إن عظمة القيادة من عظمة المشروع نفسه، وعندما يكون المشروع قرآنياً، فإن القيادة - بلا شك- ستكون على أرقى درجة من المسؤولية والحكمة التي توافق واقع المرحلة الراهنة في حياة الأمة، وليس هناك من زمانٍ أو أمةٍ ما، إلا وقد اختصها الله بقيادة منه لتحقيق الغرض الإلهي المنصوص عليه في سورة آل عمران (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير....)، ولا قيمةَ لأمة بلا قائد، فموضع القيادة مقدس، ولذلك كان الأنبياء يدعون الله بأن يهب لهم من لدنه ولياً يرث أمر الأمة، حتى لا تنقاد للطغاة والمستكبرين.

وفي حالنا اليوم، نمتلك نموذجاً عظيماً يتمثل في السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ولم نكن قبله نشكل أمةً بالمفهوم القرآني، بل كنا همجٌ رعاع لا نعرف من الدين إلا البعض من العبادات الفردية، ونجهل أن الاعتصام والوحدة من الفرائض التي توعد الله من تركها بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة.

وبتولينا للسيد القائد، نكون قد تولينا الله ورسوله، بدليل أننا نجد أنفسنا دائماً في المكان الصحيح، حيث ينبغي أن نكون حسب ما تقتضيه التوجيهات اللإلهية، ولولا السيد القائد، لكان حال شعبنا اليوم كحال أغلب أبناء الأمة في إعراضهم عن فريضة الجهاد وسائر قضاياهم القومية، كقضية فلسطين التي نبذوها خلف ظهورهم خوفاً من الصهاينة، فأعقبهم بذلك ذلاً وامتهاناً على يد ثلةٍ من الحكام المستبدين.

البديل عن ذلك هو الطغاة والصهاينة، وأن تخسر الأمة هويتها الدينية بالتدريج، كما هو حادث اليوم في البلاد العربية على يد آل سعود وغيرهم من الحكام الصهاينة، وفي ذلك عبرة لمكن كان حريصاً على مبادئه وقضاياه القومية والمصيرية، فالأمة ليست أمة إن تخلت عن ثوابتها الدينية وبات أبنائها كالأنعام يلهثون خلف النزوات المصالح المادية، وعندها يتلاشى في ثقافتهم مفهوم الحق والباطل وتصبح الحياة بكلها مجرد صراع على السلطة، وحسب.

ولأن اليهود يدركون أهمية موقع القيادة في مشروع الأمة الإسلامية، عمدوا إلى إشغال المسلمين بالفتن المذهبية والإفساد الأخلاقي، وضرب كل ماهو مقدس في حياة الناس، حتى صار الحق والدين عندهم مجرد وجهة نظر لهم الحق في نبذها، وقد أسهم الإعلام العربي على نزع القداسة من الصراع الحالي بين الإسلام واليهودية، ليظهر وكأنه صراع جانبي بين طرفين متكافئين، ولقناة الجزيرة النصيب الأكبر في تمييع ثوابت الأمة عبر سياسة: "الرأي والرأي الآخر" التي نالت من كل مقدساتنا ولم يعد المدافع عن الإسلام والقضايا المرتبطة به سوى متحدث يحق له التعبير فقط عن رأيه، كما لليهودي الحق في ذلك.

ومن آيات الله التي تجلت على الأرض هي أن اليمن نجا من الإفساد اليهودي رغم حجم الهجمة الشرسة عليه، وتحولت اليمن إلى قوة إقليمية وعالمية تهدد مصالح الغرب الكافر، وتستغل مصادر قوتها لنصرة القضايا القومية كالقضية الفلسطينية، ولم نكن نحسب في زمن عفاش أو الإخوان أن اليمني قد يجرؤ على مهاجمة سفينة أمريكية حتى في بحاره الإقليمية، بل كانت حينها السفارة الأمريكية هي الحاكم الفعلي للجمهورية اليمنية، رغم أن نشيدنا الوطني ينتهي بعبارة: "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا"، وهي العبارة التي تحولت إلى واقع منذ انتصار ثورة 21 سبتمبر الخالدة التي أعادت الشعب اليمني إلى موقعه الأصلي في تصدر شعوب العالم الإسلامي.