|
وسط استمرار عمليات قوات صنعاء العسكرية ضد الملاحة الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، عملت الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي على التقليل من شأن تلك العمليات، وعمدت إلى محاولة تشويه موقف «أنصار الله» سياسياً وإعلامياً على مدى الفترة الماضية، فضلاً عن تصيُّد أي حوادث أمنية لدفع اليمنيين إلى مناهضة موقف الحركة المساند للشعب الفلسطيني. واتجهت تلك الحكومة، أخيراً، نحو تحريض الرأي العام المحلي ضدّ «أنصار الله»، مستخدمةً وسائل الإعلام والذباب الإلكتروني لشيطنة الحركة، والسعي إلى تبديد التأييد الذي حصلت عليه الأخيرة على المستويين المحلي والإقليمي، جراء إعلانها الانخراط في معركة «طوفان الأقصى»، واستمرارها في شنّ الهجمات الجوية الموجهة نحو عمق الكيان الإسرائيلي، وكذلك تصاعد عملياتها البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، والتي اتسعت حديثاً من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي. ويأتي ذلك بعدما فشلت حكومة عدن في إقناع واشنطن ولندن، بدعمها عسكرياً على نحو عاجل لتفجير الأوضاع الداخلية، والانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ قبل نحو عامين.وفي وقت تسكت فيه تلك الحكومة عن عدوان الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين نفذتا أكثر من 440 غارة جوية على أراضي اليمن منذ 11 كانون الثاني الفائت، سارعت إلى استنكار حادثة في محافظة البيضاء التي تشهد تحركات أمنية مستمرة بسبب نشاط التنظيمات المتطرّفة، وعلى رأسها «القاعدة» و«داعش»، فيها. وبعدما قُتل نحو 12 مدنياً، مساء أول من أمس، في خضم حالة فوضى أعقبت كميناً تعرض له رجال الأمن التابعون لحكومة صنعاء، وأدى إلى مقتل عدد منهم، سعت حكومة عدن إلى استغلال الحادثة بشكل مبالغ فيه، عبر الربط بين ما حدث في مدينة رداع في المحافظة، وموقف «أنصار الله» المساند للقضية الفلسطينية. ورغم أن الحركة قابلت الحادثة بإجراءات ضد المتسبّبين بها من الجهات الأمنية، وفقاً لما أعلنته على الأقل، إلا أن السلطات الموالية لـ«التحالف» كرّرت دعوتها «المجتمع الدولي» إلى الوقوف إلى جانبها لتفجير الحرب مرّة أخرى، والسيطرة على المحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله».
السلطات الموالية لـ«التحالف» كرّرت دعوتها «المجتمع الدولي» إلى الوقوف إلى جانبها لتفجير الحرب مرّة أخرى
وكانت وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ، والتي سبق لها أن أعلنت مطلع الشهر الجاري إحباط ما سمّتها «مؤامرة أميركية نفّذتها التنظيمات الإرهابية» في المحافظة ذاتها، عبّرت عن أسفها لسقوط ضحايا مدنيين. وأوضحت في بيان، أمس، أن ما حدث هو أن عدداً من رجال الأمن تعرّضوا لكمين مسلّح مساء الأحد الماضي، من قِبل «خارجين عن القانون»، أثناء قيامهم بدورية أمنية في مديرية رداع التي كانت أحد معاقل تنظيم «القاعدة» في البيضاء، ما أدى إلى مقتل عناصر الدورية. وكردة فعل وصفتها الوزارة بأنها «غير مسؤولة»، وخلال «نزول حملة لملاحقة المعتدين، استخدم بعض رجال الأمن القوة المفرطة، حيث حاصروا منزل الجناة الخالي من السكان في وسط رداع، وقاموا بتفجيره، ما أدى إلى تهدّم عدد من المنازل الشعبية الملاصقة له، وسقوط ضحايا من المواطنين».
من جهته، أكد مصدر محلي في البيضاء، لـ«الأخبار»، تعرّض أربعة منازل لأضرار بالغة جراء تفجير منزل الجناة. وعلى خلفية ذلك، وجّهت حكومة صنعاء وجّهت بإيقاف كل القيادات الأمنية العليا الضالعة في الحادثة، وإحالتها إلى التحقيق. كما وجّه قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، بسرعة تعويض ملّاك المنازل المتضرّرة، مقدّماً تعازيه لأسر الضحايا. أيضاً، توجّه وفد رفيع من قيادات «أنصار الله» إلى البيضاء لاحتواء تداعيات الحادثة، والتقاء مشايخ المحافظة ووجهائها، والاطلاع على مسار التحقيقات مع المتورطين، والوقوف على ترتيبات تعويض أسر الضحايا.
وفي ما يسلّط ضوءاً على دور للاستخبارات الأميركية في محاولات إثارة البلبلة في مناطق سيطرة صنعاء وتحديداً في محافظة البيضاء، بدأ الباحث سيف المثنى، الذي يعمل في «مركز واشنطن للدراسات اليمنية»، وهو واحد من أذرع الاستخبارات الأميركية، توزيع مقطع فيديو للحظة انهيار منزل خلال الاشتباك في مدينة رداع، على المنظمات الدولية كافة، إضافة إلى ترتيب بثه في قاعة الكونغرس الأميركي خلال جلسة خُصصت للتحريض ضد «أنصار الله»، وخصوصاً أن تسويق الحادثة يتزامن مع تحشيد أميركي لتصعيد عسكري في اليمن، لا يزال إلى الآن في إطار السيناريوات المحتملة.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية
في الجمعة 22 مارس - آذار 2024 11:55:11 م