|
مطلع تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2017 للميلاد؛ أعلن تحالف العدوان على اليمن بمنفذيه الإقليميين "السعودية والإمارات" وداعميه الدوليين "أميركا، بريطانيا، فرنسا" عن السيطرة على باب المندب الاستراتيجي وجزيرة ميون التي تشطر المضيق إلى قناتين.
المعارك لم تتوقف عند حدود باب المندب لتشمل الشريط الساحلي الغربي الممتد من المضيق إلى قرب مطار الحديدة على تخوم المدينة مرورًا بالمخا ومناطق ساحلية أخرى قبل التراجع والانكسار والاكتفاء بالتموضع العسكري خارج حدود المحافظة الساحلية التي تضم شريان الحياة لثلثي سكان البلد المحاصر والمعتدى عليه.
كان ذلك أكبر وأهم إنجاز ميداني تقدمه الإمارات لمشغلها الأميركي والشريك الخفي يومها كيان العدوّ الصهيوني، فالمعركة من لحظتها حملت أبعادًا إقليمية ودولية لأهمية المنطقة في التحكّم بأمن الطاقة العالمي وطرق الملاحة الدولية، كما وكانت مصلحة وهدفًا صهيونيًا خالصًا لحجم المخاوف والقلق الذي أبداه رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو في أعقاب نجاح ثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر العام 2014م من سيطرة من أسماهم "الحوثيون" على باب المندب وما يشكّله ذلك من خطر على أمن الكيان أكبر من خطر البرنامج النووي الإيراني؛ وفقًا لتوصيف نتنياهو.
ولأجل التحكّم بطرق التجارة العالمية وأمن الطاقة تقاطعت المصلحة البريطانية والفرنسية في السيطرة على واحد من أهم الممرات المائية في العالم.
السيطرة الميدانية على المضيق لم تكن كافية لتبديد مخاوف الصهاينة واعتماد الإماراتي الوكيل الحصري للأميركي كونه قائد تلك العمليات، حيث كان ميدان البحر شاهدًا على تشكّل قوة بحرية بدأت من الصفر وسيكون لها - بعون الله- دور مستقبلي في صياغة المعادلات الإقليمية وتغيير موازين القوى بقدرات وعمليات نوعية استهدفت السفن السعودية والإماراتية الحربية وأخرجت بعضها عن الخدمة، وشظاياها من ذلك الحين طالت كيان العدوّ الذي استوطنه الخوف والرعب تحسبًا من احتمالية المواجهة في قادم الأيام.
في شهر مارس/أذار من العام 2015م، دخل رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو على خط العدوان على اليمن بتصريح حذر فيه من محاولة إيران السيطرة على الشرق الأوسط ومضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يمكن له التأثير على التجارة العالمية وتصدير النفط للعالم. وقال نتنياهو: "محور إيران ـ لوزان ـ اليمن هو محور خطير جدًّا للبشرية جمعاء، ويجب العمل على وقفه"؛ بحسب تعبيره.
ومع تنامي القدرات اليمنية وتزايد العمليات الفاعلة والمؤثرة ضدّ الأهداف البحرية والحيوية للسعودية والإمارات، تفاعل صناع القرار في الكيان الإسرائيلي ودوائر البحث ومراكز الدراسات لدرجة أن يضع البعض التساؤلات عن التوقيت الذي ستكون فيه "إسرائيل" الهدف القادم للصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية.
وفي شهر آب/ أغسطس العام 2018م، وخلال مناورة عسكرية، جدد نتنياهو الحديث عن مخاوفه وأفصح عن أوهام وأطماع التوسع في البحر الأحمر بتصريح جاء فيه: "شهدنا مواجهات قاسية مع حلفاء لإيران، حاولوا منع الملاحة الدولية في المضيق عند مدخل البحر الأحمر"- في إشارة إلى عملية يمنية أحرقت سفينة سعودية في البحر الأحمر- وأضاف: "يوفر لنا البحر العديد من الفرص. إنه فوق كلّ شيء يزيد من الحجم الصغير لـ"دولة إسرائيل"، ويسمح لنا بنشر سفننا فوق الأمواج وتحتها عبر منطقة شاسعة، وهذا يمنحنا قوة كبيرة"؛ على حد قوله.
لم يكتفِ نتنياهو بتلك التصريحات ليتحدث في مناسبة أخرى عن قدرة الكيان على تشكيل تحالفات دولية لمواجهة ما وصفها بالتهديدات، وأي محاولة لإغلاق مضيق باب المندب الاستراتيجي.
السعودية بدورها لم تكذب الخبر، وكذلك الإمارات التي دخلت في علاقات مباشرة وعلنية على كلّ المستويات مع كيان العدوّ إلى جانب البحرين والمغرب، في وقت تمهد واشنطن لتشكيل تحالف بحري يضمّ الكيان والدول المطبّعة.
مطلع العام ألفين وعشرين، أعلن وزير الخارجية السعودي عن تأسيس مجلس الدول المطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف التنسيق والتشاور بشأن الممر المائي الحيوي، في ظلّ ما أسموها التحديات المتزايدة، ومواجهة الأخطار المحدقة.
عملية "طوفان الأقصى" كانت مباغتة للعدو الإسرائيلي بكلّ أجهزته الأمنية والعسكرية ليجد نفسه في موقع المهزوم للمرة الثانية بعد هزيمة 2006م، وليلمس بالأفعال حقيقة تطويقه بالصواريخ والعمليات المنكلة من عدة جهات بالرغم من كلّ الدعم الذي يحظى به أميركيًا وغربيًا والجهود الرامية لتشكيل طوق أمني من دول التطبيع يحاكي أنشطة كيان العدوّ التوسعية ومصالحه التجارية التي يمر النسبة الأكبر منها عبر البحر الأحمر.
المخاوف الإسرائيلية تتحقق على أرض الواقع ونبوءة نتنياهو لا مفر منها، اليمن يُنهي حقبة الهيمنة الإسرائيلية الأميركية على البحر الأحمر بالإعلان عن معادلة منع السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها من المرور عبر مضيق باب المندب حتّى يتوقف العدوان على غزّة وينتهي الحصار.
معادلة جديدة، نقلت الصراع في فلسطين إلى المنطقة والإقليم- وبقوة الله -تحرص القوات المسلحة اليمنية وفعل الصواريخ والطائرات المسيّرة وليس أخيرًا الزوارق فوق سطح الماء وتحته على تثبيتها، حتّى مع تشكيل أميركا تحالف دولي لحماية أمن الكيان.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري
في الخميس 29 فبراير-شباط 2024 07:44:34 م