|
تُشكل غطرسة الكيان الصهيوني، ظاهرةً مُقلقةً تتحدى القيم الأخلاقية والإنسانية، وتُهدّد السلم والاستقرار في المنطقة، لا يمكن فهم هذا السلوك بمعزل عن دوائر النفوذ والتحالفات التي تُشكل شبكة دعم قوية له، وتُوفر له الحصانة من المساءلة والعقاب.
وبالنظر إلى الأسس الهشة التي بنى عليها هذا الكيان غطرسته قد نوجزها في عدد من الأسس:
الصهيونية المسيحية تعد من أهم أذرع الدعم السياسي واللوجستي لـ”إسرائيل”، فهي تُقدم لإسرائيل” شرعية دينية وتُبرر سياستها العدوانية ضد الفلسطينيين، تُؤمن الصهيونية المسيحية حسب اعتقادهم الزائف بوعد الله” للشعب اليهودي بالأرض المقدسة، وتُشكل هذه العقيدة الدينية دافعًا قويًا لدعم “إسرائيل وإسرائيل فقط.
كما تُشكل “الفيتوهات” الأمريكية في مجلس الأمن الدولي، حجر زاوية في استراتيجية “إسرائيل” للتملص من المساءلة والعقاب على انتهاكاتها، حيث تُمارس الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” بشكل جائر ومتكرر لمنع صدور أي قرار يُدين “إسرائيل” أو يفرض عليها أي عقوبات، هذا الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة يمنح لإسرائيل شعورًا بالأمن والمنعة، مما يُشجعها على مواصلة سياساتها العدوانية.
الدعم العسكري واللوجستي الهائل، الذي تُقدمة الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” من أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، مما يُعزز قدراتها العسكرية ويُمكنها من مواجهة أي مقاومة، وهذا الدعم العسكري يُعزز شعور “إسرائيل” بالتفوق العسكري، ويُشجعها على تجاهل حقوق الفلسطينيين ومخالفة القوانين الدولية والإنسانية.
نفوذ لجنة ايباك، حيث تُعد لجنة “إيباك” (لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية) من أهم اللوبيات المؤثرة في الولايات المتحدة، تمتلك “ايباك” نفوذًا واسعًا في الكونجرس الأمريكي، وتُساهم بشكل كبير في تشكيل السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وتُمارس “ايباك” ضغوطًا كبيرة على صانعي القرار في الولايات المتحدة لدعم “إسرائيل” دون قيد أو شرط.
وفوق هذا وذاك تُعد الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين وخاصة بين فصائل المقاومة ومنظمة التحرير من أسباب الضعف في مواجهة “إسرائيل”، ويُضعف هذا الانقسام قدرة الفلسطينيين على التوحد والعمل بشكل جماعي لمواجهة “إسرائيل”، وبالتالي تستغل “إسرائيل” هذه الانقسامات لتقويض قدرة الفلسطينيين على مقاومتها.
إضافة إلى خيانة وتخاذل العرب، حيث لم تقف الدول العربية بشكل جاد وداعم للقضية الفلسطينية، بل إن بعضها انخرط في تحالفات مع “إسرائيل” أو قدم لها الدعم العسكري والسياسي، تُعزز هذه الخيانة من شعور “إسرائيل” بالتفوق، وتُشجعها على مواصلة سياساتها العدوانية.
فشل وضعف وهشاشة الجامعة العربية، حيث تُعاني جامعة الدول العربية من عدم الفاعلية والقدرة على اتخاذ قرارات فعالة لدعم القضية الفلسطينية، وتُساهم هذه الهشاشة والضعف في إضعاف الموقف العربي من “إسرائيل” وتحويلها إلى دولة قوية لا يُمكن مواجهتها.
ركون إسرائيل بالتملص والإفلات من العقاب، على جرائمها ضد الإنسانية، وذلك بسبب ضعف أو غياب آليات المحاسبة الدولية الجادة والمحايدة، وغياب العدالة الدولية، حيث تُعد العدالة الدولية سلاحًا ذا حدين، لا يُمكن استخدامها بفعالية ضد “إسرائيل” بسبب نفوذها القوي في المؤسسات الدولية.
عجز المؤسسات الدولية، إذ تُعاني المؤسسات الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية من ضعف في الاستقلالية وقلة الفعالية في إنفاذ القانون، تُمكن “إسرائيل” من التملص من المساءلة والعقاب على انتهاكاتها، وذلك بسبب غياب الإرادة الدولية لإدانة سلوكها.
ختاما، لا يمكن فصل غطرسة الكيان الصهيوني عن الدعم السياسي والعسكري الذي تُقدمه له الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، حيث تُعزز الصهيونية المسيحية، والفيتوهات الأمريكية، وجسور الإمداد العسكري، ونفوذ لجنة “إيباك”، الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين، إضافة إلى الخيانة العربية، وفشل جامعة الدول العربية، وكذا الإفلات من العقاب، وغياب العدالة الدولية، وعجز المؤسسات الدولية إزاد شعور “إسرائيل” بالمنعة والتفوق.
يُعدّ هذا الواقع مُقلقًا للغاية، ويُهدد السلم والأمن في المنطقة، ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جادة لإدانة سلوك “إسرائيل” ومحاسبتها على انتهاكاتها، وذلك من خلال الضغط على الولايات المتحدة لتعديل سياساتها تجاه “إسرائيل” وفرض عقوبات على “إسرائيل” لوقف عدوانها.
*نقلا عن :الثورة نت
في السبت 17 أغسطس-آب 2024 03:34:39 ص