|
أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تأييدها المطلق للعدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، واتسمت علاقة الفاشي نتنياهو وبايدن بالحميمية والاتفاق التام على العدوان في القطاع بينما روجت وسائل الإعلام الغربية والتصريحات الأمريكية على أن علاقة الرئيس الديمقراطي بعد سبعة أشهر من العدوان أصيبت بشرخ عميق بسبب اجتياح رفح المكتظة بالنازحين.
وخلال مسيرته الطويلة، لم يُخفِ بايدن تأييده للكيان الصهيوني، كما جمعته علاقة وثيقة بنتنياهو الذي يناديه باسم الدلع "بيبي"، ومع إرسال الكثير من الذخائر والعتاد والأسلحة الأمريكية للكيان الغاصب ما يكفي لاجتياح أكبر الدول، لوح الرئيس الأمريكي خلال الشهور الماضية للمرة الأولى، بتعليق بلاده بعض الدعم العسكري لهذا الكيان، في محاولة فاشلة لدفعه إلى الامتناع عن شن هجوم واسع على المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة.
ووضع بايدن نفسه في موقف محرج بين الانتقادات المتزايدة في الداخل الأمريكي على خلفية الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني منذ بداية العدوان على غزة، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وعدم الضغط الكافي لمنع العدو الصهيوني ونتنياهو عن مهاجمة رفح.
وروج المسؤولون الأمريكيون في إدارة بايدن خلال الفترة الماضية بأن تهديدات نتنياهو منذ أشهر باجتياح رفح، هي خطابا للاستهلاك أكثر منه للتطبيق، وعندما اكتمل العد التنازلي لاجتياح رفح تحدثوا أنهم لمسوا في مباحثاتهم الأخيرة مع نتنياهو جدية في المضي بهذا الهجوم رغم التحذيرات الأمريكية والدولية.
وفي خطوة لاسترضاء الرأي العام الداخلي وتخفيف حدة مجموع الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية المؤثر على الانتخابات الرئاسية المقبلة ولتحسين الصورة أمام الرأي العام الخارجي، بعد موجة من الانتقادات للبلد الذي طالما تغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وقبل اجتياح رفح، كشف بايدن في تصريحات لشبكة "سي إن إن"، أنه سيمتنع عن تزويد الكيان الصهيوني بالقنابل وقذائف المدفعية، ولكن ذلك جاء في الوقت الذي كانت إدارته قد أكدت في السابق أنها أرسلت آلاف القنابل لسلاح الجو يكفي بحسب نتنياهو نفسه لاجتياح مدينة رفح جنوب غزة.
وفي ظل المفاوضات لوقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحركة حماس والاجتياح الصهيوني لمدينة رفح وتبعاتها الكارثية الإنسانية، تواجه إدارة بايدن معضلة حقيقية "سياسية وأخلاقية وإنسانية" أمام الرأي العام الداخلي والخارجي والعالم، خاصة مع الانحياز التام للعدو الصهيوني وتأييدها للعدوان والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والمشاركة الفعلية ومنع وقف إطلاق النار التام.
والأربعاء الماضي، أصدرت الإدارة الأمريكية تقريرها، حول انتهاك الكيان الصهيوني استخدام أسلحة أمريكية في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وزعم تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن لم تجد أدلة كافية على وجود انتهاكات كإخلال الكيان الصهيوني بمبدأ عدم استخدام الأسلحة الأمريكية في حرب الإبادة التي تشنها على غزة.
كما زعم التقرير أن الولايات المتحدة لم تتمكن من التوصل إلى "أدلة قاطعة" على أن الكيان الصهيوني استخدم الأسلحة الأمريكية بطرق لا تتفق مع القانون الانساني الدولي في حرب غزة التي خلفت أكثر 35 ألف شهيد، 72 في المائة منهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى عشرات آلاف الجرحى وأكثر من عشرة الآلف مفقود، ودمار هائل وغير مسبوق شمل 50 في المائة على الأقل من منازل المواطنين في القطاع.
وقال تقرير الخارجية الأمريكية: "قد يرى البعض أن "إسرائيل" استخدمت أسلحتنا في حالات تتعارض مع التزامها بالقانون الدولي"، لكنه أكد أنه "لا معلومات كاملة لدينا".
وأشار إلى أن "(إسرائيل) لم تتعاون بشكل كامل مع الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.. ولم تتعاون بما يكفي لتحسين الوضع الإنساني في القطاع، وأنها اتخذت إجراءات امتثالا للقانون الدولي" في حرب الإبادة على غزة.
وبعد مرور سبعة شهور على العدوان والإبادة الجماعية الصهيونية ضد قطاع غزة، قال المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع إن العدو الصهيوني ارتكب (3.094) مجزرة مُخلفة (44.844) شهيدا ومفقودا.
وأكد المكتب أن (15.002) وطفلين استشهدوا بينهم 30 استشهدوا نتيجة المجاعة.
ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي أن (9,893) سيدة استشهدن جراء قصف العدوان الصهيوني وأن ثمة سبعة مقابر جماعية هي من بين جرائم العدو الصهيوني داخل المستشفيات.
وعثرت السلطات الفلسطينية الصحية في غزة على جثمان 520 شخص تم انتشالهم من سبع مقابر جماعية داخل المستشفيات.
وأكد المكتب أن الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة بلغت 33 مليار دولار حتى الآن.
ويثير عدد من المشرّعين الديمقراطيين على رأسهم السيناتور بيرني ساندرز مسألة تجميد وقطع المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني.. مؤكداً أن مساعدة هذا الكيان في الدفاع عن نفسه، يجب ألا يعفي الولايات المتحدة من مسؤوليتها في محاسبة الدول التي تتلقى الأسلحة الأمريكية حينما تخالف القوانين الأمريكية.
وتشير التقارير الدولية الصادرة عن مراقبي أوضاع حقوق الإنسان والخبراء القانونيين، إضافة إلى مذكرات مسربة من وزارة الخارجية، إلى أن الكيان الصهيوني بالفعل ارتكب مخالفات، وانتهك القوانين.
ويُعد الاعتراف بأن الكيان الصهيوني يعوق وصول المساعدات الإنسانية، انتهاكاً للمادة 620I من قانون المساعدات الخارجية، واعترفت الإدارة الأمريكية بأن الكيان الصهيوني انتهك القانون، وأنه قيد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو أمر اعترف المسؤولون الأمريكيون بحدوثه بالفعل، وأن هذا الكيان نفذ ضربات عسكرية على مستشفيات ومدارس، وألحق الضرر بالمدنيين.
وقد أعرب سياسيون من كلا الحزبين عن مخاوفهم والتحديات التي يواجهها بايدن في كلتا الحالتين، فهو لن يخرج سالماً من تبعات هذا التقرير.
وكتب 88 عضواً ديمقراطياً في الكونغرس رسالة إلى الرئيس بايدن، الجمعة الماضي، للتعبير عن اعتقادهم أن هناك أدلة كافية على أن القيود التي يفرضها العدو الصهيوني على تسليم المساعدات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة تنتهك القوانين الأمريكية والدولية.
وحثت الرسالة التي قادها النائب جيسون كرو الديمقراطي من كولورادو وعضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، على أن تقوم إدارة بايدن بتعليق نقل الأسلحة للكيان الصهيوني.
وشددت الرسالة على أن العمليات العسكرية الصهيونية التي يخطط لها العدو الصهيوني في رفح بجنوب قطاع غزة، ستؤدي إلى عواقب إنسانية كارثية بما سيكون بمثابة خط أحمر.
ويرى محللون أن تاريخ العلاقة الشخصية بين بايدن ونتنياهو، لن ينعكس بالضرورة على مصالحهما السياسية لكن المحللين يشيرون إلى أن بايدن الذي اعتبر الهجوم الصهيوني الواسع في رفح "خطاً أحمر" للولايات المتحدة لم يتم تجاوزه بعد، "ترك الباب مفتوحا أمام نتنياهو للتراجع عن هجوم واسع في رفح".
* نقلا عن :سبأ نت
في السبت 11 مايو 2024 09:15:41 م