أربعة أعوام ماذا بعد؟
عبدالحافظ معجب
عبدالحافظ معجب

يوم 26 مارس قبل 4 أعوام كانت السعودية تحلم أن بإمكانها هزيمة اليمنيين، وكانت تتوقع أن تفرض هيمنتها وسيطرتها على كل الأراضي اليمنية بما يشبه الاحتلال، وفي الوقت ذاته اعتقد مجموعة من اليمنيين (المرتزقة) من قيادات الأحزاب السياسية الطامعة في السلطة أن ما ستحققه السعودية سيعود بالنفع عليهم، لآنها وعدتهم في حال سيطرت على البلاد أن تمكنهم من السلطة وتغدق عليهم النعم.

حاولت السعودية جاهدة واستعانت بكل دول العالم لأن تحقق ما كانت تحلم به، ولكن اليمن كانت أكبر بكثير من احلام ومطامع الاشقاء الذين تعاملوا معها بخبث، ورجال اليمن كانوا في خطوط المواجهة وحالوا دون ان تحقق السعودية حتى 1% مما كانت تريد.

خسرت السعودية وكل شركائها الدوليين والإقليميين الكثير من القيادات والضباط والجنود والأموال وأفخر وأحدث أنواع الأسلحة، كما خسروا سمعتهم ومكانتهم، بالهزيمة الساحقة أمام اليمنيين وتضحياتهم وصمودهم، وخسر المرتزقة ما هو أكبر من ذلك بكثير، خسروا الوطن وحقهم بالبقاء فيه بأمان، خسروا هويتهم الوطنية.

خلال الأعوام الأربعة من عمر العدوان التقيت بالكثير من قيادات الإصلاح والاشتراكي والناصري وبقية الأحزاب والمكونات في عدد من العواصم العربية التي احتضنت لقاءات وورش عمل سياسية للتقريب بين الاحزاب والمكونات، وفي كل مرة كنت أسمع منهم الأسطوانة نفسها، أن الانقلاب سينتهي وأنهم "الشرعية" التي ستعود لحكم اليمن على الدبابة الإماراتية والمصفحة السعودية وغارات التحالف. وعندما التقيتهم الأسبوع المنصرم في إحدى العواصم العربية رأيت اختلافاً كبيراً عن آخر لقاء جمعنا قبل حوالي عام، فلم يعد الحديث عن "الانقلاب" و"الشرعية"، وإنما صار تركيز أحاديثهم على كيفية العودة إلى صنعاء والضمانات التي يمكن أن يقدمها المجلس السياسي الأعلى لإعادة الشراكة واستعدادهم للوقوف في وجه ما اعترفوا أخيراً بأنه عدوان.

4 سنوات من المهانة والمذلة والمرمطة في الفنادق كانت كفيلة بأن تجعلهم يغيروا آراءهم ويعترفوا أن الحل لن يأتي من السعودية ولا الإمارات، وأن اليمنيين بإمكانهم أن يتلاقوا ويتسامحوا فيما بينهم؛ لكن بعد أيش؟

ما اشتيش أقول أن عودتهم مستحيلة، ولكني كثيراً ما سألت نفسي: كيف لهؤلاء أن يواجهوا اليمنيين؟! وبأي وجه سيقابلون الشعب الذي جلبوا له القصف والدمار؟! ما هو شعورهم عندما يقابلون الطفلة بثينة التي فقدت كل أسرتها بقصف أسيادهم؟! وماذا سيقولون للطفل سميح الذي لم تجف دموعه منذ عام كامل عندما فقد والده وأقاربه في استهداف الطيران السعودي لحفل زفاف بمحافظة حجة؟! ماذا سيقولون لأسر الشهداء في الصالة الكبرى والاسواق وكل مدن وقرى اليمن؟!

بأي طريقة سيعتذرون لضحايا الاغتيالات والتصفيات والسجون الإماراتية في عدن؟! كيف سيخاطبون قواعدهم في تعز والحديدة وسقطرى والمهرة؟! وما الجواب الذي يمكن أن يقولوه للأم اليمنية "حمدة" عندما تسألهم: لماذا أيدتم قصف بيتي وقتل أهلي؟! بأي منطق سيردون على أسئلة أمهات شهداء حافلة ضحيان؟!
إجابات كثيرة وصعبة سيحتاج مرتزقة العدوان من قادة الأحزاب أن يفكروا بها قبل أن يفكروا بأنهم فقدوا الوطن. وقبل كل ذلك عليهم التفكير بمغادرة دول العدوان إلى عواصم أخرى يستطيعون فيها التفكير ويشعروا بآدميتهم إن كانوا لايزالون بشراً مثلنا... وربنا يجمع اليمنيين على خير، والله المستعان.

* نقلا عن لا ميديا 

في الجمعة 29 مارس - آذار 2019 09:39:47 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=1468