سلمى تحت القصف
د.أسماء الشهاري
د.أسماء الشهاري

سلمى طفلة تبلغ من العمر اثنتاعشرة عاما كانت تعيش مع أخويها و والدها و والدتها حياةً سعيدة مستقرة، كان منزلهم بسيطاً متواضعاً لكنها كانت تراه قصراً.. كانت سعيدة بِكُل تفاصيل حياتها البسيطة مع عائلتها و بذهابها إلى مدرستها و بلِقائِها زميلاتها..

من نافذة صغيرة في بيتها مُطِّلة على شجرة كبيرة كانت سلمى تُحِب أن تستمع لأصوات العصافير كل يوم و كأنها تنظر من تلك النافذة إلى حديقة كبيرة مُخضرة زاهية الألوان ما أعذب هوائها.. كانت ترى كل شيء جميل قوتها البسيط و حتى شجارها مع إخوتها، لم يكن لديها الكثير من الألعاب و لم تكن أسرتها تمتلك الكثير من المال لكنهم كانوا جميعاً سعداء و مطمئنين و راضين بحياتهم..

و لكن فجأة ذات يوم تلبدَت السماء بالغيوم السوداء المُخيفة التي سَدَت الأُفق و كانت الرياح قوية و عاصفة و كان صوت الرعد مُزمجِّراً؛ تفاجأت الصغيرة بالنوافذ تتحطم و أبواب المنزل تتكسر و هي و أسرتها الصغيرة في هلع شديد تكاد قلوبهم تتوقف من هول الموقف و من شدة الخوف و الفزع..

و ما هي سِوى لحظات قليلة حتى أشتد ذلك الصوت المُرعِب و بدأ السقف يتهاوى فوق رأسها الصغير و النيران الرهيبة قد بدأت تلتهم المنزل الصغير حتى ظنت سلمى أنها ستلتهمها أيضاً، لقد أسودَّتِ الدنيا في وجه سلمى الصغيرة لم تَعُد ترى والديها إلى جانبها و لم تَعُد حتى تسمع أصوات أخويها المدوية..

و في الحقيقة لم أعُد أعرِّف ما حصل لسلمى بعد ذلك هل التهمتها النيران أم دُفِنت تحت الرُكام؟ أم هل أصبحت مُعاقة بدون يدٍ أو ساق؟ لا أدري ما حصل لوجهها الجميل و لا ما أصاب عائلتها.. رُبما نَجت لِتجِد نفسها مع آلاف من النازحين لا تعرفهم؟ لم يَعُد ذلك المنزل الصغير موجوداً و لا تلك الحقيبة و الدفاتر؛ لقد تحوَّل كُلُّ شيء إلى سراب..

آهٍ يا سلمى هل ستجدين كسرة خبز تسدين بها جوعك أم غِطاء تختبئين تحته من بردِ الشتاء..

في الحقيقة سلمى هي قصة من مخيلتي لكنها ليست وهم و لا خيال مع الأسف هناك المئات أو حتى الآلاف ممن يمثلون قصة سلمى، و تلك الريح العاصفة و السماء السوداء و تلك الأصوات و النيران ما هي إلا العدوان الظالم الغاشم على العديد من محافظات و مناطق الجمهورية اليمنية، الرحمة للشهداء و الشفاء للجرحى و المرضى و من أصيبوا بعاهات دائمة جراء ذلك الإجرام، و الله الله في النازحين الذين فقدوا منازلهم و شُرِّدوا من مساكنهم و كانوا أعزاء في بيوتهم؛ فوجدوا أنفسهم فجأة في العراء و أنفسهم عزيزة من أن يطلبوا قوتاً يسدُّ رمقهم و جوعهم.

نحن كشعب يمني عظيم مسؤولين عن هؤلاء مهما كانت ظروفنا بسبب العدوان، لن ننتظر أبداً دعماً من أي جهة كانت لأنه لم يلتفت لمعاناتنا و جراحنا أحد طوال الفترة الماضية، فليقدِّم كل مِنّا ما يقدر عليه و ليتخيل أحدنا نفسه مكان هؤلاء لا قدر الله علينا أن نتحمَّل مسؤوليتنا تِجاههم ، هذا و حسبنا الله في من اعتدى علينا، و الله من وراء القصد
في الثلاثاء 16 أغسطس-آب 2016 11:45:51 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=204