|
يبقى الإمام علي بن أبي طالب أبدَ الدهرِ النموذجَ الأكمل في حفظ حقوق الناس وكرامتهم، إذ سخر حياته كلها لهذا الهدف، ولما بايعه المسلمون أميراً للمؤمنين، وأصبح المعني الأول بحاضر ومستقبل دولة الإسلام والمسلمين؛ عمل جاهداً على جعل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والثقافي والقضائي والأمني والعسكري انعكاساً طبيعياً لمفاهيم الإسلام وقيمه ومبادئه وأحكامه وشرائعه، إلى الحد الذي جعل كل الأقطار والأمصار الداخلة ضمن حكمه كرم الله وجهه؛ قائمةً على الحرية المطلقة التي لا يمكن أن تتحقق العبودية لله تعالى، الخالية من كل أنواع وأشكال الشرك والوثنية إلا بها، منطلقةً من منطلق الإيمان والتقوى، منضبطةً بضوابط العدل والمساواة، كما أن مَن يتأمل في فكر إمام المتقين عليه سلام الله، سيجد أن الموضوع الوحيد الذي أخذ الحيز الأكبر في خطبه وكتبه وكلماته وحكمه ووصاياه هو؛ موضوع حقوق الإنسان كإنسان، بعيداً عن العرق واللسان واللون والمعتقد، بل لقد جعل هذا الموضوع كرم الله وجهه، قاعدةً أساسيةً لإعداد وبناء الإنسان المسلم المؤمن، والذي لن يكون لإسلامه أو إيمانه معنى إذا لم يكن هذا الموضوع بالذات هو الإطار الذي يحتوي كل المبادئ والقيم المعبرة عن انتمائه الإسلامي والإيماني.
نعم لقد أدرك الإمام علي بن أبي طالب عليه سلام الله ورحمته ورضوانه من موقع التزامه بالقرآن، وسيرته بسيرة خاتم أنبياء الله ورسله صلوات الله عليه وآله؛ أن الإنسان المسلم الإسلامَ الحقيقيَ هو الذي يتبنى العدل والمساواة كمشروع فكري وعملي في جميع ميادين الحياة، ولا ينفك عن حمايتهما، والدفاع عنهما حتى وإنْ تطلب الأمر منه أنْ يضحي بحياته لكي يصبح هذان البعدان حاكمين للواقع الإنساني كله.
إن العدل والمساواة هما الكفيلان بإيجاد مجتمع قوي ومتماسك، قادر على بلوغ المستحيل نهضةً ورقياً وتقدماً في مختلف المجالات، وبذلك يتم الوصول إلى مرحلة البناء والإيجاد للدولة العادلة القوية.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 31 مارس - آذار 2024 06:44:55 ص