|
لكِ الله يا صنعاء! لكِ الله الذي برحمته سقاكِ غيث سمائه، نسألهُ جلَّ جلالهُ سقيا رحمة لا غضباً! يستبشر البشر والطير والشجر والحجر بمزن السماء؛ إلا في بلدنا؛ ليس بطراً ولا استغناء وعدم حاجة لرحمه الله؛ ولكن لأن لدينا من مسؤولي الدولة مَن يجيدون تحويل كل نعمة إلى نقمة! عقليات لا وجود للدور الإيجابي فيها، وأينما توجهت وولت لا تأتي بخير، أدمغتهم تنقسم إلى قسمين: أحدهما لص مهندم طليق اللسان يجيد الاستعداد للظهور أمام الكاميرا وتقمص الأدوار، والآخر يهدم ويجيد الانتظار على التداعي والدمار من حوله ليعتلي الركام ويكمل نشاط ودور النوع الأول.
بنية تحتية مهما كان قدمها وضعف بنائها وتداعي أركانها، وسنقول إن الأنظمة السابقة السبب وما فعلت ولا بنت أي شيء، خلاص، هذه الصفحة طوتها ثورة الـ21 أيلول، ومع ذلك لم يطلب أحد جُزُراً صناعية تشيد فيها ناطحات السحاب، ولا أعلى أفعوانية في العالم، ولا مترو أنفاق، ولا وزارة للسعادة ولا... ولا...
مازلنا في خِضم المعركة، والشعب راض وصامد ومسلّم لسيد الثورة (يحفظه الله). لكن ما هذا التمادي في اللامبالاة والاستخفاف وهدر وعدم تقدير تضحيات وصمود الناس؟!
في أمانة العاصمة، سنوياً مع هطول الأمطار نعاني الكارثة والمشكلة نفسها! عجز وتعثر وفشل مؤلم غير منطقي ولا يقبل التبرير إطلاقاً. مليارات تتبخر سنوياً في الهواء، ومقاولات «مباشر» إكراماً لعين فلان ونيل رضا علان، مَن يراد أن يُؤمن شره! هذه الحقيقة، بلا حياء أو خجل، ومن سيجرؤ على الكلام؟! أقل شيء حافظوا على الموجود، من أسفلت وأطلال الخدمات الأساسية للبلد!
الخميس الماضي، غرقت صنعاء وتعرت شوارعها من الأسفلت، الذي كان كأنّما مصاب بالجدري؛ لكن كان هناك أسفلت، وكنا قد تقبلنا الحفر على أنها حسنات تزين وجه الدولة في شوارع مدننا، والحمد لله هناك قناعة عجيبة بكل ما هو قائم اليوم! شوارع كثيرة في صنعاء بدت وكأنّ تسونامي مر عليها، وكان هناك أسفلت!
لا ترميم، ولا تصريف لمياه الأمطار، ولا دفاع مدني، ولا إنقاذ، ولا طوارئ، ولا أحد يبالي من المعنيين في السلطة المحلية ومكاتبها، التي لا تجيد إلا الجباية والتنفُّذ على المواطن! لم نرَ شق قنوات جديدة لتصريف مياه الأمطار، ولا خطة لمعالجة تجمع السيول في ميدان التحرير - مثلاً لا حصراً! الجديد هو «هيلوكسات» آخر موديل لمتنفذي قطاع الأشغال في كل مديرية!
المسؤولون لا يمرون في الشوارع التي تنقشع وتكشف عن ساقيها. وإذا مروا فمرور «الكرام»، على سيارات الدفع الرباعي.
لمصلحة من عدم التحرك لإنقاذ ما تبقى من البنية التحتية من شوارع أسفلتية؟! قطاع الأشغال سيقول: ليس لدينا موازنة طوارئ، وهناك جهة غيرنا يتم تكليفها!... قطاع الأشغال ومؤسسة الطرق ووزارة الأشغال ودائرة الأشغال العسكرية بكل بنيتها التحتية مجمدة النشاط والعمل لصالح من؟! ولخاطر أن يترزق ويجتهد وبناء مستقبل من أجل عينيك! الجهات الثلاث المذكورة بمقدرتها وبقدرة الله أن ترمم وتمنع انهيار الطرقات وبأقل التكاليف، كونها مؤسسات دولة وتمتلك ما يلزم من معدات وإمكانيات التحرك، وبأقل من نصف ما يعتمد لأي مقاول، وفي الأساس جريمة أن يكلف فلان، أو القطاع الخاص، بينما لدى الدولة جهات حكومية طويلة عريضة لم نعد نعرف بوجودها إلا عند إنارة زينة المولد النبوي على صاحبه وآله أفضل الصلاة والتسليم!
الخميس الماضي، ما تبقى من خطوط سير متاحة تعتبر خارج الخدمة أساساً بسبب اكتظاظ السيارات من كل اتجاه، وأفراد شرطه السير لا يلامون، ماذا يفعلون أمام كل ما يحصل؟! في شارع حدة من «الرويشان» حتى «جولة باب البلقة» تقاطع «الزبيري» عشرات الباصات والسيارات معطلة على الجانبين، لم نرَ أياً من ونشات المرور حتى لمساعدة السيارات المتضررة أو حتى إزاحتها من الطرقات لتيسير تحرك السيارات التي لم تعطلها السيول!
إذا كان لا بد، عند اختيار مسؤول لمنصب، فمن الضروري أن يكون من وجب تقاعدهم وإخراجهم من الخدمة حتى من استوفى كل آجال العقل والمنطق والقانون وغيره من إقطاع ورأسمالية وبقيه الحسبة، ابحثوا عن نموذج كالشيخ شمسان أبو نشطان، كمثال!
صنعاء القديمة في قائمة انتظار الكارثة، وستكون مرعبة لا سمح الله، وهي مدينة لا يمكن تعويض خصوصيتها التاريخية والحضارية... ولا أحد يكترث! سمعنا قبل عامين عن مبادرة ترميم وإنقاذ المتضرر؛ ولكن لم يتم شيء، وتمت كلفتة الموضوع!
الحديدة.. مأساة متفاقمة
بالنسبة للحديدة، السؤال: أين إيرادات صندوق تنمية الحديدة؟! لن نقول وإيرادات الميناء أيضاً!
نلتزم بعدم نبش كثير من الملفات، ليس خوفاً، فمن يحمل أمانة القلم كمن يحمل البندقية، وإجلالاً لتضحيات وبطولات الجيش والمجاهدين المرابطين في كل جبهة، واحتراماً لسيد الثورة الذي يُحلّق باليمن في عنان السماء، شرفاً وكرامة وعزاً، والثقة مطلقة بأن وعد السيد (يحفظه الله) بالتغييرات الجذرية لا رجعة عنه، فهو القائد الذي يحترم ويحب شعبهُ.
كارثة مؤلمة ما حصل في المناطق المتضررة بالحديدة! ولو عرفت السيول حجم معاناتهم وقسوة حياتهم ربما تحرك فيها شيء من ضمير وغيّرت مسارها بمشيئة الله ولطفه، بينما هم لا حياة لمن تنادي! ولا يقل أحد «المتفقعسين»: أصلاً هم بنوا في مجاري السيول و... و... يا محترم، أصلاً أنت وفي كل المحافظات من متى معكم مخططات وتخطيط حضري وخدمي وإسكان للمدن؟! فئات تتوارث التفقير بنت لها عششاً من طين وسعف في أطراف الوديان، ولا خيار متاح لها غير ذلك؛ والكلام هذا كثير وليس من المفيد الخوض فيه، ولا يحل المشكلة الحاصلة!
الآن، حلت الكارثة، فما هو واجب الدولة؟ جبر الضرر وتقديم المساعدات العاجلة، إيوائياً ومالياً لترميم ما يمكن وتسكين من هم ضمن فئة المتضررين بشكل كلي، لرفع المعاناة ومعالجة المشكلة، بعد حصر عاجل للمتضررين وتقسيمهم إلى فئات، من يحتاج لمساعدة جزئية بعد تقييم وتقدير نسبة الحالة، ومن يحتاج التكفل الكلي بسبب حجم الضرر وسوء الحالة مادياً وعدم القدرة على عمل شيء أمام النائبة... خمسمائة أسرة معدمون كلياً من أرض الدولة التي يعطيها من لا يملك لمن لا يستحق، كل يوم، ومد البصر، تخصص في المنطقة نفسها مساحة بالشكل المدروس للاحتياج، ومصنع أسمنت باجل ومن غرفتين ومطبخ وحمام لكل أسرة في 100 متر، مساحة بسيطة قد تكون ديواناً أو نافورة أو صالة استقبال في فيللا أحد المسؤولين السابقين أو اللاحقين، وتنفذ الأشغال العسكرية الأعمال التي لن تحتاج أكثر من شهرين، حسنة ستذكركم بخير عندما ترى ويُقال: الدولة انتشلتهم وأنقذتهم من العراء!
قائدا المنطقتين العسكريتين الخامسة والرابعة، كنماذج، يتحركان ويعملان في جغرافيا اختصاصاتهما، أفضل وأنجح وبشكل مسؤول وفاعل من كل المؤسسات الحكومية في المحافظات والدولة ككل.
إذا أرادت السلطة تمييع أي ملف شكلت لهُ اللجان! مثل هذه الكوارث بحاجة لفريق طوارئ من المحاربين الأحرار الذين يشكلون غرفة عمليات كخلية النحل، ليل ونهار، لا تصوير اجتماعات والتقاط الصور والتمدد تحت المكيفات!
في الحديدة والتهائم صورتان: إثراء مخيف بشكل غير مفهوم، وإفقار مرعب، عظام يكسوها الجلد!
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 11 أغسطس-آب 2024 10:51:54 م