بعد تبنِّي كيان العدوّ الإسرائيلي لعملية القصف بالطائرات الأمريكية منشأة مدنية تضم مستودعات وقود تابعة لشركة الكهرباء في الحديدة؛ ما أَدَّى إلى احتراق مخزونها، أراد العدوّ أن تغزوَ صورُ الحريق كُـلَّ وسائل الإعلام العالمية؛ كونها -من وجهة نظره- ستحقّق له “صورةَ نصر وقوة وردع” وربما تُخِيفُ اليمنيين وتثنيهم عن مواصلة النُصرة لغزة.
ويغيب عنه، حقيقة اليمن شعباً وقيادةً وجيشاً، عندما قرّروا الدخول في قلب معركة (طوفان الأقصى) منذ أُكتوبر 2023م، كانوا على وعي وبصيرة بهذا القرار المصيري، وبهذه الخطوة الحاسمة، وهذا التحول الاستراتيجي، الذي كان عنوانه الأبرز أن اليمن العظيم أعلن ربط مصيره ومعركته بمصير غزة ومعركتها وبكل فلسطين وقضيتها، مهما كانت النتائج والتبعات.
يغيب عنه، أن هذا القرار لم يأتِ عبثياً، أَو مغامرةً مترفةً للفت الأنظار، بالقفز وسط دوامة طوفان ملتهب دون رؤيةٍ أَو أُفُقٍ استراتيجي، بل هو قرار جاء من وحي عقيدة إيمانية متجذرة وثقافة قرآنية راسخة، انطلقت في واحدةٍ من أعظم مسالك الاستجابة بين الأشقاء، وأسمى خطوات النُصرة للمستضعفين المظلومين والتي يُسجلها التاريخ المعاصر.
يغيب عنه، أن من يتخذ قراراً كهذا يكون قد جهز نفسه لكل ما سيعقب هذا القرار، فاليمن يدرك جيِّدًا ما يفكر به هذا الكيان الغاصب، وكلّ داعميه، والذي لا ينفصلُ عن مفاعيل الغباء والغرور والغطرسة والتي تدفعه إلى أن يتورط أكثر ويغوص في مستنقع الفشل أعمق، وبالتالي تحقّق لليمن أن أصبحت رسميًّا دولة مواجهة، وبات الرد القادم ليس لنصرة غزة فحسب؛ وإنما لرد العدوان والثأر لشهدائها والدفاع عن حرمة أراضيها وسيادتها، وبموجب القوانين الدولية والإنسانية.