الجدل المتصاعد بين حلفاء العدوان حول اتفاق “جدة – الرياض” اليمني
د.عبدالعزيز بن حبتور
د.عبدالعزيز بن حبتور

الجدل المتصاعد بين حلفاء العدوان حول اتفاق “جدة – الرياض” اليمني.. ماذا لو وقع شرفاء صنعاء ومقاوموها اتفاق سلام وحسن جوار مع السعودية؟ ما هو مصيركم؟

يتابع الرأي العام اليمني والعربي والأجنبي خلال هذا الأسبوع سجالاً سفسطائياً محموماً بين عددٍ من المحللين المحترفين والهواة على حدٍ سواء، بين فريقين مُتضادين ومُتناحرين، منهم من يقف مع بنود اتفاقية (جدة — الرياض) التي صاغ مسودتها الأولى والثانية وربما العاشرة خبراء سياسيون وعسكريون تابعون لدولتي الاحتلال السعودي-الإماراتي لليمن، تلك هي الاتفاقية التي تعيد بموجب بنودها تقسيم العمل بين مرتزقتها وعملائها من اليمنيين على اختلاف ألوانهم الشاحبة من ما يُسمون ذواتهم (شرعية أو انتقالية أو أَي مسمَّى آخر قد يحضر إلى ذلك المشهد التراجيدي البائس لاحقاً).

يتناسى ويتغافل البعض مِمَّن يقوم بذلك الدور التمثيلي الساذج في الحوار السياسي والأمني المباشر وغير المباشر بين طرفي النزاع في مدينة جدة بأنهم لا يمثلون أيَّة إرادةٍ وطنيةٍ أصيلة ولا شعبية حقيقية ولا أخلاقية بطبيعة الحال، تناسوا بعنوةٍ وغباءٍ لافت بأنَّهم يُمثِّلون إرادة الأجنبي المُعتدي المُحتل لليمن وخيراته وشعبه الكريم، هم أدوات فحسب مُنذ أن (استدعوا الأجنبي) علناً ليُدمِّر بلادهم ويقتل ويُحاصر مواطنيهم مُنذ فَجر يوم الخميس في الـ 26 مارس 2015م وحتى كتابة هذا المقال، هؤلاء المتقاتلون اليوم في المحافظات الجنوبية الواقعة تحت الاحتلال (يتهاوشون) على بقايا الفُتَاتْ من بقايا سُلطةٍ انتهت عملياً بالتدخل العسكري العُدواني بتدميرها معنوياً وأخلاقياً من قبل أعْرَاب الصحراء بحقدٍ وكراهيةٍ وخُبث.

وللتذكير في سياق تناولنا للموضوع ومُنذ أن رست سفن وفُرقاطات الإمارات العربية المتحدة في ميناء الزيت بعدن الصغرى (ميناء البريقاء) في شهر يوليو 2015م وأفرغت حمولاتها الثقيلة والخفيفة من دبابات ومصفحات ومدافع ومرتزقة جمعتهم من شتى بقاع الأرض من مرتزقة الجنجويد السودانيين وعملاء البلاك ووتر التي ينتسب لها أفراد من مُعظم قارات العالم، ونزولهم وتدنيسهم تربة مدينة عدن الطاهرة، كان نزولها واكتساحها للمدينة بتنسيق كامل وتام مع قيادة المملكة العربية السعودية شريكتها في الغزو والعدوان على اليمن بمسمى (عاصفة الحزم المشؤومة) مصحوباً بهجومٍ جويٍ عنيف لأحياء ومنشآت مدينة عدن.

نتذكر معاً أن نزولهم لأحياء وضواحي المدينة تزامن مع انسحاب عشوائي مُرتبك لطلائع الجيش اليمني واللجان الشعبية من مدينة عدن، ونتذكر أن من كان يقاتل إلى جانب القوات الإماراتية في الأحياء والشوارع هم جماعات مسلحة من مليشيات سلفية وجهادية متطرفة، ومقاتلي مليشيات الإخوان المسلمين من حزب التجمع اليمني للإصلاح، ومن مقاتلي تنظيمي (داعش) والقاعدة، ومجاميع من أبناء عدن الذين أخذتهم الحمية الساذجة تطوعت بعفوية للقتال وكذلك من العصابات المسلحة التي سبق لها أن قامت بأعمال نهب وسلب لمؤسسات الدولة والملكيات الخاصة للمواطنين، هؤلاء هم بقضهم وقضيضهم من كان يطلق عليهم (بالمقاومة الجنوبية!!!).

شرعت الإمارات العربية كدولة احتلال ومنذ الأسبوع الأول لوصولها إلى عدن وبتنسيق تام مع المملكة السعودية إلى تشكيل وتأسيس ما سُمِّي بالحزام الأمني وعلى أسس قبلية مناطقية مُتخلِّفة في كلٍ من محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع، وأسست بموازاتها قوات أمنية مناطقية قبلية بمسمى النُّخَبْ الشبوانية والحضرمية والمهرية والسقطرية في كلٍ من محافظات شبوة وحضرموت (الساحل) والمهرة وسُقطرى واستمرت في تشكيلها ولكن بمسميات أخرى في كلٍ من تعز والحديدة ومأرب.

تشير التقارير الأمنية بأنَّ الإمارات العربية المتحدة جندت لوحدها ما يقارب من 90 ألف مُجنَّد (تسعون ألفا) فيما سُميت (بالأحزمة الأمنية الجهوية المناطقية والنُّخَبْ القبلية المناطقية)، والسعودية كذلك بدورها جنَّدَتْ عشرات الآلاف من الجنود والمرتزقة لضمهم الى ما سُمِّي (بالجيش الوطني) والعصابات من (السلفيين اليمنيين) لنقلهم من عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية للدفاع عن حدودها الجنوبية، وشاهدنا معاً تلك الصورة المُخزية التي استسلم وسلَّمَ فيها آلاف الجنود المُغرر بهم وهم يُساقون في طابور استسلامي مُهين في العملية البطولية للجيش واللجان الشعبية (نصرٌ من الله) وسيأتي بعدها (الفتح القريب) بإذن الله تعالى.

نسمع بين حينٍ وآخر تصريحات إعلامية عنترية ونارية من قِبل رموز الفريقين المتشاكسين ضد بعضهما البعض، تصريحات من قِبل الصقور و ردْ من قِبل الحمائم وبسيلٍ من التصريحات والخطابات وحتى الكتابات، لكننا هنا يجب أن نتوقف ونتحدث بصوتٍ عالٍ وبوضوحٍ تام لجميع هؤلاء بالنقاط التالية لكي يفهموا دورهم الحقيقي في هذا العدوان على اليمن وشعبها الكريم على النحو الآتي:

ـ أولاً:
من المُعيب عليكم أن تتحدثوا عن السيادة الوطنية اليمنية بعد أن ذهبتم جماعات وزرافاتٍ وأحزاباً وفرادى إلى العاصمة السعودية الرياض، العاصمة الرئيسية لعُدوان عاصفة الحزم، عقدتم فيها مؤتمراً لتستجدوا العُدوان على وطنكم اليمن وطأطأتم الرؤوس لتطلبوا النجدة من السعودية كي تَدُك وطنكم وتقتُل شعبكم، وكان لقاؤكم هناك هو عنوان الخزي والعار بكل معاني ودلالات المفردات التي روت سيرة تلك الواقعة.
ـ ثانياً:
ذهبتم إلى الرياض وأبو ظبي تستجدون دولتي العدوان السعودي الإماراتي بأن يُواصلوا عُدوانهم وخنقهم للشعب اليمني بحصار هو الأقسى في تاريخ الحروب في العالم، أغلقتم على شعبكم اليمني المظلوم المطارات والموانئ البحرية والبرية.
ـ ثالثاً:
تعاملتم مع شعبكم كرهينة مُختطفة مع الأعداء من خلال المنع شبه التام عنه للدواء والغذاء والملبس ونقلتم وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء وقطعتم رواتب ومعاشات العاملين في الجهازين المدني والعسكري وتلذذتم بعذاب البسطاء من شعبكم.
ـ رابعاً:
مارستم دوراً تضليلياً إعلامياً هابطاً في وسائل الإعلام التابعة لدول العُدوان وحتى للقنوات الأجنبية طيلة خمس سنوات خلت، وقمتم بالتبرير وتزوير الحقائق لما يحدث من جرائم دون حياءٍ ولا خوفٍ من الله، وكلما قَتلت الطائرات التابعة لدول العُدوان النساء والأطفال والتلاميذ في المدارس والمرضى بالمستشفيات وحتى مخيمات النازحين وحفلات الأعراس وقاعات العَزَاء، كُنتُم تتسابقون بمهانة عبر القنوات الفضائية للتبرير ومحاولة غسل جرائم العُدوان، وجميعها هي موثقة بالصوت والصورة.
ـ خامساً:
هل سأل أحدكم ذاته يوماً وأنتم تنعمون مع أُسركم في فنادق الرياض وأبو ظبي والدوحة وإسطنبول والقاهرة وبقية المنتجعات التي تأويكم عن كمية الوجع والألم والمتاعب والمعاناة الإنسانية التي تلاقيها الأسر اليمنية الباحثة عن وسيلةٍ وطريقٍ للسفر للخارج للعلاج أو الدراسة أو حتى العمل (والسياحة)، وتقطع في رحلة التعب مئات الكيلومترات للوصول إلى مطارات عدن وسيئون والمهرة، وكم هو الضيم الموجع الذي تتعرض له جراء ما تلاقيه في الطرقات من الممارسات العنصرية التافهة التي تواجهها الأسر والعائلات اليمنية الكريمة، بطبيعة الحال لم ولن تحسوا أو تشعروا بذلك لأنَّكم وأُسركم في حالة نزهة سياحية مستمرة لخمسة أعوام مضت.
ـ سادساً:
على ماذا تختلفون يا جماعة (الانتقالي والشرعية) وأنتم شيئاً واحداً؟، أنتم أتباع وعملاء طيّعون للمعتدي السعودي-الإماراتي ليس إلاَّ، فمدينة عدن كانت تحت سطوة المُحتل الإماراتي والآن وافقتم على أن تكون تحت الهيمنة والسيطرة للسعودية، أنتم استبدلتم مُحتلاً خارجياً بمُحتلٍ آخر، لأن السيادة الوطنية والكرامة الأخلاقية قد شُطبت من قاموسكم السياسي (الوطني) تماماً مُنذ أن استقبلتم جحافل العُدوان بالتهليل والتطبيل والهتافات ورفعتم أعلام وصور قادة دول عُدوان عاصفة الحزم على اليمن في كل المحافظات الواقعة تحت الاحتلال من حضرموت وشبوة ومأرب شرقاً وحتى عدن وتعز ولحج والضالع وأبين غرباً.
ـ سابعاً:
هذا العُدوان الوحشي مهما طال لابدَّ له من نهاية، ونهايته ستكون قريبة بإذن الله وسيتم توقيع وثيقة سلامٍ مُشرِّف وحسن جوار بين اليمن العظيم وعاصمتها الأبدية صنعاء بأحرارها المقاومين الأبطال وبين المملكة السعودية المُعتدية وقادتها، لكن هذا الشرف الرفيع لن يكون لكم فيه نصيب بطبيعة الحال، ولن تحظوا في سجل التاريخ إلاَّ بكلماتٍ مُخزيةٍ بأنكم قد قبلتم على أنفسكم بأن تكونوا مطية وعملاء لدول العدوان، ولهذا تخيَّلوا لمجرد التخيّل ماذا سيُسجِّل ويكتب عنكم التاريخ؟ وتقرأه الأجيال القادمة!!.

الخُلاصة:
إنَّ حُكم التاريخ الفاصل على شريحة العملاء والمرتزقة المحليين للدول الخارجية المُعتدية يُوصفون بأسوأ الأوصاف كالخزي والعار والمهانة نظير موقفهم المُذل، أمَّا المقاومون الأحرار عن أوطانهم فيكافأون ويكللون بتيجان أغصان الغار كعلامة للنصر العظيم، وهذه سُنَّة الحياة الطبيعية من العصر الإغريقي الروماني قبل آلاف السنين إلى يومنا هذا، والله أعلم مِنَّا جميعاً.
وفوق كُلّ ذيِ عِلمٍ عَلِيم

* رئيس مجلس الوزراء


في السبت 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 07:40:48 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=1944