سلسلة روائع الأدب اليمني.."33" الشاعر فؤاد يحيى العرشي
حسن المرتضى
حسن المرتضى

سلسلة روائع الأدب اليمني..  (33)   الشاعر فؤاد يحيى العرشي

.. إعداد حسن المرتضى

 مجموعة من روائع الشاعرفؤاد يحيى العرشي

(نفخة الصور)

لغزة المجد في الأولى وفي الأخرى

سل آية العصر عن آياتها الكبرى

من فار تنورها والليل يوقدها

وجاء طوفانها من جمرها فجرا

من فاجأ الجن قبل الانس موعدُها

يا موعد الصبح سجل وحيها ذكرا

لا عاصم اليوم من أمر الإله إذا

دُقَّ الحديدُ وكانت نارها تترى

أبناؤها من شموخ ترابها نبتوا

والعز تاجٌ على جبْهاتهم يقرا

 فكلما أسرف المحتل في دمهم

فاض الإباءُ وهبَّ العزم واستشرى

من بعد ماظُلِموا ثارت دماؤهمو

والله أرسى نواميساً كما أجرى

..

هذا النفير ُ وصوت العز يلهبها

يا نفخةَ الصور هذي النفخةُ الحرّى

يا جيش صهيون فِرُّوا من أمام يدي

فالكل مقتول بعد الآن او أسرى

 

(المطر المنتظر)

إلى شعب العراق وشاعرها الكبير بـدر شاكـر السياب

الليل لا يطوى إذا غاب القمرْ

والصبح لا ينسى تسابيح السحرْ

ودم الحقائق كالمطرْ

هو يكتب التاريخَ

ينسف فكرة الأشباح

عن موت الشجرْ

هو رحمة الرحمن

تحملهُ السحاب بشائراً

والودق يروي الآية الأولى

ويحفظها الحجرْ

وهو العذاب لمن كفرْ

ما أجمل الأفعال في ثوب الخبرْ

أين المفرُّ؟

وأنت تنتظر النبوءة حين تهطل كالمطرْ

***

يا بدرها السياب

يا وهج الحروف البيض في نبض العراق

وباعث الأضواء في سعف النخيل

وفي الكروم وفي النهَرْ

مازلتَ في (جيكور)

تشرب من (بويب) الخلد

روح قصيدةٍ حُبلى

تسافر في الزمان وفي المكان بلا سفَرْ

كالطفل تفترش المساء أريكةً

والغيم حضن الأمّ

مرسومٌ على خديك قبلتها

كأنك حين تحضنها تُدَثّرُكَ السماءْ

فتغوص في عينيك أسراب النجومِ

وسر (عشتار) الحكاية والفصولِ

وأنت تنتظر النبوءة حين تهطل كالمطرْ

***

تغفو

وترحل في الغد الآتي

وترعبك المشاهد والسؤالْ

من حوَّل الأنهارَ

في قلب العراق إلى رمادْ؟

هل عاد (هولاكو)

وأسواق النخاسة والعمالة والعبيدْ؟

موج الخليج مُدىً

وبارجةً وطائرةً من (المارنْزِ)

تحترف الخرابْ

الأرض يملؤها الغزاة

من الأفاعي والخنازير البغيضة والقرودْ

وعلى جذوع النخل مقبرةٌ

من الآمال تحكيها الملاجئ

والكنائس والقبابْ

***

فتفيق من رؤياكَ

تصرخ بالخليج وبالعواصف والردى

تجري بك الأحزانُ

والأحزان تسري

في العروق وفي العيون وفي الصدى

وكأنّ تيار الهواء أسىً

تغلغل في الصدور وفي الندى

وكأنّ أحلام الجياع بلا صورْ

وعلى العيون مراجلٌ تغلي

بدمع البائسينْ

فتثور تصرخ بالنبوءة والمطرْ

ترنو إلى الآفاقِ

والآفاقِ تحجبها المسافة والضبابْ

والحرف يبحث في الترابْ

وفي السماء وفي القمرْ

أين المطرْ؟

لا بد أن يأتي المطرْ

أين المطرْ؟

يا بدرها السيابْ

يا نبع الحنين إلى المطرْ

نحن المطرْ

نحن المطرْ

والريح والرعد المزمجرُ والشررْ

نحن النبوءة في رسالات السماءْ

نحن البطولات التي ملأت أساطير الشعوب وما رواهُ الأنبياءْ

نحن المطرْ

والسرّ والنصر العظيم المنتظرْ

نحن المطرْ

نحن المطرْ

نحن المطرْ

 

(العراف)

 يتسآءل العرافُ

         والبهلولُ

         والثوبُ المهلهلُ

                     والتميمةْ

فتحدِّثُ الأطيافُ

تروي قصةً

كُتبت على صدر الهواءِ

كآهةٍ صارتْ

بعتم الليل غيمةْ

ما عاد للإبداع قيمةْ..

تتبخرُّ الألوان

 كالأرواح إنْ قُبضتْ

ولا يدري عن الألوانِ الا الله

أودعها القلوب المستقيمةْ

وكأنما الجدرانُ شِعْبٌ

من دخان الجنِّ

واللوحات كوماً من رمادٍ

ذُرَّ في العين العقيمةْ

ماعاد للإبداع قيمةْ

ضاقَ المدى

بالشعرِ والشعراءِ

يحملهم هنا بحر الخفيفِ قصيدةً

في علبةِ الكبريتِ

من ستين بيتاً خاوياً ومبللاً

وبقية الشعراء في قبرٍ

ببطن الحوتِ

يسكن موجة الصحراءِ

تمحوهُ الرمال العابراتُ بلا جريمةْ

ما عاد للإبداع قيمةْ

كالمسرح المسجونِ باللعناتِ

بات سفينة الأشباحِ

تملؤه الخفافيش اللئيمةْ

وعناكبٌ من كل زاويةٍ تدلَّتْ

تشبه البندول صفراءٌ

بلا وقت يحركها

سوى فخُّ الوليمةْ

والبومة الصماءُ قرصانٌ

بلا ساقٍ

تشير لفرقة الفئرانِ بالعزف المطول

تنعق الغربانُ رقصتها الأليمة

ما عاد للإنسان كالإبداع قيمةْ

 

( دوار الرحى)

يسير المعنى بدرب الشتاتْ

  ويقتات شيئاً من الأمنياتْ

وتبدو عليه سنون الأسى

 وليلٌ تلظىَّ ببرد الفلاة

فيروي تجاعيد وجه المدى

 وكأساً عتيقاً من الذكرياتْ

ويحدوه كالنجم حلم الفتى

 وطيفٌ يحاكي "جبال السراة"

فحيناً يناغي ظوامي الربى

 وينساب ماءً من المعصراتْ

وحيناً يعاني دوار الرّحى

 وتشكو الجهات انعدام الصفاتْ

وحيناً بكوخٍ بعيد الرؤى

 يغني ويشدو مقام البياتْ

وحيناً غريبٌ يجرُّ الخطى

وكالريح يجري بكل الجهاتْ

فيطوي المسافات في لمحةٍ

 كأن العبور بقلب النواةْ

 يقصُّ الحكايا كرجع الصدى

 وفي رجعها يكشف الأحجياتْ

يُسمّي الحروب بأسمائها

ويبني حصوناً من النيَّراتْ

فهذي حروبٌ بلا صهوةٍ

كنار العمالة والمومساتْ

وتحت الرماد لها فيلقٌ

تغذّى على الجهل والشائعاتْ

رمالٌ أطاحت بعرش الندى

وفي النيل أوجاع نهر الفراتْ

أعاد الأساطير في مامضى

وفي ما أتى يصنع المعجزاتْ

 

(وثيقةٌ نقشت بباب المندبِ)

من أين يا وجه الزمان المرعبِ؟!

من أمهات الأمس جئتُ بلا أبي

من ترجماتٍ زيَّنوا أصنامها

فلها خوارٌ من صداع المذهبِ

من قرنِ نجدٍ قبضةٌ ومشائخٌ

والسامريُّ يطلُّ من "قال النبي" 

من فك قابيلَ؟ ترى ماطولهُ؟! 

تاهت قياساتٌ بعرض المنكبِ

طوفان نوحٍ ، كان بحث فقيهنا 

أحكام بول النوق فوق المركبِ

جاء التراث من النياق بحكمةٍ

حرق الصحيح يصح وجه الأجربِ

من أين جاؤوا؟ عصبةٌ وروايةٌ

وحييُّ في كعبٍ يلوح ويختبي

أمراء ينتحلون رسم سراقةٍ

والشيخ مشغولٌ بشرع المكسبِ

وبنو قريضة موعدٌ وخيانةٌ

ووثيقةٌ نقشتْ بباب المندبِ

 

*نقلا عن : المسيرة نت

 
في الأربعاء 13 مارس - آذار 2024 10:51:03 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=12946