|
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد حرب الاستقلال في العام 1783 برقعة محدودة لا تتجاوز 13 ولاية، وقوة بشرية لا تزيد عن 4 ملايين، يعني أقل من سكان العاصمة صنعاء حالياً، ومن تلك النواة خرجت أمريكا التي نراها.
كوريا الجنوبية أيضاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 انطلقت في كل المجالات، وكان عنوان مرحلة ما بعد الحرب: الاقتصاد والنهضة العمرانية، خلال الستينيات والسبعينيات، حتى وصلت إلى ما هي عليه.
كذلك اليابان والصين وألمانيا وبلدان أخرى جميعها خرجت من أتون الحرب وتعافت، وبعد أن كانت أنقاضاً وركاماً من الخراب أصبحت من أكبر الدول المصنعة والمتطورة، وتعيش شعوبها حياة الرفاهية بأعلى مستويات دخل الفرد.
ومن نماذج وشواهد كثيرة يمكننا القول إن اليمن الذي دخل الحرب وهو في حالة إنهاك ووضع اقتصادي صعب وخزينة فارغة وانقسام داخلي عقب مخاضات عسيرة استمرت منذ العام 2011 حتى 2014، يبدو اليوم أحسن حالاً مما كان عليه طيلة العقود الثلاثة الماضية. وما حديث الرياض عن الاستعانة بالجنود الأمريكان لحماية المملكة السعودية أو المشاركة في العمليات العسكرية في الحدود إلا دليل واضح على ما وصل إليه اليمن من قوة تتعاظم، وستتضاعف آلاف المرات بعد انتهاء الحرب والحصار.
في بداية ما سميت "عاصفة الحزم" كان المهفوف محمد بن سلمان يتبجح بقدرته على حسم الأمور في اليمن في غضون يومين أو 3 أيام وأسبوع في أسوأ الحالات، واليوم يتمرغ أنفه بالتراب في الساعة ألف مرة، حتى أنه توارى عن الإعلام خجلاً، وماذا عساه أن يقول والجيش اليمني...
"مُخزّن ويبترع" على أصوات الزوامل في مشارف نجران وتخوم جيزان ويسيطر على قرى واسعة في إمارة عسير؟! أما الطيران المسير رحلاته الاستثنائية لا تنقطع عن المطارات السعودية.
حتى إمارات أولاد زايد، التي كانت منتشية بسكرة ما كانوا يسمونها انتصارات في بداية العدوان، اليوم تبحث بكل جدية عن الانسحاب وترسل الوساطات والرسائل لقائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي وهي تدرك أن ضربة يمانية واحدة بإمكانها أن تعيد ناطحات السحاب إلى العشش والخيام.
إذا أرادت دول العدوان الانخراط في مشروع سلام حقيقي فلن يجدوا أصدق ولا أوفى من اليمنيين. وإذا كانوا عادهم مراهنين على الوقت فمعركتنا معركة النفس الطويل. أما الرهان على المرتزقة فلم ينفعهم، لا المرتزق "البلدي" ولا حتى المستورد الأجنبي.
حديث المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بعد 5 أعوام من الحرب عن مخاطر يمنية تتمثل بسلاح الجو المسير والصواريخ الباليستية المجنحة التي تهدد دول الجوار والمنطقة دليل إضافي وشهادة عالمية على هزيمة 19 دولة أمام اليمن القوي، والقادم أعظم.
هذه القوة المتصاعدة والمتنامية، واليمن لا يزال في مرحلة الحرب والحصار، ستجعل اليمني يفرض شروطه من منطق القوة وسيأخذ ما يريد. أما بعد انتهاء الحرب فستكون اليمن رقماً لا تستطيع أي قوة في العالم أن تتجاوزه. أما الاقتصاد والنهضة والثورة العلمية والصناعية والزراعية فهي قادمة لا محالة، ولكن لا أظن أنها ستأتي على أيدي وزراء الإنقاذ النائمين ولا من خلال "سلبطة" المشرفين.
في الأحد 28 يوليو-تموز 2019 07:26:59 م