|
يشهد العالم أكبر حرب تضليل وتزييف في التاريخ المعاصر بشأن العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وما يتخلله من مجازر وإبادة جماعية وسياسة تجويع ممنهجة، مع تأثير واستقطاب وتلاعب بالرأي العام من قبل وسائل الإعلام الغربية التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي وهي حرب "لم يتوقع حجمها أحد".
ولقد خرجت وسائل الإعلام الغربية وفي مقدمتها الأمريكية عن التقاليد المهنية والحيادية الإعلامية والمصداقة الذي كانت تتغنى لسنوات بها، فتبنت الرواية الصهيونية، وعمدت تلك الوسائل الى تبني الأخبار الزائفة وحملات التضليل في تشكيل الروايات والسرديات بشأن أحداث الحرب، والمآسي الناجمة عنها، فضلاً عن التلاعب بانطباعات المتابعين وعواطفهم.
وتعرضت وسائل الإعلام الغربية لوابل من الانتقادات بسبب تغطيتها الأحادية الجانب والمنحازة للعدو الصهيوني في عدوانه المتواصل على غزة، والذي تسبّب بانتشار المعلومات المضلّلة، وهذا ما يشكل تحديا أساسيا اليوم لمواجهة هذه الحملة الإعلامية الشرسة التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية مع تقدم برمجيات الذكاء الاصطناعي.
وشهدنا استهداف حملات التضليل للصحفيّين وتضارب الروايات الإعلامية والرقابة والأخبار الكاذبة والتضليل الإعلامي وحشد الرأيّ العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد تطرقت العديد من الندوات عن دور الإعلام الرقمي في تغطية الحرب العدوانية المستمرّة على قطاع غزة والى قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، ولطالما كان تاريخ الشعب الفلسطيني أحد الموضوعات الأساسية وإلى التباين في التغطية الإعلامية بين وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي.
لكن مع ذلك كشف العديد من النقاد أنّ الكثير من المؤثّرين على وسائل التواصل الاجتماعي خارج فلسطين استخدموا منصّاتهم من أجل تسليط الضوء على ما يجري هناك، وقد استقطب هذا المحتوى الخام ملايين المشاهدات وأسهم في نشر الوعي حيال الظروف المفجعة التي يرزح تحتها الفلسطينيون.
ناهيك عن التغطية التي يقوم بها مراسلون من داخل غزة نفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما ساعد على "أنسنة" الفلسطينيين في أعين المشاهد الخارجي وإلى التحوّل الكبير في السردية العالمية بفضل النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من التغطية أحادية الجانب والرقابة التي تمارسها وسائل الإعلام الغربية.
وأثار النُقاد مسألة تأطير الحرب على غزة وسرديات التغطية الإعلامية لأنها أداة مهمّة تُستخدم لتوجيه الرأي العام، فيمكن التحكّم بالمعلومات من خلال الاستخدام المتعمّد لكلمات محدّدة أو الامتناع عن استخدام بعض الكلمات بغية التسويق لسرديّة معيّنة والمساعي الواسعة والمتعمّدة التي تبذلها وسائل الإعلام الغربية المؤيّدة للكيان الصهيوني من أجل تسليط الضوء على أحداث السابع من أكتوبر وفصل عملية "طوفان الأقصى" عن سياقها التاريخي.
وقد وصل هذا التعامي عن السياق التاريخي والتضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام التقليدية إلى دوائر صنع القرار السياسي، حيث غالباً ما يتم تجاهل السياق بما أنّه لا يتوافق مع الأهداف السياسية للساسة "الأمريكي والصهيوني".
ومع ذلك، بفضل تنامي التغطية الشفافة من قبل وسائل الإعلام الإقليمية والمراسلين المستقلّين على الأرض في غزة، بدأ الناس يشكّكون أكثر فأكثر في تحيّز وسائل الإعلام الغربية ويتجهون نحو المصادر المحليّة.
وأشار النقاد الى الفرق بين المعلومات الخاطئة والمعلومات الكاذبة، وكيفية استخدام المعلومات كسلاح في إطار التغطيّة الإعلامية العالمية للحرب على غزة.
وشرح النقاد أنّ "المعلومات الخاطئة" تعني نشر أخبار غير صحيحة من دون قصد، فيما "المعلومات الكاذبة" تعني النشر المتعمّد للأخبار الخاطئة بهدف التسبب بأذى.
وقال النقاد: إنّ بعض الأطراف قد يلجأ إلى تكتيكات نشر معلومات كاذبة من أجل إضفاء الشرعية على الفظائع التي تمارسها وحشد الرأيّ العام لصالحها.. مُستذكراً المثال التاريخي عن الأخبار الكاذبة التي بثّها الأمريكيون أبّان الحرب على العراق من أجل تبرير حربهم غير الشرعيّة، ومشبّهاً إياها بالمساعي لتبرير الهجوم على قطاع غزة.
وبشكل عام، فإنّ نشر الأخبار الكاذبة الذي يتمّ برعاية الدول يُستخدم كوسيلة لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وللتأثير في الرأيّ العام العالمي من الأعمال العسكرية الصهيونية.
وشدد النُقاد على الأهميّة العالمية لوسائل التواصل الاجتماعي وانخراط الشباب.. داعين إلى إنشاء لوبي فلسطيني للضغط على صنّاع القرار في واشنطن.
وانتقد النقاد علمية تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع كيان العدو الصهيوني، على الرغم من الدعم العربي الشعبي للفلسطينيين الذي لا يزال راسخاً.
ورأى النقاد أنه على الرغم من تأييد الرأي العام في الكثير من الدول الغربية لوقف إطلاق النار، إلا أننا لا زلنا نفتقد للإرادة السياسة من أجل العمل على حلّ قابل للتطبيق.
ويشهد العدوان الصهيوني على غزة التجلي الأبرز والأحدث، والاستثمار الأوسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولة التأثير على الرأي العام وهذا الواقع يضع العالم الآن وجها لوجه مع تحقق أبرز المخاوف التي طالما أحاطت باستخدام الذكاء الاصطناعي، من ناحية قدرته على تزييف الواقع، ومدى الإقناع الذي قد يتمتع به، وتالياً مدى التأثير، وهو ما بلغ مؤخرا مرحلة جعلت العاملين في مجال تدقيق المعلومات ومحاربة الأخبار المضللة في حالة من العجز والتخبط، في مجاراة سوء استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل.
فمئات الصور والقصص والأخبار والمعلومات المزيفة، اجتاحت على مدى شهرين من العدوان مواقع التواصل الاجتماعي، واكتسبت انتشارا عالميا مرتبطا بالمتابعة الواسعة لمجريات الأحداث التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي فكان أمرا متوقعا، بالنسبة لمدققي المعلومات، الذين اعتادوا على ازدياد منسوب الأخبار الزائفة وحملات التضليل في أوقات الأزمات والحروب.
وأبرز أشكال التزييف كانت الصور والفيديوهات، بعضها صدّقها الناس بشكل كبير جدا، فيما كان التلاعب في بعضها الآخر واضحا فلم ينطل الأمر على الناس بصورة واسعة.
وأكد الخبراء أن روبوتات الدردشة قد "تشارك نظريات المؤامرة بطريقة أكثر مصداقية وإقناعا، بتقليل الأخطاء البنيوية أو الترجمات الخاطئة".. مشيرين إلى أنه لا يوجد "تكتيكات متاحة لرصدها بشكل فعال".
وأوضحوا أنه "لا توجد آلية واضحة من شأنها إلغاء التهديدات التي أوجدتها" روبوتات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
* نقلا عن :سبأ نت
في الثلاثاء 21 مايو 2024 10:26:25 م