|
هل انصدمت من السؤال؟ هوّن على نفسك، فالأوراق التي فوق الطاولة أصبحت أكثر كثيرا مما تحتها. ما الذي أزعج هذا العالم الظالم؟ هل هي الضربة التي وجهها اليمنيون إلى مصافى أرامكو السعودية؟ أم جرأة الإقدام عليها؟.
شخصيا لم أستغرب هذه الضربة، فليست الأولى ولن تكون الأخيرة بل وأقول لك ربما ما بعدها سيكون أشد لدرجة الذهول. أعرفهم بيقينهم وأعرف عقيدتهم وأعرف الظروف القاهرة التي يعانيها آباؤهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم. فماذا تعرف أنت ؟ إن اندهشت كما اندهش البعض، أو كذبت الحقيقة كما يحاول البعض، أو أدنت الهجوم اليمني بمسيرات خرجت من صنعاء وما حولها فحولت ليل بورصات البترول والأموال إلى نهار، وهى قادرة في مرة قادمة أن تأتي بليل هذه البورصات قبل موعده ، فذلك لأنك تتعرض لأكبر عملية خداع إعلامي وسيأسى لم يكن له مثيل ولا في عصر النكبة الفلسطينية . عملية خداع يسقط فيها العرب وعلى رأسهم السعودية نفسها بإرادتهم وبغير إرادتهم . إهدأ قليلا ولا تتعجل..
حكيت لك على مدى 5 سنوات كاملة عن هؤلاء الشباب الحفاة العراة أبطال الجبهات الذين انتظروا 40 يوما قبل أن يبدأوا في الرد على عدوان التحالف ببنادقهم البسيطة . ، وحكيت لك عن زوجاتهم الجائعات وأطفالهم الذين حرمتهم أحدث الطائرات المقاتلة الامريكية من النوم 4 سنوات ونصف كاملة ، ونقلت لك أنه لم يعد هناك في اليمن هدف عسكري أو مدني إلا وتم قصفه ، وعلمت أن 20 مليوناً من بين خمسة وعشرين مهددون بالموت جوعا أو بالكوليرا وحمى الضنك – ليست أرقام تمر عليها بعينك متعجلا، ولكن حكايات ومأسي ومشاعر – يجب أن تتوقف أمامها قليلا ويجب أن تحاول أن تتصورها وتتوقع مآلاتها ولو بسوء ظن -.بالتأكيد .عرفت أن مطار صنعاء ومطارات أخرى مغلقة ، وأن جميع الموانئ محاصرة ، وأن الموظفين هناك يعملون بلا مرتب منذ ثلاث سنوات تقريبا ، هذا الكلام حقيقي باعتراف الأمم المتحدة وجميع منظماتها ،وليس مجرد فقرات في باب صدق أو لاتصدق يا عزيزي . وإن كنت مهتما فأمامك جوجل وياهو وكل مواقع العالم الافتراضي، ابحث فيها لتقرأ وتسمع وترى مشاهد وصور وإحصائيات يشيب لها الرأس.
من الذاكرة، كنت استمع دائما لبرنامج إذاعي جماهيري يعرض فيه المذيع المشكلة في إطار تمثيلي مبسط ويطلب الفنان ممثل الدور من الحضور الإجابة عن السؤال، ماذا تفعل لو كنت مكاني؟ وهو عنوان البرنامج، وعندها يبدأ حوار بين المذيع والحضور للبحث عن حل للمشكلة. وأنا أسألك، ماذا تفعل لو كنت يمنيا؟ هل تستسلم للعدوان أم تقاومه أم ترتزق وتتعاون مع المحتل أم تقف على الحياد؟ أو تفعل مثلما يفعل البعض وتتنقل من طرف إلى آخر؟
أما على مستوى الأزمة فاسمح لي بسؤال، لماذا تحملت السعودية عبء القتال في اليمن وقبلها سوريا وليبيا وقبلهما العراق ؟ هل هذا هو الأمن القومي العربي؟! هل كان قرار الحرب سعودياً؟ هل مازال سعوديا؟ وإذا كان الدخول في حرب يسير هكذا بمجرد إعلان من واشنطن، فهل فكر السعودي كيف يكون الخروج منها، ابحث معي عن خطة تحفظ ماء الوجه نتطوع بتقديمها للسعودية التي تتلقى اللطمة تلو الأخرى من ترامب وبوتين وكل أصدقائها الأوربيين.
أسئلة من زاوية أخرى، هل حكومة صنعاء ومجلسها السياسي الأعلى ولجانها الثورية تمثل دولة أم ما زلت أسيرا لعملية الخداع السياسي والإعلامي وتعتقد أنهم جماعة هي أنصار الله أو الحوثيين – سمهم ما شئت – وهل مقاتلوهم في نظرك هم ميليشيا مسلحة تعيث في الأرض فسادا كما فهمت من الإعلام السعودي والإماراتي أم أنهم بقية الشرفاء من الجيش اليمنى السابق ومعهم متطوعون يرفضون احتلال بلادهم؟ وتزداد أعدادهم يوما بعد يوم ويطورون أسلحتهم ويحققون انتصارات مذهلة على مدى ما يقارب السنوات الخمس الماضية وما زالوا.
فلنذهب إلى المعالجة الإعلامية للعدوان على اليمن وأسألك، هل وجدت ما وعدتك به العربية والحدث وسكاي نيوز وأشياعهم في الإعلام العربي المرتزق المنافق حقا؟ أم أن هناك إعلاما آخر في وسائل أخرى لم يصلك صوته وإن وصلك فهو أنين هو الذي وقف وحيدا لينقل لك جزءا من الحقيقة ويخفي بقية الأجزاء خوفا من هول الحقائق أو رجاء في أن تبحث عن الحقيقة لتفهم بنفسك.
أرامكو وما بعد أرامكو
لم تكن ضربة البقيق هي الأولى سبقتها ضربات لأرامكو في أماكن أخرى، والأهداف البترولية ليست وحدها ضمن الخيارات الاستراتيجية لليمنيين ولكن هناك أهداف أخرى تم قصف البعض منها والبقية تأتي إن لم تتوقف هذه المهزلة المسماة تحالف عربي واعادة الشرعية .والغريب أن عبد الملك الحوثي زعيم الثورة اليمنية قالها ويقولها صراحة سنقاتلكم وستتألمون .ولكن الضربة الأخيرة تميزت بعنصر جديد، فقد أثارت الرعب في دول الخليج وأثارت مخاوف أمريكا الناهب الأكبر لثرواتهم وأفزعت أسواق البترول المليارية في العالم، كل ذلك بسبع طائرات صغيرة قيمتها لا تتعدى 3 آلاف دولار .ا
قنعني إن تمكنت بأن الأقمار الصناعية الأمريكية والأوربية والإسرائيلية لم تصور رحلة المسيرات من اليمن إلى أهدافها السعودية، وقل لي لماذا هذه التعمية؟ وطرح أسئلة غربية بلا إجابات على شاكلة من أين انطلقت المسيرات؟ مع أن هذه الضربة وما سبقها من ضربات كانت مؤلمة ومؤثرة أيضا هناك في قاعدة الملك خالد وخميس مشيط وجيزان بل ومطار أبو ظبى قبل أن تعدل الإمارات موقفها وهى المهددة الآن بضربة قاصمة إن لم تعلن توبتها عن الدخول في المعترك اليمني.
يا سيدي، أرامكو التي ستطرح نسبة منها في البورصات كما أعلن ولي عهد السعودية وفقا لرؤيته 2030 يريدها ترامب كلها لنفسه، أكرر عين ترامب على أرامكو، وأكرر كلها، وأزيد يريدها مجانا يعني ببلاش، دون أن يحمل الميزانية الأمريكية سنتا إضافيا، وفي الحقيقة فإن وضع السعودية الآن قد يسمح بذلك، لذا فلابد أن تنهار قيمتها، ولابد أن يصرح عقب الهجوم اليمني بأنه لم يتعهد بحماية السعودية من اليمنيين، ولكن فقط من إيران بشرط – أن يدفعوا، ثم يوضح لن نحارب إيران. كيف يحميها إذن؟ اسألوه.
لنعد إلى السؤال الأول، هل هي دولة أم جماعة؟ وهل هم جيش وطني أم ميليشيا؟ كل يجيب بما لديه بعد 5 سنوات من العدوان والحصار والتجويع والمقاطعة والتزييف الإعلامي، أما هم فإجابتهم تكون بوسائل أخرى.
في الخميس 19 سبتمبر-أيلول 2019 06:35:05 م