|
في كلمته التي ألقاها أمس في حفل اختتام المراكز الصيفية أشار قائد الثورة إلى أن الممارسات المشينة التي حدثت في عدن تُعبِّر عن مشاريع التجزئة والتقسيم والبعثرة التي يعمل عليها الاحتلال البغيض ، واعتبرها كاشفة لتلك المشاريع العدوانية التي تستهدف وحدة اليمنيين وتسعى إلى خلق عداوات بين أبناء الشعب الواحد بذرائع وعناوين مختلفة تهدف في مجملها إلى استعباد الجميع تنفيذاً لأجنداته ومراميه الخبيثة.
وقد أكّد السيد القائد على مواجهة تلك الممارسات بالإدانة من الجميع ، والعمل على تعزيز الروابط الأخوية وتجسير القيم الوطنية والإسلامية والإنسانية من جانب آخر ، على أن الإدانات إذ هي تعبير عن الرفض المطلق لكل من يستعدي أخاه لمنطقته أو نسبه ، فإن تعزيز الروابط الأخوية يُفشل مخططات العدوان وألاعيبه في إثارة الجميع ضد الجميع ، ونحسب اليوم أننا بحاجة ماسّة إلى تعزيز كل القيم النبيلة والخصائص اليمنية الأصيلة التي تميز بها آباؤنا وأجدادنا ، وبالاستناد إلى روح التسامح والوئام والتصالح والتعاضد والأخوّة والتكاتف كقيم تربينا عليها وتعارفنا بها, فإننا بتعزيزها في أوساطنا واستحضار المعاني الرفيعة لها أمام الممارسات الدخيلة ، سنكون قادرين على التصدي لكل السلوكيّات المارقة التي يسعى المعتدون إلى تكريسها وتجاوز إفرازاتها وإفرازات أي تعبئة خاطئة بشأنها.
ما حدث في عدن يشكّل انعكاساً لمشاريع تستهدف اليمن كشعب وهوية وانتماء وقيم سامية ، وهي إحدى الإفرازات السيئة للحرب الأخلاقية على مجتمعنا وهويته القائمة على أساس الإسلام المحمدي وروح الانتماء للوطن الواحد والدين الواحد والمجتمع الواحد الذي يترابط ببعضه ويتكامل قيماً ونسباً وصهارةً كما هو معروف عنا نحن اليمنيين ، وما كرسه الاحتلال خلال الأربعة الأعوام الماضية في عدن أنتج ما نشاهده اليوم من حالة كارثية تستدعي التصدي لها وإدانتها كحالة شاذة وطارئة لا تعبِّر عن أحد ، بقدر ما تكشف مخططات العدوان وأجنداته الخبيثة.
يُعادون الأخ القريب لمصلحة العدو البعيد ، تلك المفارقة العجيبة تكشف العمى والبؤس الذي يعيشه من سلموا أمرهم وقرارهم وحرية اختيارهم من المرتهنين للغزاة الأجانب ، ذلك وبعد أن ارتدوا أثواباً غير أثوابهم وتمظهروا بألبسة مرضى ضياع الذات الحضارية وجدوا أنفسهم يخوضون حروباً وصراعات مع ذواتهم وأهلهم وبلادهم وأرضهم فاقدين لكل شيء ومنسلخين عن كل قيمة إنسانية أو دينية أو وطنية.
مشاهد النهب والتعدي على المواطنين في عدن تذكّرنا بما كان يتعرض له المواطنون القطريون داخل السعودية والإمارات بعد تفجُّر الأزمة الخليجية ، حين وجد القطريون أنفسهم عرضة للنهب والسلب الغرائزية التي لا تحدث إلا في المجتمعات المريضة المحكومة بأنظمة بوليسية تمارس القمع السياسي والفساد المالي والفتنة الطائفية الاقتصادية الموحشة ، إنما ولأننا نحن في مجتمع يتميز عن تلك المجتمعات المأزومة بخصائص عدة ، ويتمتع بسمات التصالح مع نفسه وأفراده متسلحاً بروح التسامح والإخاء تحكمه القيم الأصيلة ذات المعاني الراقية والنبيلة ، فإن تلك الممارسات تعبير صارخ عن المشاريع الإماراتية السعودية الملحقة وتستدعي الاستنفار لمواجهتها.
المفارقة العجيبة أن تلك العناصر التي تقاتل في صف العدوان وهي تعتدي على المواطنين في عدن تحت عناوين مناطقية ، لا تجد بأساً في أن تأتمر بأوامر الإماراتيين والسودانيين وغيرهم من الجنسيات التي تتحكم بهم وبمصائرهم في عدن ، فالعذر المناطقي أقبح من ذنب الفعل نفسه وكلاهما قبح وجرائم شتى يجمعها العمالة والارتزاق ، وما أبشع ما يرتكبه هؤلاء بحق أنفسهم وأهلهم حين تحولوا إلى أدوات رخيصة مستبعدون حتى في علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية والوطنية وما أصعب أن يجد الإنسان نفسه مرغماً على مقاتلة إخوانه وأقاربه وأهله ومخاصمتهم ليمكّن البعيد مكنهم بعد أن مكّنهم من نفسه.
ودون الحاجة إلى السؤال والبحث عن محافظات المهجّرين من عدن فإن اليمنيين جميعا يعلمون علم اليقين حقيقة من يديرون هذه الممارسات ويعرفون منفذيها المتمولين والمرتزقة ، وأن هذا النوع من العملاء الصغار الذين لا يترددون في بيع ضمائرهم ومبادئهم وحتى أجسادهم وكرامتهم لا يعبِّرون عن أحد ، ومن المهم الإشارة إلى أن ردود الفعل الواسعة من كل اليمنيين والتي عبَّرت تعبيراً واضحاً عن رفض الجميع للممارسات العابثة تؤكد بأن لا مجال ولا مكان لتلك المشاريع التي يسعى العدوان إلى تمريرها ، ولا أحد يجهل أن تحركات المرتزقة مدفوعة الثمن وأنهم مجرد عملاء صغار ,مفضوحون ومكشوفون ولا يعبرون عن أحد..
وأخيراً فإن قبح الأفعال تعكس قبح مرتكبيها وما يدلل على ذلك أن النظام الإماراتي وهو يجهد نفسه لفرض أجندات التقسيم والتجزئة خارج حدوده الصغيرة، يعاني أزمة بنيوية بداخله ونافخ الكير لابد أن يحترق بناره أولاً.
في الإثنين 05 أغسطس-آب 2019 08:01:10 م