|
للوهلة الأولى وبمجرد نظرة عابرة لمواد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، سيجد المرء أن جميع الجرائم المصنفة فيه يتم إرتكاب أضعافها في الجمهورية اليمنية، التي أصبحت منذ ما يقارب الأربع سنوات ـ مسرحاً للعمليات العسكرية، بقيادة الإدارة الأمريكية وترعاها وتساندها، بل وتدافع عن إستمرارها، رغم إنتهاكها لنظام روما وللقانون الدولي والإنساني في شتى المجالات، كإستهداف المدنيين وتحويلهم إلى أشلاء، وإستهداف الأعيان المدنية، وصناعة المجاعة، ونشر الأوبئة، وغيرها من الجرائم التي ارتكبها العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفائه في اليمن.
إنها جرائم موثقة، وأعلنت عنها الكثير من المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لكنها ـ للأسف ـ أبقت إحصائيات الحرب دون تحديث منذ ما يقارب السنتين، مما ساهم في عدم إنتباه العالم لحجم المأساة الإنسانية التي يصنعها تحالف العدوان في اليمن.
إن ضآلة الأرقام التي يشير إليها ،الكثير من الساسة في حديثهم عن الحرب المنسية في اليمن ، شاهد على ذلك، حيث يتم ذكر عدد ثابت كأن يقال هناك( 10000) مدني فقط قتلوا في اليمن ، وأن (85000) طفلاً توفوا بسبب الموت جوعاً والمرض، وهي الأرقام المعلنة من قبل الأمم المتحدة منذ العام 2016 بشأن عدد القتلى المدنيين تقريباً ،بينما هناك أضعاف العدد من الآثار المترتبة والإستهدف المباشر،. قتلوا أو ماتوا من الجوع وأمراض الأوبئة، كما أنها لم تعلن حتى الآن أعداد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية، واكتفت بالتحذير مؤخراً من أن نصف سكان اليمن، أي نحو 14 مليون شخصاً، قد يصبحون قريباً على شفا المجاعة ويعتمدون تماماً على المساعدات الإنسانية.
إن عدم تحديث إحصائيات الجرائم يؤكد إنعدام الجدية الكاملة لفضح النظام السعودي وداعميه، ويعد تستراً عليها وعليه، وتناقضاً واضحاً بين المعلن والواقع ،ومع ذلك فإننا نشعر أن العالم بات يدرك أن المأساة في اليمن تحتاج إلى لفتة سريعة قبل فوات الأوان، وأن هناك رغبة لدعم جهود إحلال السلام في اليمن.
ونحن في صنعاء ننظر إلى الالتزام بنتائج المشاورات في السويد على أنها أمر بالغ الأهمية، ونتعاطى معها بجدية، ونثق بأن ماقدمناه خدمة لدفع عجلة السلام يصب في مصلحة الوطن، ومن أجله نقدم كل شيء للدفع بمسار السلام.
ولعل أبرز خطوة وأهمها كانت الالتزام بإعادة الإنتشار في ميناء الحديدة، بتنفيذ أهم نقطة في الإتفاق من جانب واحد، وهو ما لم نلحظه حتى الآن أي تقدم ملموس في إنجاز خطوات إعادة الإنتشار، لابشكل أحادي ولا مشترك من قبل دول العدوان الأمريكي السعودي وحلفائه الإماراتي ولا مرتزقته باليمن .
إننا هنا نذكر إننا مع ماقدمناه من جهود لإنجاح جهود السلام وجهود، المبعوث الأممي، قدمناه حتى لايستمر إجرام العدوان في قتل الأطفال باليمن لنرى أن أعياد ميلاد لهم تحيى بتواجدهم بدل من صور الذكريات.
وبهذا المناسبة التي يحتفل بها العالم نود أن يعرف العالم قبيل عيد الكريسماس، أنه مع كل وردة تهدى، هناك بلد إسمه اليمن، فيه شعب يموت جوعاً، بفعل الإدارة الأمريكية السعودية الإماراتية وحلفائها، وترتكب بحقه الجرائم بدون تفويض أممي.
على العالم أن يعرف بأن أي إبتسامة سيسببها العيد، سيقابلها التحالف بوأد لإبتسامات أطفال اليمن إلى الأبد.
وأن الفرحة التي ستغمر الملايين من البشر،قابلها و سيقابلها التحالف بتصعيد مستمر وحصار أشد لقهر شعب اليمن.
وأنه في الوقت الذي يستقدم فيه النظامان السعودي والإماراتي القداس لتحسين صورتيهما، يستقدمان الأسلحة المحظورة لارتكاب المجازر بحق أطفال ونساء اليمن.
وأنه بينما سيتباهى النظامان الإماراتي أو السعودي بالمال الذي سينفقانه للإحتفال بالكريسماس، فإن هناك من أطفال اليمن من لا يجدون طعاماً يبقيهم على قيد الحياة غير أوراق الشجر.
لذلك أدعو أحرار العالم إلى أن يضعوا بجانب أفراحهم ما يذكرهم بمآسي العالم، وعلى رأسها مآسي الشعب اليمني، الذي يباد ويغض البصر عنه، بتخفيض النفط السعودي، وضخه و كإتاوات، للحفاظ على تحالف العدوان الفاسد.
* نقلا عن موقع رأي اليوم
في الإثنين 31 ديسمبر-كانون الأول 2018 11:43:27 م