينة شرذمة قليلة العدد، لكنها تعمل وفق خطط طويلة الأجل، ولا يستعجلون النتائج، فالسرعةُ ليست هدفاً من أهدافهم أبدا، لكن النتيجة هي هدفهم الأسمى، وغايتهم المنشودة، التي يبذلون من أجلها الغالي والنفيس .
أقول، وبين سطور كتاب " أحجار على رقعة الشطرنج" للكاتب الكندي وليام جاي كار، ذكر أنهم لتحقيق أهدافهم، لجأوا إلي وسائل فتَّاكة أهمها : إغراقُ كبار المسئولين في شتى مؤسسات الدول في مستنقع الرشوة والجنس؛ لابتزازهم وقتما يريدون، استنادا إلى كسر أعينهم، وزرع أعوانهم من كبار الأساتذة بكبرى الجامعات في جميع أنحاء العالم لتشكيل وعي ووجدان طلاب هذه الجامعات، وتربيتهم علي أعينهم، وأيضا استقطاب أنبغ عقول هذه الجامعات، ورعايتهم رعاية خاصة؛ ليحملوا بعدهم الراية، ويُكملوا مسيرتهم، إضافة إلى سيطرتهم علي مفاصل الإعلام سواء المقروء أو المسموع أو المرئي؛ ليظلوا وحدهم مصدرَ المعلومة دون منازع .
المؤسف أنهم حققوا كلَّ ذلك، والعرب والمسلمون يغطون في نوم عميق، ولا يجيدون - على أقصى تقدير - إلا سكب العَبرات، ومصمصة( شفاههم الغليظة)، والبكاء على اللبن المسكوب، دون أن يهبوا للبحث عن بقرة تدر لهم لبنا سائغا شرابه !
ولو سألنا عن سبب قوة شوكة بني صهيون، نجد أنه يرجع - وبكل أسف - كما قال المفكر عبد الوهاب المسيري إلي الدعم الغربي لهم بلا حدود، والإهمال العربي للقضية الفلسطينية بلا حدود أيضا .
والمؤسف أنه رغم تأكيد زعيم عصابتهم (نيتنياهو) أنه في حربه على غزة، يحمل لواء " نبوءة إشعياء"، التي تكشف عن نية بني صهيون الخبيثة، وسعيهم الدؤوب بليلٍ ونهار لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، إلا أنَّ هذا مرَّ علينا مرور الكرام، فأغفلناه، أو تغافلنا عنه، ولم يهب أحد سوي أهل غزة لجعل تلك النبوءة أضغاث أحلام، وليت العرب، (يفنجلون أعينهم)، فأخشي ما أخشاه أن يقولوا بعد فوات الأوان : (أُكلتُ حينما أُكل الثور الأبيض ) !
ولا شك فإنَّ إسرائيل تعرف من أين تؤكل الكتف، وهذا ما جعلها ترتمي في حضن بريطانيا، ومن بعدها أمريكا، وتعزف على أوتار سيمفونية أنهم شعبٌ ضعيف، مهيض الجناح، ويُذكرون الغرب دائما بمحرقة الهولوكوست، التي ابتلعت الملايين منهم، فضلا عن سيطرتهم على مفاصل الاقتصاد العالمي.
أقول - وإزاء كل هذا - لابد من يقظة عربية، خاصة الإعلام العربي، إضافة إلى وحدة الصف وبدون ذلك، سنظل - إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا - نهيمُ في أودية التيه، تاركين أهل غزة يواجهون مصيرهم وحدهم !
* نقلا عن :موقع صوت الناس
في الثلاثاء 27 فبراير-شباط 2024 09:03:03 م