|
يُعرف علماء النفس (التعصب) بأنه: “حالة مرضية تنطوي على اتخاذ مواقف بدون تمحيص وبتسامح قليل تجاه الأفكار والآراء المعارضة”.
ورغم إقرار علماء النفس بأنه سلوك فطري منبعه النفس، إلا أنهم يصرون على أنه حالة مرضية ينبغي التركيز عليها بهدف التخلص منها، وهذا الإقرار في حد ذاته يساعد على فهم طبيعة التعصب، وكيفية توجيهه في الطريق الصحيح، خاصةً وأنت تواجه عدو يستخدم التعصب سلاحاً ضدك، ويصرِّفه بأشكال مختلفة للنيل من كل أبناء الأمة.
أذا تأملنا وسائل الإعلام من حولنا، سنجدها كلها تسعى لتكريس الصراع والتعصب الأعمى بين فئات المجتمع الواحد، ولا ننسى كيف أن السعودية مثلاً تنفق مبالغ مهولة لتعزيز الصراع الشيعي – السني، وتمارس الدور نفسه حتى في إعلامها الرياضي، وحولت أندية كرة القدم إلى عناوين متعصبة قابلة للصراع، رغم أن الرياضة في الأصل وُجِدت للتسلية.
وكمثال آخر لعبت قناة الجزيرة دوراً لا يقل عن دور الإعلام السعودي في تدعيم الصراعات البينية في كل دولة عربية على حدة، والبداية كانت من العراق ثم سورية واليمن وسائر الدول العربية، وقد فَّعلت الصراعات المناطقية إلى جانب المذهبية، ورأينا كيف حرضت أبناء الداخل السوري ضد سكان الساحل بدواع مناطقية مقيتة.
وحتى في الرياضة ارتكبت الجزيرة الجرم نفسه، ولا ننسى ترويجها السلبي لمباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم عام 2009، والتي انتهت بقطيعة شعبية وسياسية بين البلدين المسلمين.
الغريب في كل تلك الحملات التحريضية، أنها تركزت فقط على إذكاء الصراعات بين المسلمين أنفسهم، وبدواع مختلفة، إلا أن جرائم اليهود في فلسطين كانت غائبة عن كل ذلك.
وهنا تتضح الرؤية والحل في آن واحد، فصرف الصراع عن “إسرائيل” يقضي بإبقاء التعصب وتكريسه بين أعداء الكيان الصهيوني، ومن أجل الحفاظ على سلامة اليهود في فلسطين لأطول فترة ممكنة.
والأصوب أن يكون التعصب في مكانه الصحيح، وضد العدو الأزلي للأمة الإسلامية المتمثل في العدو الصهيوني واليهود بشكلٍ أساسي.
وهنا نستذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل».
وهذا هو التعصب الإيجابي الذي يوحِّد الأمة ضد عدوها الطبيعي، وهذا من شأنه أن يركز كل الجهود لتحرير فلسطين من براثن الاحتلال الإسرائيلي، خاصة إذا علمنا أن ما يمنع نصرة فلسطين هو التعصب لغير الحق ولغير القضية المركزية التي تنبع شرعيتها من الدين الإسلامي نفسه، وليس من شيوخ الفتنة ومنابرها في الرياض وتل أبيب.
نقلا عن : السياسية
في الجمعة 01 مارس - آذار 2024 09:42:50 م