|
تتراكم الأحداث والملمات في أصقاع الوطن العربي الكبير وتجار السياسة في المنطقة يلهثون وراء اجتماعات مع وزراء غربيين بريطانيين وأمريكيين وغيرهم دون جدوى.
في الرياض مثلا، وفي عواصم عربية أخرى، عقد الكثير من هذه الاجتماعات، وكلها لم تخرج بأي طرح إيجابي لحل أو حلحلة القضية الفلسطينية، على مستوى الوضع الكارثي في غزة، أو قل حتى إكمال مشاريع صفقات الهدنة التي لم تستجب لها «إسرائيل» ولو بالحد الأدنى، ولم تراعِ أو تأبه لكافة الأوضاع والضغوطات التي تحاصرها، لا من الرأي العام الداخلي المتمثل بحراك أهالي الأسرى كما هو الوصف الشائع، ولا من الضغط الإقليمي الذي تدعي بعض دول المنطقة ممارسته على الكيان بطرقها الخاصة، ولا حتى من الضغط الدولي الذي تمارسه بعض دول الغرب وعلى رأسها أمريكا بكل نعومة وخجل واستحياء حد احمرار الخدود.
كل هذا يدل على مضمون واحد فقط، هو أن «إسرائيل» تستند إلى قاعدة متينة في ممارستها الإجرامية في غزة، وهناك أضواء خضراء من أكثر من مستوى، كلها تدعم وتؤيد تصفية القضية الفلسطينية برمتها، وما يأتي هذا التنكيل إلا ضمن سلسلة إجراءات ومحطات تستهدف تصفية القضية وإعلان بيان نعيها، والتي كانت محطة «أوسلو» وإجراءاتها جزءاً منها، بل وأخطر مرتكزاتها وأحد منعطفاتها، بما ألقته من ظلال ونجم عنها من آثار، وبالذات على مستوى الفصائل الفلسطينية واشتداد الصراع بينها نتيجة ذلك الاتفاق.
في كل تلك الاجتماعات الماراثونية التي عقدت بين أطراف المؤامرة «الغرب عربية»، سواءً في عواصمها العربية أو الأخرى الغربية، على مدى سبعة أشهر والطروحات كلها تشتد وتتركز وتتمحور بكثافة على فكرة جوهرية هي مسألة التطبيع المطلق والمعلن مع الكيان، وبالذات من قبل دول النفط الكبرى والتي تعتبر عمليا وإجرائيا مطبعة تطبيعاً كلياً مع الكيان.
غير أن مضمون جوهر التطبيع المطلوب حالياً هو الاعتراف المطلق بـ«إسرائيل» كدولة محورية في المنطقة، من خلال إقامة مشاريع اقتصادية عملاقة تكون هي، أي «إسرائيل»، المخطط والموجه والمستفيد الأول من تلك المشاريع، ومن ورائها دول الغرب المهيمنة. وهذا يأتي ضمن سياق تطلعات دول وأمراء في المنطقة لإثبات وجودهم وإنجاح مشاريعهم الخاصة التي أعلن عنها سابقا، وعلى رأس كل تلك المشاريع والأشخاص مشروع ابن سلمان وشخصه.
في هذا الاتجاه حاولت ومازالت أمريكا بالذات أن تطمّع الرجل وتقنعه بأن مشروعا كهذا بحاجة إلى تسوية الوضع في المنطقة من خلال تصفير وتجفيف بؤر التوتر والنزاع والتي تحتاج إلى أموال وإمكانات وإجراءات، بل وعمليات جراحية سابقة إن استدعى الأمر، وهذا ما جعله يتجشم المستحيل كي يصل إلى هدفه، وفي طريقه تلك اعتسف معظم قيادات وساسة المنطقة ونافذيها. ولا ندري إلى ما سيؤول إليه الوضع بهكذا اعتساف.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 12 مايو 2024 12:55:34 ص