|
اليوم هو الأربعاء الموافق 14/ مارس / 2024 م وهو اليوم 160 لبدئ العُدوان الصهيوني، أو لِنَقلْ أيام العدوان الصهيوني على شَعبنا وأهلنا في قطاع غزة من فلسطين، وقد بلغ عدد الشهداء 31272 شهيد وشهيدة، جُلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وبلغ عدد الجرحى أكثر من 72000 جريح وجريحة، وبلغ عدد المفقودين السكنيين تحت أنقاض المنازل المهدّمة على رؤوس سَاكِنيها ما يفوق 14000 إنسان، وبلغ حجم النازحين داخل القطاع 1.8 مليون نازح ونازحه من أصل 2.3 مليون هم إجمالي سكان قطاع غزة، وبلغ حجم الدمار لمدن قطاع غزة أزيد من 65٪ من مبانيها وبنيتها التحتية.
أمام كل هذه الجرائم البَشِعة المُرتكبة بحق الشعب الفلسطيني من قِبل الكيان الصهيوني الإسرائيلي والمدعومة عَلَناً من قِبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ومُعظم دول أوروبا الغربية، وبمعاونة عَلنية وَخَفية من مُعظم حكومات الدول الخليجية العربية المتصهينة، مُقابل ذلك الجُرم البَشع هناك إستيقاظ واسع للضّمير الإنساني الحيّ من حول العالم، ذلك الإستيقاظ شَمل الرأي العام العالمي في الدول الغربية ذاتِها ، حيثُ يَخرج مئات الآلاف ويَصِلوا إلى الملايين في شوارع واشنطن، وبقية المدن الأمريكية، وباريس ، ولندن ، وبرلين ، وروما ، وستوكهولم، ومدريد وبقية المدن الكبيرة والصغيرة في أوربا، يخرجون في نهاية كل أُسبوع يتظاهرون ويحتجّون على بَشاعة الجرائم الصهيونية التي اقتربت من جرائم النازية الألمانية والفاشية الإيطالية والعسكرتارية اليابانية في الحرب العالمية الثانية .
وبلغ الإحتجاج والسَخط العالمي ضد كل تلك الجرائم المروّعة بحق المواطن الفلسطيني المجرّد من أي سِلاح أو سَكن يَقيهِ من هَول سقوط أحدث الأسلحة الأمريكية والأطلسية الأوربية على رؤوس أطفاله ونسائه، أمام كل تلك الجرائم سحبت عدد من الدول في أمريكا اللاتينية اعترافها الدبلوماسي بالكيان الصهيوني، ورفعت عدد من الدول الأفريقية واللاتينية دعاوى قانونية ضد الكيان الصهيوني لإرتكابها جرائم حرب وحشية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ورفعت عدد من المنظمات الحقوقية المدنية ملفات دعاوى قانونية في المحاكم والمؤسسات الدولية ضد ما يرتكبه الكيان النازي الصهيوني الإسرائيلي من جرائم موثقة بالصوت والصورة ضد أهلنا الفلسطينيين العُزّل، وممارسة الكيان الصهيوني مع أميركا USA حرب التجويع المعلن على قطاع غزة والذي راح ضحيته موت العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ في مستشفيات وشوارع أحياء القِطاع.
وحتى لحظة كتابة مقالنا هذا لازالت عواصم الغرب الأوروبي الأمريكي من واشنطن وبرلين ولندن وباريس تمد وتبعث الجنود المرتزقة مع الأسلحة وذخائرها عبر أسطول جوي وبحري بين تلك العواصم وتل أبيب، في رَحلاتٍ شبه يومية كي تقتل ببشاعة ووحشية أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وتحديداً قطاع غزة، وأظهرت التقارير الإستخبارية والإعلامية بأن واشنطن أبرمت مع تل أبيب أزيد من 100 إتفاقية عسكرية لتزويد الكيان باحتياجاته من العتاد العسكري.
والغريب في الأمر بأن هناك دول عربية ( مسلمة شقيقة ) وفّرت وأمّنت من خلال خط بري ما يحتاجه الكيان الصهيوني من مشتقات نفطية وغازية ومواد غذائية أساسية وفواكه وخضروات ولحوم طازجة وحتى الأيسكريم الهندي، يبدأ النقل من ميناء جبل علي في الإمارات العربية المتحدة ويعبر أرض الحرمين الشريفين الطاهرين في ( السعودية ) ويمر عبر أراضي المملكة الأردنية الهاشمية ويصل إلى أرض فلسطين المحتلة أي إلى كيان العدو الإسرائيلي، هذا الطريق البرّي (الآمن) حُدّد بدلاً من الطريق البحري عبر باب المندب والبحر الأحمر للوصول إلى موانئ كيان العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة الذي استطاع الجيش اليمني العظيم وبقرار من العاصمة صنعاء ، ومن قائد الثورة اليمنية الحبيب / عبدالملك بدرالدين الحوثي من إيقافه عن العدو الصهيوني تماماً.
كيف سيتخيل الرأي العام العربي والمسلم والأجنبي هذا الموقف (العربي) المخزي والجبان والتافه لتلك الحكومات والدول المطبّعة والعميلة للكيان الصهيوني التي يمر منها طريق الخِزي والعار الأسود لتأمين احتياجات كيان جيش العدو الإسرائيلي، بينما يتم المنع عن أهلنا في قطاع غزة من الحصول على جرعة حليب للأطفال الذين يتم إرضاعهم اليوم بجرعات من التمور والماء بدلاً عن الحليب، و يبحثون عن كيلو طحين ليخْبِزوا لِبطون الجوعى من الأطفال والنساء والشيوخ الذين يتضوّرون جُوعاً جرّاء الحِصار الجائر على قطاع غزة، وكي يحصلوا على شربة ماء نقيةً بدلاً من تناولهم المياه الملوثة جرّاء العدوان، كي يبقى الأهل هناك أحياء يتنفسون يُرزقون فحسب وحتى يتوقف العدوان وبالذات في شهر رمضان الفضيل ، فقط كي يُحْيَوَن بعيداً عن ترف الحياة وملذّاتها الطبيعية التي حُرِمَ منها أهلنا في قطاع غزة منذُ ستة أشهر تقريباً هي زمن العدوان الإسرائيلي/ الأمريكي / الأوربي المتوحش.
تجليات بارزة ظاهره لإيقاض الوعي الجمعي للشعوب والأمم حول الكرة الأرضية جرّاء ما يحدث من زلزال أخلاقي وإنساني مفجع نتيجة عدوان الكيان الصهيوني الإسرائيلي / الأمريكي / الأوروبي الإستعماري القذر : ــــ
أولا ً: شَاهد العالم كُل العام تِلك المسيّرات الشعبية في عواصم ومُدن العالم، وتحديداً أميركا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وعبر كل وسائل الإعلام ، شاهدوا حجم الغضب والألم البادية على وجوه وتصرفات وشِعارات المَسِيرَات الإحتجاجية حول العالم، وهي حشودٌ بشريةٌ هائلةٌ رَفعت شِعار موحّد ، الحرية لفلسطين ومعاقبة جيش العدو الإسرائيلي واللعنة الأبدية على زعماء دول حِلف شَمال الأطلسي الداعمة لعنصرية الكيان الصهيوني.
ثانياً :إن الجرائم الوحشية لجيش الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ، ذكّرت إفريقيا السوداء الحرة وشعوب أمريكا اللاتينية الثائرة بتلك الجرائم الذي إرتكبها الأجداد المستعمرون الأوربيون البيض قبل قرون من الزمان ، فالمستعمر الأوربي العنصري الأبيض مُنذ أن شرّع بإحتلال الأمريكيتين وأفريقيا السوداء الحرّة ، قد قاموا ونفّذوا الإبادات الجماعية والقَتل المُمنَهج لتلك الشعوب في مستعمراتها ، وهي دروس مؤلمةٌ ومُرةٌ حاول المستعمر الأوربي طمسها كي تنسى الشعوب ما حصل لأجدادها الأوائل في تلك البلدان المُستعَمرة من تنكيل وقتل وسَحل وتجويع حدَّ الموت ، ووصل عدد الضحايا بمئات الملايين ، وأُكرر نعم مئات الملايين من السكان الأصليين للأمريكيتين ، وأفريقيا وبقية البلدان النامية التي إكتوت بنار الإستعمار البغيض ، ومن جرّاء تلك الإبادات الجماعية غير الأخلاقية والإنسانية بحق الإنسان .
ثالثاً : استيقظ الضمير الجمعي الإنساني لعدد من قادة وشعوب أمريكا اللاتينية ، وقررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والسياسية مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي شعوراً منها بالخزي والعار التي ألحقتها سلوكيات وممارسات الكيان الصهيوني القذرة وغير الأخلاقية وغير الإنسانية تجاه الإنسان الفلسطيني الأعزل، وتقدمت دولة نيكاراجوا بقيادة الرئيس دانييل أورتيجا بدعوى قضائية قانونية ضد الكيان الصهيوني لسلوكها المنحرف تجاه الإنسانية .
رابعاً : قدّمت دولة جنوب أفريقيا الحرّة مَلف قانوني إجرائي مدعوم بكل الأدِلة والبراهين التي تدين الكيان الصهيوني بأنها كيان مَارِقَ على القانون الدولي ، وأنه مارس التصفية الجسدية الإجرامية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة ، وقدّمتها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا ولازالت الإجراءات القضائية قيد العمل الإجرائي القانوني، مع أن الأدلة القانونية ضد الكيان كانت ثابتة ونهائية.
جنوب أفريقيا قدمت الدعوى القضائية ضد الكيان إنطلاقاً من تُراثها النِضالي والكفاحي المعادي للعنصرية البيضاء التي رزحت على كاهل الأفارقة ردحاً طويلاً من الزمن العنصري الأوربي للإنسان الأبيض، ولذلك قام القائد الوطني العالمي الحر نيلسون مانديلا بقيادة الأحرار من جنوب أفريقيا ، بل وكل الأحرار في القارة الأفريقية وناضلوا بالدماء والدموع والأرواح حتى تحقق النصر المؤزر بإزالة نظام الفصل العنصري ، (الابارتهايد ) عن جنوب أفريقيا.
خامساً : ظاهرتان لفتت انتباهي الشخصي كمتابع للأحداث، وتلك الظاهرتان قادمتان من أميركا USA , ومن بريكانيا العجوز (العظمى) ، بالإضافة إلى زَخم الإحتجاجات الشعبية في مدن تلك الدولتين الإستعماريتين التي تسببتا في إحداث كوارث مأساوية دموية كبيرة جداً جداً جداً بحق شعوب الكرة الأرضية قاطبه.
الحادثة الاولى : وهي قيام الطيّار الأمريكي الأبيض ……… بالإحتجاج القاسي العنيف أمام سَفارة الكيان الصهيوني في العاصمة واشنطن ، قام بِصَبّ مادة مشتعلة حارقة على جَسدهِ الحي وهو منتصب القامة بشموخٍ وكبرياء وأَشعل النّار بها مُردّداً شِعار وقَول [ لِتَبقى فَلسطين حرةٌ، ولن أُشارك بعد اليوم في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني ] ، وبقيت النار مشتعلة في جسدهِ ولفظَ أنفاسهِ الأخيرة في اليوم التالي للحادثة.
إنه موقف إحتجاجي إنساني عظيم من شاب أمريكي أبيض ّ لانعرف ديانته ، ولكنّه بوعيهِ وضميرهِ الإنساني الحي تضامن تضامناً إنسانياً معنوياً هائلاً مع أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، في الوقت الذي نشاهد فيه بعض من حكّام ( العرب المنحطين ) بأنهم يستضيفوا لبلدانهم مُمثّلي أفلام البورنو الأمريكي والجنس الساقط، أو يُقيموا الحفلات الفنّية والرياضية في مُدنِهم وعواصمهم العربية دونما حساب لمشاعر الأمة من المحيط إلى الخليج ، أو لنقل من جاكرتا شرقاً وحتى طنجه غرباً ، هؤلاء القادة العرب المسلمون، من أي طِينة مصنوعين وماهي بطون أمهاتهم التي أنجبتهم ومن أي ثدي تم إرضاعهم ، فلا ضمير يؤنّبهم ، ولا أخلاق تردعهم ، ولا رجولة تشفع لهم .
الحادثة الثانية : شاهد العالم أو جزءٌ منه عبر رابط التيك توك العالمي صورة شابة بريطانية بيضاء محتجة على قادة بلادها ، وهنا دعوني أؤكد على بياض البشرة الأوربية ، شاهدها العالم وهي تطلي وجه المدعو / بلفور ، وتمزق بيمينها الطاهر صورة المجرم المرتشي / آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا الأسبق ، وصاحب وعد بلفور المشؤوم ، الذي منح وطن لليهود في أرض فلسطين .
بريطانيا العجوز الشمطاء التي ليس لها الحق في الوعد والتصرف بأرض الأحرار المسلمين فلسطين كي تمنحها لشراذم المشرّدين اليهود والمجمعين من كل أنحاء العالم، هذا المدعو المرتشي / بلفور أصدر كِتابه المشؤوم ( الوعد ) مقابل رشوة مالية رخيصه قدّمتها له عائلة روتشيلد اليهودية البريطانية .
وهنا أود تسجيل استغرابي الشديد من شجاعتها وبطولتها وفدائيتها تجاه تمزيق وتلطيخ صورة المجرم المرتشي / آرثر بلفور، في الوقت لو أحصينا كم عدد من القادة العرب والمسلمين ومن النشطاء والناشطات والمثقفين والمثقفات ، وحتى من الفلسطينيين أنفسهم ، كم مر منهم ؟ أمّا هذه اللوحة المُخزية المركونة في جامعة كامبردج ، ولوحة أخرى له موضوعة بالطابق الثاني للبرلمان البريطاني الحالي الذي مر من أمامه وربما أخذوا صورة تذكارية من أمام بورتريه وصورة بلفور المرتشي.
أين وعي وضمير قادتنا العرب والمسلمون الغائب، وأين وعي وضمير قادة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الغائب، وربما المغيب أو ربما النائم ؟ والله أعلم منّا جميعاً.
سادساً : يقول المطران الفلسطيني المسيحي المجاهد / عطالله حنا إن القضية الفلسطينية ومقاومتها المسلّحة هي أنبلُ عمل تحرري ومقاوم على مدى كل تاريخ الإحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين ، وأن المسيحيين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والعراقيين والمصريين هم جزء أصيل من نسيج المجتمع العربي المقاوم للإحتلال ، وأنهم لا يشعرون بأنهم غُرباء على المنطقة ، بل هم جزء فاعل وأصيل في النسيج الإجتماعي العربي ، وأنهم يشعرون بأنهم أهل الأرض وليس وافدين لا من الشرق ولا من الغرب .
إن هذا الشعور بالإنتماء إلى القضية العربية الفلسطينية هو قمة صحوة الوعي والضمير الإنساني تجاه القضية المركزية الفلسطينية برمتها.
سابعاً : دماء وأرواح الفلسطينيين العزيزة والغالية قد وحدّت صَف المجاهدين المقاومين العرب والمسلمين ، ووحّد قرار صف المقاومة العربية الإسلامية ، وكذلك وحدت واختلطت دماء الشهداء الفلسطينيين بدماء اليمنيين الأحرار واللبنانيين الأبطال والسوريين الأماجد، والعراقيين العظماء ، والإيرانيين المجاهدين .
ومن خلال ما أريق من دماء شهداء المقاومة نستطيع الجزم بأن قضية الشعب الفلسطيني ستبقى حية خالده طالما وأحرار الأمة قد حَمَلوها في أعناقهم ورفعوها على عاتقهم وثبتوها في حدقات عيونهم ، ووطدوها في ضمائرهمِ الحيةِ إلى يوم الدين.
الخلاصة :
إن معركة طوفان الأقصى المبارك وتضحياته العظيمة قد أيقظ الضمير الجماعي لأحرار الأمّتين العربية والإسلامية، وأحرار العالم أجمع ، وأن زوال الكيان الإسرائيلي العنصري البغيض من على أرض فلسطين أصبح قابَ قوسين أو أدنى ، وإن الله على كل شيء قدير.
[وَفَوْقَ كُلْ ذِيْ عَلْمٍ عَلَيَم]
• رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية/ صنعاء
نقلا عن : السياسية
في الأحد 17 مارس - آذار 2024 03:15:57 ص