|
لا يمكن للظالم أن يسود على الناس، ويمتلك رقابهم ويتحكم بمصائرهم ومعائشهم إلا بالدخول إلى عقول وقلوب أولئك الناس عن طريق الدين، وشيئاً فشيئاً يعمل على سبغ كل ممارساته الباطلة والظالمة والفاسدة بصبغة دينية، ولكن ليس هو دين الله، بل دين الفرعون، وكل مَن ينطلق باسم الله، وتلمس في حركته وقراراته وطريقة تعامله مع محيطه، أو الواقعين ضمن مسؤوليته ظلماً فهو كذاب.
من هنا نعرف لماذا تعتبر العدالة من المقومات الأساسية بل هي عمود ومحور تحقيق التوحيد الذي بعث الأنبياء والرسل لأجل تحقيقه على الأرض، وكانت أهم وسيلة لتحقيقه هو قيام العدل، والتوحيد ليس مجرد إيمان نظري بوحدانية الخالق، بل هو التزام نفسي وعقلي وسلوكي ومنهجي بالتوحيد سواء على المستوى الآني أو الاستراتيجي، كون نفي الشريك و الإقرار بالواحدية الأحدية الوحدانية لله تعالى، نظريا وعمليا له آثاره الدنيوية بل هو محور النظم في الدنيا وبوابته، فهو يحرر الإنسان نفسيا وعقليا من كل أنواع الهيمنة والسلطة والقيود التي تخرج عن دائرة الله وعدالته، وتجعل المثل الأعلى الذي هو الله المرجعية المعيارية في التقييم والنقد والتقويم، بما يصد كل أنواع النزعات السلطوية والاستبدادية وكل محاولات استعباد الإنسان لأخيه الإنسان.
فالتوحيد نظرية حكوماتية إلهية تؤسس لنظام غير استبدادي، يقوم محوره على العدالة، وقلبه ينبض بالرحمة، وأداوته القانونية تطبق بالتساوي على الجميع، وتؤمن بقيمة الإنسان وكرامته.
لذلك حوربت فكرة التوحيد سواء برفضها أو بتشويهها أو بحرفها عن مسارها الدنيوي وتطبيقاتها العملية، وجاء باسم الله مَن يعمل على استعباد عباده، لا تحريرهم.
يقول البروفيسور كاتاسونوف في أحد لقاءاته: «العبودية هي فعلا، مفهوم متعدد الأبعاد. تعريف العبودية الأول، الحرفي، هو «امتلاك الإنسان». إنسانٌ يمتلك إنسانا آخر، كملكية بموجب القانون. أما البعد الآخر لمفهوم العبودية، فهو العبودية الاجتماعية -الاقتصادية. وهي أن يستخدم شخصٌ شخصا آخر ويستحوذ على حصيلة نشاطه العملي أو الذهني, أي الاستيلاء على ناتج عمل الغير. والبعد الثالث، هو مفهوم العبودية الأكثر عمقا، أي العبودية الروحية والفكرية».
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 09 يونيو-حزيران 2024 09:04:36 م