حكومة الفشل الممنوع
لا ميديا
لا ميديا
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -
أدت حكومة "التغيير والبناء" اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس السياسي الأعلى، وشاهد الجميع مجموعة من الشباب الذين اتكأ عليهم السيد القائد للانطلاق نحو غد أبهى وصناعة وضع أفضل يلمس فيه المجتمع "البناء المنشود" و"العيش المأمول"، ولذلك لزاماً عليهم القفز من فوق الظروف الصعبة التي صنعها بخبث ووحشية تحالف العدوان، ومهمتهم تقتضي اجتراح المعجزات وإحداث فارق في الواقع.
أسماء الوزراء مثلت دهشة للكثير، فأغلبهم لم يكن معروفاً، وهذا طبيعي، فهم يعملون في المكاتب، وليسوا ممثلين لدى هوليوود كي يكونوا نجوماً مشهورين في أوساط المجتمع. كما أن أداءهم مهامهم سيكون سيرة ذاتية حقيقية تُنحت في ذاكرة اليمنيين، سلباً أو إيجاباً.
وأنا أشاهد باهتمام مراسيم تأديتهم اليمين الدستورية أخذتني الدهشة، فهم لا يبدون خائفين من تحمل المسؤولية، وإنما سعداء، مع أن مظاهر المعاناة في المجتمع اليمني الناجمة لسبب أو لآخر، وكذا متابعة أدائهم من قبل السيد شخصياً، سبب كافٍ ليخافوا ويقلقوا من الفشل، فالفشل هذه المرة يعني دق آخر مسمار في نعش ثقة اليمنيين بأي حكومة في المستقبل، ولذلك فهو ممنوع.
ونجاح المرحلة الأولى من التغيير يستوجب كسب الرهان وتغيير أسلوب الحكومة، وفي مقدمتها أن تكون أبوابها مشرعة لا تغلقها بوجه أحد، وتحت أي تسميات أو ذرائع، كوجود خدمة الجمهور أو بريد المسؤول أو لدينا اجتماعات قد لا تنتهي بوقت قصير...!
"عديمة الفائدة بشكل شبه كلي". كانت هذه هي الصورة الذهنية التي تشكلت لدى اليمنيين من الحكومات السابقة. وباستثناء الداخلية والدفاع كانت الناس محقة، فما الذي تم إنجازه حقاً؟!
معركة "البناء والتغيير" كما هو شعار الحكومة، تتطلب من أبطالها البرهنة على النجاح لصياغة التاريخ وتحقيق الطموح، وذلك يبدأ من إثبات الذات في مواجهة الأعداء وإحداث تنمية حقيقية لا تتأتى بدون بناء علاقة ودية مع المجتمع بكل مكوناته وأطيافه وتوجهاته، فهل نحن قادرون على ذلك؟!
رغم ما تعرض له اليمن من تدمير لكل بنيته التحتية واستشهاد الآلاف من أبنائه وحصاره المطبق ومحاولة تقسيم وتفتيت نسيجه المجتمعي وهويته الفكرية والجغرافية على مدى عقد من الزمن، إلا أنها خرجت من تحت الرماد كعنقاء بعثت بعد إحراقها، فغيرت المنطقة بعد أن كان الهدف تغييرها، وساهمت كرأس حربة في هزيمة وإفشال المشروع الصهيوني في غزة والمنطقة بإرادة منقطعة النظير وأسلوب أذهل دول الاستعمار واللاعبين الكبار وأثلجت صدور أبناء الأمة من المحيط إلى الخليج.
واليوم تخوض معركة البناء وافتتحت معركة التنمية والتغيير بتشكيل حكومة الرهوي، وكلنا ثقة في انتصارها إن أخضعت تصرفاتها للدستور والقانون وترفعت عن الصغائر.
إنها اليمن، لا شبيه ولا مثيل لها، تبدو رغم عنفوانها الطافح وشكيمتها الفواحة في المنطقة ككل، كفتاه مسالمة في الرابعة والثلاثين من عمرها ترتدي فستاناً طويلاً أخضر اللون، وشعرها البني تموجت خصلاته على أكتافها، يزين عنقها عقد من الصمود تدلى من ألماسه ذيل على شكل خنجر ضاعت مقدمة غمده في شق نهديها... فسبحان الذي خلقها بأجمل صورة وأعظم قدرة وفضلها على ما سواها من البلدان!

في السبت 17 أغسطس-آب 2024 08:09:21 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=14849