المعونات الغذائية الأممية والإعلان العالمي باستئصال الجوع وسوء التغذية
مطهر يحيى شرف الدين
مطهر يحيى شرف الدين
 

ليس ديننا هو الذي جعلنا نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع ومن العار والعيب على الشعوب الإسلامية والعربية أن تكون عالة في غذائها على الدول الخارجية وواقع الحال اليوم يشهد أننا من الشعوب التي تنتظر المعونات الإغاثية من الغرب أو نظل نشتري القمح لنغطي به احتياجاتنا الضرورية ، وهذا ما تكفّل به المنتج الأجنبي والمصنِّع الغربي للحيلولة دون وصول الدول النامية ومنها العربية إلى انتاج أو زراعة الأرض وهذا أيضاً ما تريده منا قوى الاستكبار العالمي أن نبقى عالةَ على غيرنا ورهائن لنفوذ وتحكم الدول الاقتصادية المتقدمة زراعياً وصناعياً وألا نجد وسيلة أو نفكر في غاية توصلنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الانتاج الصناعي والغذائي.

ولذلك لا أجد حرجاً في طرح مثل هكذا أفكار أو مقترحات طالما وأننا من الدول التي تتعامل مع المنظمات الأممية والدولية وتستورد منها الحبوب أو تستقبلها كمعونات ومساعدات غذائية من قبل الدول المصدرة أو من قبل الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي.

ولذلك ينبغي أن تتنبه جهات الاختصاص في حكومة الإنقاذ لمثل هذه الإشكالات التي ينبغي أن نعترف بها كحقيقة لا يمكن نكرانها وتعمل على إيجاد وسائل بديلة تكفي الشعب اليمني انتظار وسؤال الدول المنتجة والصناعية التي تقدم المعونات والمساعدات الغذائية لشعوب العالم الفقيرة.

وها هي الأدبيات الأممية تتحدث عن السلم والعدالة وتأمين الأمن الغذائي بضرورة توفر الأغذية بكميات مناسبة لتغطية احتياجات الشعوب والمجتمعات بل حثت تلك الأدبيات عبر إعلاناتها وقراراتها الأممية على إقامة نظام غذائي عالمي وتنفيذ برامج انمائية بحُرية وفعالية بمنأى عن النزاعات والصراعات الدولية.

وكثيراً ما أرهقت المنظمات الدولية المهتمة بالشأن الإنساني والغذائي والإغاثي نفسها من أجل إيجاد حل دائم لمشكلة الغذاء ومن أجل إزالة الفجوات المتزايدة بين الدول المتقدمة النمو والبلدان النامية لإقامة نظام اقتصادي دولي جديد يقضي على الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الدول النامية وبالذات التي تواجه عدواناً سافراً وانتهاكاً صارخاً بحق شعوب الدول المعتدى عليها وتتعرض لحصارٍ وأزمة انسانية خانقة.

ولذلك كان لمؤتمر الأغذية العالمي المنعقد بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يكون على اضطلاع باتخاذ إجراءات تهدف إلى حلحلة مشاكل الغذاء العالمية وأن يعتمد الإعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية ،
وكانت أهم دوافع وأسباب اعتماد هذا الإعلان هو إدراك المؤتمر حالة الدول والمجتمعات النامية في السنوات الأخيرة وما تتعرض له من أزمات اقتصادية ومعاناة متمثلة في الجوع وسوء التغذية بفعل أسباب وظروف المحاولات الأجنبية الاستعمارية لفرض سيطرتها ونفودها على بعض البلدان النامية التي ينبغي عليها العمل على تأمين إنمائها مع الدول المتقدمة من خلال الاستمرار في توسيع التعاون المتبادل في ميدان الإنماء الزراعي لا سيما وأن المؤتمر نتيجة لذلك قد أعلن أن لكل رجل وامرأة وطفل في العالم أن يتحرر من الجوع.

وبالتالي ولكي يكون لتلك الاهتمامات والتوصيات التي وردت في إعلان المؤتمر أثر إيجابي في برنامج حكومة الانقاذ الوطنية ينبغي عليها أن تسعى جاهدة للاستفادة من هذا الإعلان ونتائجه وذلك للسعي نحو سد العجز الغذائي الحاصل في بلادنا والعمل على اتخاذ تدابير كافية لإقامة علاقات تعاون اقتصادي دولي مع الجهات الداعمة والمانحة والسعي نحو تهيئة المناخ المناسب واستغلال الموارد المالية والمادية وتوفير حوافز مناسبة لأصحاب الأراضي الزراعية المنتجين والصناعيين سعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يخلص الشعب اليمني من الانتظار للمعونات الغذائية من الخارج أو أن يكون عالة على الدول الأجنبية في مأكله وأسباب معيشته خصوصاً وأن مجتمعنا اليوم يملك القدرات والكفاءات البشرية المتخصصة المخلصة وما ينقص الكوادر الوطنية إلا الحاجة إلى مسائل الدعم الفني والتقني في سبيل استغلال الأرض اليمنية الواسعة للزراعة والنهوض الاقتصادي الذي لو تحقق فإننا بذلك سنصل إلى ما نصبو إليه من الإكتفاء المحلي في المنتجات الزراعية والصناعية التي تعتبر عمود الاقتصاد الوطني القوي القادر على النهوض بالشعب وبالدولة اليمنية الحديثة إلى أرقى مستوى في كثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر كان قد دعا كافة الشعوب والدول عن طريق حكوماتها ومنظماتها الغير حكومية على إزالة شبح الجوع المسلط على الشعوب منذ عصور ،
وكان من أهم ما خرج به مؤتمر الأغذية العالمي هو ضرورة أن تتخذ البلدان المتقدمة النمو إجراءات عاجلة وناجعة لتزويد الدول والشعوب الفقيرة بالمساعدات التقنية والمالية وتشجيع واشاعة التكنولوجيا المناسبة لإنتاج الأغذية لمنفعة البلدان النامية بشروط ملائمة ويجب أن تخلو هذه المساعدات من أية شروط تتنافى مع سيادة الدول التي تتلقاها.

وبالتالي ولتحقيق سياسة واضحة وبرامج غذائية إنمائية وطنية ينبغي على حكومة الانقاذ حشد الطاقات والجهود والاستفادة من مخرجات المؤتمر ومن الإعلان العالمي باستئصال الجوع وسوء التغذية وأن تعمل على إيجاد الخطط ورسم السياسات والبدء بتنفيذ خطوات عملية مع الدول الداعمة والمانحة لاستيراد الدعم الفني والتقني والمواد الأساسية واللازمة لتأسيس البنية الزاعية والصناعية التي تضمن لبلادنا في المستقبل القريب اكتفاءً ذاتياً يكفي الحكومات بمؤسساتها العامة والخاصة مؤنة السؤال والحاجة إلى المساعدات والاعانات الغذائية التي تنال من كرامة وعزة الشعب اليمني العظيم تحقيقاً للمثل القائل :
” لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصطاد”،

 
في الخميس 24 أكتوبر-تشرين الأول 2019 07:53:02 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=1926