|
• لم يكن السلطان عبد الحميد بعيدا عن التواطؤ في تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين ،في اتفاقه مع نبي الصهيونية هيرتزل ،فلقد نشر هرتزل كتابه الذي بث فيه مشروع الصهيونية قبل لقائه بالسلطان عبد الحميد ،مما يعني أن السلطان كان على اطلاع بمخططات الصهيونية ،وهو الذي كان يملك قرابة ثلاثين ألف مخبر (بصاص) ينقلون له كل شاردة وواردة ، مما وسم حكمه بالقمع والاغتيالات والدسائس الخ.بالرغم مما يتواتر من عبارات تنسب للسلطان ،يؤكد فيها تمسكه بفلسطين ،ورفضه للتفريط بشبر فيها !لكن التفريط تجاوز الأشبار بالأوطان !
• انخرط الشريف حسين عام 1916 م في الحرب العالمية الأولى حليفا لبريطانيا ،بشرط منح المشرق العربي استقلاليته تحت حكم الشريف حسين.
وكان الدور الذي قام به العرب وخاصة في العقبة دورا مرجحا لنصر بريطانيا وهزيمة ألمانيا وتركيا .
• لقد تم الاتفاق بين الشريف حسين من جهة وبريطانيا من جهة أخرى ،من خلال مكتبها العربي في مصر ،ومندوبها مكماهون،ولقد عكست مراسلات الشريف حسين ومكماهون طبيعة هذا الاتفاق الذي أرادته بريطانيا غامضا ،وتوهمه الشريف حسين وعدا قاطعا !
• لقد التزمت بريطانيا بمنح المشرق العربي استقلاله ووحدته بما في ذلك فلسطين، تحت حكم الشريف حسين ، لكن التزامها كان مطاطا ،ومراوغا ويضمر الخديعة والنكث بالوعود ، فبعد اتفاقها مع الشريف حسين كان عام 1917 م واتفاق بريطانيا « وعد بلفور » تصريح بلفور ،المشهور باسم مع زعيم الصهيونية آنذاك حاييم ويزمان على منحهم فلسطين وطنا قوميا لليهود ،وفي ذات التاريخ كان الاتفاق بين فرنسا وبريطانيا وروسيا على تقسيم (تركة الرجل المريض)الدولة العثمانية بينهم ،لكن انتصار الثورة البلشفية فضح سرية اتفاقية التقسيم الاستعماري (سايكس /بيكو) التي أخرجتها روسيا إلى العلن.
• لقد أنجز الشريف حسين دوره بنجاح ،ولولا هذا الدور لكان من الصعب الانتصار على ألمانيا وتركيا ،فلقد كان دوره محوريا في انتصار (العقبة) بحسب شهادة القائد العسكري البريطاني اللينبي.لكن بريطانيا نكثت بوعدها ،والتزمت بتنفيذ تصريحها للصهيونية بمنح فلسطين وطنا قوميا لليهود
،فالصهيونية ستخدم مشاريعها في المنطقة، والتزمت باتفاقية (سايكس / بيكو) كغنيمة استعمارية لها ولفرنسا .
• ظل الشريف حسين متمسكا بالوعود الغامضة التي حملتها مراسلاته مع مكماهون ،وكان مكماهون حريصا على جعل رسائله حمالة أوجه ،وبدلالات غير جازمة ومحددة ،لا بحدود الدولة التي ستمنحها بريطانيا للشريف حسين ولا بخصوص فلسطين.بل ووجدت فرنسا مدخلا لها كي تنتزع وتسلخ لواء الاسكندرونة لتمنحه رشوة لتركيا ،مقابل فك أي اتفاق بينها وبين العرب على محاربة فرنسا ،ووافق مصطفى كمال أتاتورك ،عائدا بالغنيمة ،ومنقلبا عن نداءاته وبياناته لعرب الشام والعراق كي يتحالفوا معه ضد فرنسا التي كانت تحتل مناطق تركية ،استردها ومعها جزء من الشام ،الاسكندونة وأنطاكية !
• أعلن الشريف حسين نفسه ملكا على العرب ،فما كان من بريطانيا إلاَّ أن دعمت رجلها عبد العزيز بن سعود الذي وقع اتفاقية معها عام 1915 م ،واستلم منها مرتبا سنويا مقداره ستون ألف جنيه ، فزحف أمير نجد ابن
سعود على الطائف فانتزعها عام 1923 م ثم المدينة ومكة عام 1924 م ،طاردا الشريف حسين إلى العقبة ، ثم خروج ابنه علي الذي كان قد تم تنصيبه ملكا على الحجاز في جدة ،لكن قرار بريطانيا كان حاسما في دعمها بالمال والسلاح لابن سعود ،الذي التزم لها بتنفيذ رغباتها وقراراتها ،وقد عززت علاقتها به باتفاقية أخرى عام 1927 م .
• تم نفي الشريف حسين إلى العقبة ،وبسبب دعمه لابنه الملك علي في حربه ضد ابن سعود ،تم نفيه إلى قبرص ،ولأن الرجل ظل يردد بأن بريطانيا ليس لها أخلاق ،وناكثة للوعود فقد عاملته في قبرص بالإذلال والتهميش، وحاصرته ماليا مما اضطرته الظروف للاستدانة كي يغطي مصاريف معيشته اليومية !
وأوعزت بريطانيا إلى حاكمها على قبرص باتباع سياسة الإذلال والقهر للشريف حسين ،فما كان من الرجل إلاَّ أن شعر بجرح نازف لكرامته ، وأصيب بشلل بسبب مرض تصلب الشرايين ، ونقل بعد توسلات من ابنيه عبدالله أمير شرق الأردن والملك فيصل إلى الأردن ،وهناك توفي عام 1931 م ، ليدفن في القدس …وكأن حياته تراجيديا مماثلة لنزيف فلسطين ،لهذا كان دفنه هناك.توفي الشريف حسين بن علي في ٤حزيران ١٩٣١ م ،فنقل جثمانه إلى القدس ودفن في ساحة الحرم الشريف من المسجد الاقصى ،ولعل دلالة دفن الشريف حسين في القدس بساحة الحرم الشريف من المسجد الأقصى استمرار لعناد هذا الملك الذي رفع للعروبة راية ،وتمسك بفلسطين ،رافضا لتصريح بلفور الذي قبله أبناه فيصل وعبد الله ،فما كان من بريطانيا إلا أن منحت عبد الله إمارة شرق الأردن ،وأعطت لفيصل ملك العراق،ودعمت ابن سعود كي يسيطر على الحجاز ،لتنفي الشريف حسين إلى جزيرة قبرص ،متعمدة إهانته وإذلاله ،كما يشير الى ذلك المفكر علي الوردي في كتابه قصة الأشراف وابن سعود ،الصادر بطبعته الثالثة عن دار الوراق عام ٢٠١٣ م. وبريطانيا في تلك المعاملة المهنية للشريف حسين كانت تعكس قيم المستعمر الذي لايفي بوعوده…
• ومن الشعراء الذين رثوه كان احمد شوقي وخليل مطران وشبلي ملاط وعبد الحميد الرافعي وشفيق جبري وفؤاد الخطيب ومحمد علي الحومانيومصطفى الغلاييني وسليمان الظاهر الخ.
• ومما قاله معروف الرصافي في رثائه : بدا وجه العروبة في حلوك غداة قضى الحسين أبو الملوك قضى متنازلا بعد اعتلاء كذاك الشمس تجنح للدلوك قضى في المجد ليس بذي نظير وفي العزمات ليس بذي شريك
• إلى أن قال: فقد ناح العراق عليك حزناوضج من الخليج إلى دهوك وناح المسجد الأقصى جميعا إلى أرض الشآم إلى تبوك
لقد
نزُّهتَ من غمز ولمز
كما نزُّهتُ من شعر ركيك
في الثلاثاء 12 مارس - آذار 2019 07:07:07 م