|
في ظل تصاعد المعركة البحرية بشكل كبير قبالة اليمن في الأيام القليلة الماضية، أعلنت البحرية الأميركية سحب حاملة الطائرات «يو إس إس آيزنهاور» والمدمرة «يو إس إس غريفلي»، من البحر الأحمر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد أربعة أشهر من انتشارها هناك.وقالت البحرية على موقعها الإلكتروني إن «آيزنهاور» و«غريفلي»، عبرتا قناة السويس، أمس، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط بعد مغادرتهما البحر الأحمر. ولم يتضمن المنشور تحديد مواقع القطع البحرية الأخرى التي كانت نُشرت في البحر الأحمر في إطار محاولة وقف هجمات حركة «أنصار الله» ضد السفن الإسرائيلية.
وكثّفت صنعاء هجماتها العسكرية ضد السفن الإسرائيلية والبوارج الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، خلال الساعات الماضية. وأكّدت مصادر ملاحية مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن جنوب البحر الأحمر شهد أكثر من اشتباك بحري، فجر أمس، حيث شنّت القوات اليمنية هجمات بواسطة طائرات مُسيّرة تجاه أهداف عسكرية، لتُسمع أصوات انفجارات بالقرب من مضيق باب المندب. وفي أعقاب ذلك، كثّف الأميركيون عمليات الاستطلاع الجوية في سماء مدينة الحديدة، وفوق سواحل المحافظة الواقعة على البحر الأحمر، فضلاً عن تحليق الطيران الأميركي التجسّسي فوق سواحل محافظتي حجّة وصعدة. إلا أن هذا التحليق توقّف بشكل مفاجئ إثر أنباء عن إسقاط طائرة تجسّس أميركية من نوع «أم كيو 9» فوق صعدة بصاروخ أطلقته حركة «أنصار الله».
وعلى رغم عدم إعلان صنعاء بشكل رسمي عن العملية، إلا أن ناشطين في محافظة صعدة تداولوا مقاطع فيديو لعملية الإسقاط، عادّين ذلك رسالة إلى قائد القوات الجوية الأميركية، الفريق ديريك فرانس، الذي يزور السعودية منذ يومين، في ظل إعلان القيادة المركزية الأميركية وصول طائرات «أف 16» المقاتلة من قاعدة «أفيانو» الجوية في إيطاليا، إلى مكان غير معلوم داخل منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية. لكنّ أكثر من مصدر في صنعاء تحدث عن أن الطائرات الحديثة نُقلت إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية.
وفي أكثر من مسرح عسكري، دشّنت القوات البحرية اليمنية، خلال اليومين الماضيين، فصلاً جديداً من الهجمات البحرية. وهي أعلنت، على لسان المتحدث باسمها، العميد يحيى سريع، تنفيذها خمس عمليات في غضون ساعات، ضد سفن تجارية إسرائيلية وأخرى عسكرية أميركية وبريطانية، بعد إعلانها، مساء أول من أمس، عن عملية جوية ضد أهداف متعدّدة في مدينة إيلات بواسطة عدد من الطائرات المُسيّرة، مؤكدة استمرار هجماتها حتى وقف الحرب ورفع الحصار عن غزة. وفي المقابل، أعلنت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أنه تم، صباح أول من أمس، إطلاق صاروخ باليستي مضاد للسفن من المناطق التي تسيطر عليها «أنصار الله» في اليمن في اتجاه خليج عدن، مضيفة أنه «لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو سفن التحالف أو السفن التجارية». وقالت القيادة إن قواتها تمكّنت، بعد ساعات من ذلك، من «تدمير سفينة سطحية ومركبة جوية من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن»، مشيرةً إلى أنهما كانتا تمثلان «تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة».
ومساء أمس، ذكرت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري إنها على دراية بحدوث واقعة على بعد نحو 15 ميلا بحريا جنوب غرب مدينة المخا اليمنية.
وسبق أن أكدت قوات صنعاء، مساء أول من أمس، تمكّنها من استهداف السفينة الإسرائيلية «داروين» التابعة لشركة «أم أس سي»، بعدد من الصواريخ البحرية والطائرات المُسيّرة في خليج عدن. وتزامن ذلك مع تعرّض سفينة يونانية وأخرى إيطالية، وفق أكثر من مصدر، لهجومين في البحر الأحمر، وهو ما دفع بقائد عملية «أسبيدس» الأوروبية التي تنتمي إليها السفينتان، الجنرال فاسيليوس غريباريس، إلى التواصل مع الحكومة الموالية لـ»التحالف» في عدن، وعقد لقاء عبر الفيديو مع وزير دفاعها، محسن الداعري، ناقشا خلاله خطورة التصعيد العسكري ضد السفن الأوروبية. وقالت مصادر تابعة لحكومة عدن، لـ»الأخبار»، إن غريباريس حاول معرفة قدرات تلك الحكومة على الإسهام في تأمين خليج عدن، ولا سيما أن عدداً من العمليات التي نُفّذت من قبل قوات صنعاء جرت على مقربة من سواحل عدن. ووفقاً لوكالة «سبأ» - نسخة عدن -، فإن الداعري أكّد أن عمليات البحر الأحمر لن تتوقّف إلا في حال تعاملت الدول الأوروبية مع مطالب حكومته بدعمها بالسلاح بجدية، لكي تقوم بواجبها في تأمين البحر الأحمر وطرق الملاحة الدولية.
وتزامن كل ذلك مع فشل جولة جديدة قام بها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى المنطقة، على خلفية ما قالت صنعاء إنها محاولات واشنطن ولندن إقحام الصراع في البحر الأحمر في «خارطة الطريق» للسلام في اليمن. وقال مصدر مسؤول في وزارة خارجية حكومة الإنقاذ، وفق ما نقلته وكالة «سبأ» الرسمية، فجر أمس، إن الأمم المتحدة تدرك أن «خارطة الطريق» تم التوصل إليها مع الجانب السعودي، ولا علاقة لها بأحداث غزة، مشيراً إلى رفض حكومته أي تدخّلات أميركية أو بريطانية في مسار السلام، كونها في مواجهة عسكرية مع الدولتين اللتين تساندان إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن. وترافقت هذه التصريحات مع أخرى مماثلة لعضو وفد صنعاء المفاوض، عبد الملك العجري، في منشورات على منصة «إكس»، اتهم فيها واشنطن بإعاقة مسار السلام من جديد، عبر تشبّثها بربط هذا الأخير بوقف عمليات «أنصار الله» ضد سفن الكيان الإسرائيلي.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية
في السبت 27 إبريل-نيسان 2024 11:11:36 م