|
لم تخف «إسرائيل» خشيتها من الرد اليمني وهي تتصرف اليوم على أنه حتمي وآت لا محالة، ولذلك رفعت من مستوى التأهب والاستنفار لسلاح الجو «الإسرائيلي»، في كل أنحاء فلسطين المحتلة، ورفع سلاح بحرية العدو درجة التأهب في منطقة «إيلات»، عقب الهجوم على الحديدة الى أعلى درجات الخطورة، في ظل قناعة كاملة لدى حكومة نتنياهو أن الهجمات اليمنية قد تمتد لفترة طويلة، ووفق الإعلام العبري، تلقى الوزراء «الإسرائيليون» استدعاءً شخصياً من رئيس مجلس «الأمن القومي» من أجل منع تسريب معلومات قبل الهجوم، وطلب منهم عدم إخبار أحد بشأن الاستدعاء إلى اجتماع استثنائي في مقرّ وزارة «الأمن»، لمناقشة تداعيات الوضع والاشتباك طويل الأمد مع اليمنيين، الذين يكنون العداء الكبير لـ«إسرائيل»، خلافاً لما هو سائد في الدول العربية التي سارت مع قطار التطبيع خلال السنوات الأخيرة ورضخت واستسلمت شعوبها.
كل يوم يتأخر فيه الرد اليمني، تزداد الخسائر الاقتصادية والاستنزاف العسكري لسلاح الجو، الذي يقوم بتمشيط أجواء الكيان على مدار 24 ساعة، بالإضافة الى ما كشفت عنه صحيفة «غلوبس» الاقتصادية العبرية، أن المستثمرين يواصلون الهروب بأموالهم من «إسرائيل»، وسط مخاوف المستثمرين من الأوضاع الاقتصادية مع استمرار الحرب على غزة، وبالتزامن مع تصعيد صنعاء وتهديدها بشن هجمات مباشرة على مواقع هامة وحيوية داخل الكيان، وفرضت صنعاء واقعاً سيئاً جديداً يهدد القطاعات الاقتصادية «الإسرائيلية»، وقدَّرت مصادر مصلحة الضرائب «الإسرائيلية» أن الأضرار الناجمة عن استهداف «يافا» تبلغ عدة ملايين من الشواكل، فقد تم تقديم أكثر من 250 مطالبة ضريبية عن الأملاك المتضررة في عملية «يافا» الأولى، وذلك نتيجة الأضرار الهائلة التي لحقت بالمساكن، التي يطالب مالكوها بتعويضات عن الخسائر، وعقب العدوان على ميناء الحديدة انخفضت أسهم بورصة «تل أبيب» الرئيسية مع مراقبة المستثمرين عن كثب للرد القادم من صنعاء، إضافة إلى هلع كبير في كل أنحاء «تل أبيب» من الرد اليمني عبر طائرات مسيرة تعجز الدفاعات الجوية في التعامل معها، ووجه رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان الاتهام لحكومة نتنياهو بالفشل في التعامل مع التهديدات اليمنية لـ»إسرائيل» وتحميل الخزينة العسكرية كلفة باهظة في محاولة صد الهجوم والرد عليه كما وصف الهجمات المتكررة على الأراضي المحتلة من لبنان وسوريا واليمن بالإخفاق الاستخباري المذل، وأن «إسرائيل» تحرك أسطولًا مكونًا من 20 مقاتلة متطورة لصد مسيرة لا يكلف تصنيعها 18 ألف دولار في حين تكلّف ساعة الطيران الواحدة لكل مقاتلة أضعاف هذا المبلغ بحسب تعبيره.
المواجهة المباشرة بين الكيان وصنعاء، أصبحت تشكل حرباً مفتوحة، من شأنها أن تلحق أضراراً بقطاعات اقتصادية وسياحية «إسرائيلية» تعاني بالفعل منذ بداية العدوان على غزة، وقد اشتكت وزارة الخارجية «الإسرائيلية» للخارجية الأمريكية بأن ما فعلته في الحديدة لم يردع اليمنيين وهم مصرون على الرد، وهناك خشية حقيقية لضربة مشابهة للضربة الإيرانية، ويتداول الإعلام «العبري» أخباراً عن توجه لدى صنعاء بإدراج حقل «لفياثان» للغاز الطبيعي في البحر المتوسط غرب حيفا، وحقل «تمار»، وحقل «شمن» في المتوسط، وحقل «زوها» في البحر الميت، في بنك الأهداف، فضلاً عن وضع عدد من محطات الطاقة التابعة للكيان، كمحطات كهرباء «أوروت رابين» و«روتنبرغ» و«أشكول» و«حيفا»، والعشرات من خزانات النفط «الإسرائيلية»، كأهداف مشروعة، إلى جانب نية استهداف كل إمدادات النفط للعدو عبر المتوسط، والقادمة من أذربيجان وكازاخستان، وهذا ما يجعل العدو بحالة ترقب للسيناريو الأسوأ الذي لم يبدأ بعد.
وكشف معهد دراسات الأمن القومي «الإسرائيلي»، أن «تل أبيب» ستجد صعوبة في تعبئة الدول العربية المجاورة للوقوف علناً ضد صنعاء، وأن المساعدة المحتملة من جانبهم ستكون سلبية وهادئة، وفي كل الأحوال، ينبغي على «إسرائيل»، إلى جانب التحضير لخطوات التصعيد، تنسيق هجماتها قدر الإمكان مع التحالف الأمريكي ومع دول المنطقة التي قد تتضرر من جراء ذلك، وكانت هيئة البث «الإسرائيلية» كشفت أن الاستخبارات العسكرية شكلت قبل 18 شهرا وحدة خاصة باليمن لوضع بنك أهداف يمكن مهاجمتها، ولكن هذه الوحدة وبعملها الذي سبق طوفان الأقصى، والإسناد اليمني، لم تستطع تحييد أي من الهجمات البحرية أو الجوية القادمة من اليمن، منذ ما يقارب 10 أشهر.
يدرك كيان العدو أن الحرب اليمنية عليه، لم تبدأ، وكل ما يحدث منذ بدء عملية طوفان الأقصى بمثابة اختبار يمني لقدراته الجوية والبحرية، في المواجهة الكبرى القادمة، كما لا يستبعد العدو مواجهات برية مباشرة مع الجيش اليمني، في إطار معركة التحرير، التي أشار إليها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كثير من خطاباته، وخشية العدو من الشعب اليمني ومواقفه الثابتة مع القضية الفلسطينية، يفسرها الاهتمام الكبير للإعلام العبري بالمسيرات الأسبوعية التي يخرج فيها الشعب اليمني حاملاً السلاح متعطشاً للقتال لتحرير فلسطين وإنهاء معاناة أهلها من الاحتلال، وهو أمر مستغرب في الأوساط الصهيونية، أن شعباً عربياً في زمن التطبيع والترفيه واتفاقية «إبراهام» يكن كل هذا العداء لـ«إسرائيل» في ظل جهود غربية كبيرة لاختراق المجتمع اليمني وإشغاله بكثير من القضايا، ولكن اهتمامه بفلسطين ازداد منذ ثورة العام 2014 التي أطاحت بكل أصدقاء «إسرائيل» في اليمن، هذا الاهتمام ازدادت ذروته في ظل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، واستمر الموقف اليمني الرسمي والشعبي بالتبرع والتضامن والإسناد رغم جراحه من الحرب وأوجاعه من الحصار، والأهم من ذلك كله التعبئة الشعبية والثقافية المجتمعية المستمرة ضد كيان العدو «الإسرائيلي».
* نقلا عن : لا ميديا
في الثلاثاء 30 يوليو-تموز 2024 07:19:38 ص