|
لطالما سألت نفسي عن "لعنة اليمن"، ما هي خطيئة هذه الأرض؟! ماذا اقترفت؟!
كيف لبلد يملك هذا الامتداد الحضاري، والارتباط الديني، والإرث التاريخي، والتنوع الثقافي، والأهمية الجغرافية... أن يقبع في الحضيض؟!
كيف لبلد يملك هذه الثروات والمقومات والعوامل ألا يصبح عظيماً؟!
أثناء دراستي في بلدي الثاني "الجزائر" عام 2013، سألني سائق أجرة مرة: من أين الأخ؟!
أجبته ببساطة: من اليمن.
ليرد مستغرباً: وأين تقع اليمن؟! هل هي في قطر؟!
ضحكت بالطبع؛ لكني شعرت بالغرابة!!
كيف لبلد يمثل جذور العرب ألا يكون في مقدمة العرب؟! لماذا نجلس دائماً في الخلف؟! لماذا يُهان المسافر اليمني في كل مطار؟!
لماذا يعرف اليمني كل اللهجات العربية، ولا أحد يعرف لهجته؟! لماذا لا نحظى بالاحترام؟!
لماذا يتبادر إلى أذهان الغرباء: الجوع، الفقر، ناس حفاة، حياة بدائية... عند ذكر اليمن؟! ماذا اقترف أسلافنا لننال هذا الجزاء؟!
سؤال ظل يلاحقني طويلاً. لحسن الحظ أنه توقف عن فعل ذلك، فبمجرد رؤية أولئك الذين أيدوا وهنؤوا وباركوا العدوان الذي نفذه رخويات الخليج على اليمن عرفت الإجابة، وحللت الأحجية.
تخيل أن هؤلاء كانوا في يوم من الأيام وجاهات، نخباً مثقفة، أقلاماً ثقيلة، أصحاب فكر، فطاحلة، سياسيين، مسؤولين، أصحاب قرار ونفوذ، ممثلين... أسماء كبيرة ظلت على رأس السلطة لأربعة عقود!
من تكون صفوته على هذا النحو من الطبيعي أن يتعفن في الحضيض. عندما تولي زمام حكمك لمن هو أدنى من "عـا... ــرة" فعليك توقع هذه النتيجة!!
عندما تكون نخبتك حفنة من المتسولين أحط من حذاء "مومس"، فمن البديهي أن تداس كرامتك في كل منفذ!
ما الذي تتوقعه من دولة رئيسها أباح سيادتها، ووزيرها أيد انتهاكها، وقائد جيشها بارك قصفها وتدميرها؟!
ما الذي تتوقعه من دولة رؤساء أحزابها أصدروا بيانات التأييد والمساندة لكل عملية استباح؟!!
دولة نخبها يؤيدون قصف "إسرائيل" لموانئها، من الطبيعي أن تفقد مركزها وتاريخها واحترامها، ومن الطبيعي أن يتجرأ كل قزم في المنطقة على إهانتها والاستخفاف بها.
نحن ندفع ضريبة مستحقة، وقد أوشكنا على إيفائها، ونقسم أننا سنعيد إلى اليمن مكانته.
* نقلا عن : لا ميديا
في الجمعة 26 يوليو-تموز 2024 08:42:10 م