|
مع تصاعد أحداث غزة الدامية، وغياب العدالة الدولية عن إنصاف الشعب الفلسطيني، والحد من جرائم اليهود ومجازرهم اليومية بحق النساء والأطفال، فإن من الطبيعي أن يتعرض اليهود للعنصرية والرهاب بسبب جرائمهم، لكن الغرب اعتاد قلب الموازين، ولبس الحق بالباطل، ليتعرض المسلمون أنفسهم للإرهاب والقتل بعد أن انخدع الجميع برؤية الغرب عن الأحداث رغم أنها غير واقعية وغير منصفة.
واليوم، يستعد العالم لاستقبال موجة أخرى من العنف والتفجيرات التي ستطال مدن وتجمعات سكانية كبرى، هدفها تبديد مشاعر الغضب عن العدو الصهيوني، وتثبيت النظرة الافتراضية بأن الإسلام يقف خلف أغلب الصراعات وجرائم الكراهية.
وهذا ليس من باب التنبؤ بأحداث المستقبل، بل لأن الغرب اعتاد أن ينتهج هذه السياسة للتغطية على جرائم الكيان الصهيوني، وسيرافق تلك الهجمة حملات دعائية ضخمة وجماعات مزعومة لتنفيذ سلسلة واسعة من الهجمات الدامية باسم الإسلام، على غرار أحداث 11 سبتمبر 2001 سيئة الذكر، والتي اُستغلت -ليس فقط لتشويه الإسلام- بل لشن جرائم إبادة مروعة بحق الملايين من المسلمين في العراق وأفغانستان وسائر الدول الإسلامية.
وبتذكِّرنا للماضي القريب نستطيع أن نتوقع الأحداث المستقبلية، فهجمات 11 سبتمبر التي غيرت وجه العالم، سبقها حدثان مهمان خلال العام 2000، وهما الهزيمة الإسرائيلية في لبنان في مايو-أيار واندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر- أيلول، وما رافق ذلك من جرائم إبادة صهيونية بحق الشعب الفلسطيني، عندها كثُر الحديث عالمياً حول ضرورة الحد من جرائم "إسرائيل"، عبر طرق مختلفة منها دعم مقاومة الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح، ولو تحقق ذلك لما تمادى الصهاينة في جرائمهم، وكان العالم قد اقتنع بأن "إسرائيل" كيان شيطاني، وسيتقبل فكرة زوالها من الوجود نظير جرائمها بحق الإنسانية.
ولأن الغرب يخشى من موجة الصحوة العالمية تلك، هرع إلى افتعال موجة من الهجمات الدامية ضد المدنيين في الغرب، وعلى الفور أتبعها بحملة إعلامية لتبرير إبادة المسلمين وتصويرهم بأنهم مجرمون ومتوحشون، وقد رافق كل ذلك حملةً من الإرهاب الأمريكي بعنوان: "من ليس معنا فهو ضدنا"، وقد ركعت بذلك الأسلوب الكثير من الدول العربية، منها بلادنا اليمن أيام نظام عفاش، والذي أخفى عقبها كل مظاهر التضامن مع القضية الفلسطينية خوفاً على منصبه ومصالحه، وتبعه أيضاً حتى أحزب المعارضة التي خانت فلسطين هرباً من تهمة الإرهاب.
وحتى لا تتكرر المأساة على العالم الإسلامي أن يستوعب واقع المرحلة، وبأن واشنطن تقف خلف كل عملٍ إجرامي يستهدف المسلمين، وأن كل ذلك لن يثنينا عن نصرة القضية الفلسطينية التي لو نصرها العرب لما اضطروا إلى مواجهة الامتهان الأمريكي في ديارهم بذريعة مكافحة الإرهاب.
الكارثة أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة لن يستثني أحداً من الأنظمة العربية، وقد يبدأ بأنظمة مطبعة ليجعل منها ذريعة لحرب أخرى ضد العالم الإسلامي، ومن المؤسف أن يجد الحاكم العربي نفسه مكسوراً ضعيفاً على يد الغرب، بعد أن ضحى بفلسطين وكل قيمه من أجل الغرب نفسه، ولنا عبرة كبيرة بأنظمة سقطت في الماضي، كانت تحاصر غزة وتناصر إسرائيل، كما هو الحال غيرها اليوم.
*نقلا عن : السياسية
في الأربعاء 17 يوليو-تموز 2024 06:34:48 م