|
سلسلة روائع الأدب اليمني..(38) الشاعر محمد الشميري.. إعداد حسن المرتضى
مجموعة من روائع الشاعر محمد الشميري
ابتهاج الكائنات
أنتَ الفؤادُ وأنتَ أنتَ الروحُ
للقلبِ أنتَ حنينُهُ المفتوحُ
ماذا يقولُ الشعرُ فيكَ وأنتَ ليْ
كالغيثِ يهمي في النُهى ويفوحُ
كمْ ذابَ قلبيْ في هواكَ متيماً
كم بِتُ أشكو لوعتي وأنوحُ
كمْ في الفؤادِ بقيتُ أكتمُ لوعتي
وحنينُ حبيَّ في الهوى مفضوحُ
يا سيديْ لغةُ الغرامِ بها انطوى
سرٌ له في الخافقينِ شروحُ
يا سيدي ناجاكَ قلبيَ والمدى
من سكرةِ الحبِّ الشغوفِ جَموحُ
طه أتيتُكَ والهوى يجتاحُنيْ
وعلى فؤاديَ دمعيَ المسفوحُ
يغلي اشتياقي في وريدِ قصيدتي
وأنا على نارِ الجوى مذبوحُ
وَلَهُ الحبيبِ يصوغني أنشودةً
يغدو بها موجُ الوفا ويروحُ
طه وفي كلِّ الجوارحِ شهقةٌ
ويطيرُ بيْ نحْوَ الحبيبِ مديحُ
طه وتلتفتُ الحروفُ بلهفةٍ
وإلى مقامِكَ ترتقيْ بي الريحُ
طه ويرتدُ الصدى في خاطري
ضوءًا من الفرجِ القريبِ يلوحُ
طه نحرتُ على يديكَ قصيدتي
وفِدَاكَ قلبيْ في الهوى والروحُ
منك استقى حرفي دموعَ صبابتي
والشعرُ من فيضِ الهوى ممنوحُ
طه ارتوتْ من نبعِ حبكَ أدْمُعيْ
وَلَهاً لهُ في خافقيَّ فتوحُ
يا نورَ هذا الكونِ في إشراقِهِ
حرفي أنا في ذكرِكَ الممدوحُ
يا من هو المصباحُ في ظُلَمِ الأسى
ولِخَاطِري من كلِّ دا ترويحُ
روحي التي من نبعِ حبِّكَ ترتوي
عشقاً لها في مقلتَيْكَ نُزوحُ
وأنا هنا هامتْ بذِكرِكَ مُهْجتِي
بمقامِ قدسِكَ طابَ ليْ التسبيحُ
صلَّتْ عليكَ جوانحي وجوارحي
يرقى بها معنى الهوى ويفوحُ
ذاك الحسين
أنا في جبين الحزن جرحٌ نازفٌ
تبكي وتلطم خدها مأساتي
ويلفني بجراحه وجعٌ له
تطوي المدى وتهزه آهاتي
وطني الجريح تناثرت أشلاؤه
ضمّدته وطويته بشتاتي
بلدي كبنت الأكرمين أسيرة
يجتاحها موج الظلام العاتي
من كربلاء مصائبي الكبرى أتت
من ذلك الجرح النزيف الآتي
أوّاه كم قلبي يضج به الأسى
وتجوب في أفق البلى أنّاتي
ويلومني من لو رأى ما ذا جرى
عاف الملام وأسبل العبراتِ
ذاك الحسين مضرجٌ بدمائه
حزناً عليه تخونني عبراتي
ذاك الحسين يزفه أحبابه
نحو الجِنان بحرقةٍ وثباتِ
ذاك الحسين بطهره وجلاله
يهدي الوجود نسائماً عطراتِ
أنا يا حسين مصائبٌ لم تنتهِ
كم ذقت من غدرٍ ومن نكباتِ
كم مزقتني في هواك مكائدٌ
كم تهت في همي وفي حسراتي
لكنني مهما استطال بي الأسى
صلبٌ أنا متماسكُ الخطواتِ
قلبي أنا رغم المصائب شامخٌ
منك استقيت تجلدي وثباتي
أمضي على درب الإباء مجاهداً
بدم الشهادة رفرفت راياتي
وتلوتها هيهات منّا ذلة
أسمعت آفاق الدُّنا آياتي
هيهات أن أرضى الخنوع ولم أكنْ
يوماً أعيش وزمرة الأمواتِ
أنا يا حسين بك استبان لي الهدى
بك أهتدي في يقظتي وسباتي
منك اهتديت لأن أثور مجاهداً
وأخوض في نيل العلا الغمراتِ
منك البرية تستمد حياتها
ويضيء هديك حالك الظلماتِ
واستنشقت منك الكرامة نبلها
لتنير جرحي أطيب النفحاتِ
صليت في محراب مجدك خاشعاً
أتلوك في جهري وفي خلواتي
أنا في دمي تجري تلاوة هديه
ديني الإباء وراتبي وصلاتي
درب الحسين شريعتي وعقيدتي
وبصيرتي ومعزتي ونجاتي
وأود أن أقفو خطاه وأرتضي
بذل النفيس بميتتي وحياتي
صوتُ الحسين
هزَّ الوجودَ شعارُ الحقِّ مُذْ صدحَا
مِنْ قلبِ مَنْ بِهُداهُ ربُّنا فتحَا
مِنْ أرضِ مران صوتٌ للحسينِ علا
يأبى الخنوعَ لمن في عُهْرِهِ افتضحَا
أحيا القلوبَ بدينِ اللهِ علَّمَها
أنَّ الجهادَ إباءٌ بالهدى اتشحَا
مكرُ اليهودِ وليُّ اللهِ يفضحُهُ
وكشفُ زيفِ العِدا في نهجِهِ اتضحا
عبدُ المليكُ يقودُ اليومَ أمَّتَهُ
الله كم بيَّنَ الأحداثَ، كم شرحَا
تكالبَ الكُفْرُ مِنْ أعداءِ مِلَّتنا
مِنْ كلِّ صَوْبٍ علينا في الورى نَبَحَا
بنفطِهِ جمعَ الأعرابَ في صَلَفٍ
فهبَّ شعبي إلى الجبهاتِ مُنْشَرِحَا
بالموتِ هدَّدَنا الأعداءُ واتَّحدوا
ولعبةُ الموتِ صارتْ عندنا مَرَحَا
كم شعبُنا حَزَّ أرواحَ العِدا ومضى
كم للعدوِّ بميدانِ الوغى اكتسحَا
لِبَأسِ أنصارِ دينِ اللهِ قد عرفوا
هذا قتيلٌ وذا في غيِّهِ جُرِحَا
نحنُ الأسودُ إذا الطاغي اعتدى وبغى
مُسَالِمونَ إذا للصلحِ قد جَنَحَا
مَنْ قلبُهُ في إلهِ الكونِ مرتبطٌ
هيهاتَ أنْ يلتقي في درْبِهِ تَرَحَا
بِوَعدِهِ ربّنا الهادي تَمَسُكُنا
كم نعمةٍ ربُّنا المولى لنا مَنَحَا
وعنْ قريبٍ يفِرُّ الكفرُ منهزِمًا
وينتشي الكونُ مِنْ تأييدِنا فَرَحَا
مطلع النور
اخضرتِ الدنيا وضاء الفرقدُ
والكون كل الكون فينا عسجدُ
النورُ شعشعَ والسرورُ هنا احتفى
والبهجةُ الكبرى سناها المولدُ
والحفلُ عمِّ الأرضَ جمعا والسما
والكونُ مبتهجًا يضيءُ وينشدُ
ولدَ الهدى. ذكرى النبوة أشرقت
عمَّ السنا بقدومه والسؤددُ
خلع الجلال بها المحبة تكتسي
دنيا الجمال بحسنه تتجددُ
هذا النبي المصطفى. خير الورى
ماحي الشقا. هادي الخلائقِ. أحمدُ
نورًا زكيًا هاديًا ومعلمًا
من نبعه كل الفضائل تولدُ
طابت شمائلُه الكريمة مصطفى
أصل المحامدِ. ذا الحبيبُ محمدُ
برحابه كل الخلائق تهتدي
برحابه تعنو النفوس وتسجدُ
برحابه قم وانتصب له خاشعًا
فرحابه روضُ النعيمِ ومسجدُ
برحابه استبشر وسبح وابتهل
واقبل ولا تلفت لعلك تسعدُ
صلِّ عليه. وتب إليه لما مضى
وابغِ النجاة هو الدليلُ المرشدُ
واسبل دموع الوجد في أكنافه
واغسل فؤادك. فُزْتَ أنتَ الأرشدُ
يا سيدي هذا النسيم معطرٌ
والطيبُ يسري نوره لا يخمدُ
شوقًا إليكَ حنينُنا يسمو بنا
والحبُّ فينا سيدي يتوقدُ
لك في حنايا الروح نبعٌ دافقٌ
لك في مسامات السرائرِ معبدُ
لك حبنُّا. يا سيدي لك نبضُنا
لك كل ما ندعو به، أو نحمدُ
لك ديننا. لك ذِكرنا. وصلاتنا
لك كل ما نسعى إليه ونقعدُ
هذا حبيبك في هواك متيمٌ
كأسير عشقٍ في الحياة مشرَّدُ
منك استقى في الحب من نبع الهدى
لا يرتوي شغفًا وأنت الموردُ
قل ذا الفتى في حبنا ذاق المنى
منّا له فيضٌ يدومُ وموعدُ
واقْبل لديك حنينه وأنينه
أنت له المأوى وأنت المقصدُ
*نقلا عن : المسيرة نت
في الأربعاء 20 مارس - آذار 2024 11:33:02 م