|
تم انشاء منظمة الأمم المتحدة كوسيلة ومنهج للتعاون بين الدول الأعضاء من أجل منع الحروب وقمع أعمال العدوان والعمل على حل المنازعات الدولية التي تؤثر وتُخل بالسلم والأمن الدولي، كما أن أهم عامل أساسي دفع إلى إنشاء المنظمة هو انقاذ الشعوب من ويلات الحروب وآثارها التي جلبت على الإنسانية مآسٍ وأحزان يعجز عنها الوصف.
منظمة الأمم المتحدة عبارة عن نظام من أنظمة المجتمع الدولي يتم بواسطتها تنظيم العلاقات الدولية وذلك عبر ميثاق الأمم المتحدة وتطبيق القوانين الدولية والعهدين الدولييين بشأن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وملحقاتها وكذلك الإعلانات والقرارات والمبادئ الصادرة عن الجمعية العامة والاتفاقيات الدولية الثنائية ذات الطابع القانوني الملزم لأطرافها.
ولذلك يتضح من ظاهر عناوين تلك الأدبيات هو السعي الحثيث للمنظمة الدولية نحو حماية حقوق الإنسان وسيادة العدالة ونشر الوعي بين جميع شعوب العالم بتطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية الهادفة إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها وإلى افشاء السلام الدولي والحيلولة دون قيام الحروب والصراعات على المستوى الدولي والاقليمي والعالمي وكذلك العمل على وقف الاشتباكات والصراعات ومنع انتشار أو بيع الأسلحة المحرمة دولياً وتفاقم المنازعات الدولية التي تهدد السلام العالمي.
ولعل أبرز ما يمكن أن نتحدث عنه مناسبةً للواقع الذي نعيشه اليوم هو مجلس الأمن الذي يعتبر أحد أجهزة المنظمة وله قوة الإلزام والحُجة القانونية في قراراته وتوصياته.
في حين تعتبر مخرجات الجمعية العامة للأمم المتحدة عبارة عن ملاحظات وتوصيات ليس لها القوة الملزمة ناهيك عن ذلك فإنه يتوجب على الأمين العام للأمم المتحدة أن يخطر مجلس الأمن في كل دور من أدوار انعقادها بكل المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدولي بما في ذلك طبيعة ووضع الحروب والنزاعات القائمة بين الدول، ولذلك فإن مجلس الأمن عندما يصدر قرارات بشأن نزاع او موقف دولي فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توصية معارضة في شأن هذا النزاع.
وكما جاء في ميثاق الأمم:
ليس ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون الداخلية لدولةٍ ما على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.
ومن أهم مظاهر احتكار القرارات الدولية التي تنفرد بها الدول العظمى في مجلس الأمن التفوق بالعضوية الدائمة في مجلس الوصاية واختصاصات اتخاذ القرارات المناسبة إزاء الأقاليم التي تفتقد إلى السيادة وتخضع للوصاية وبالذات تلك التي تتمتع بموقع وأهمية استراتيجيية.
ولذلك يمكن القول أن الوزن السياسي والاقتصادي للدول الأعضاء الدائمة إضافةً إلى العوامل التاريخية الذي تتمتع بها تلك الدول بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية هو ما جعلها تمتاز بالوضع الخاص بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الذي يحق له التدخل في الشؤون الداخلية للدول بموجب الفصل السابع الذي يجيز للمجلس اتخاذ عقوبات عسكرية وغير عسكرية أو تدابير قمع حفظاً للسلم والأمن الدولي مواجهةً لأي تهديد للسلام والتعايش بين الأمم.
لكنه وأمام آلاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني من قبل تحالف العدوان السعودي الأمريكي لما يقارب الخمس سنوات يغفل أو يتغافل عنها غير آبه بكل ما تم ذكره من أدبيات وصكوك الأمم المتحدة وبالذات فيما يتعلق باحترام حقوق الانسان وحرياته وضرورة حفظ السلم والأمن الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، مستغلاً بذلك صلاحياته واختصاصاته.
المنصوص عليها في ميثاق الأمم ضارباً عرض الحائط بالاعتبارت الأخلاقية والانسانية والقانونية ومنتهجاً بذلك الإزدواجية في المعايير الفاضحة لتوجهاته وممارساته الظالمة.
الأمر الذي يجعل الأمم المتحدة عاجزة عن عمل أي شيء نتيجة ما قامت به الدول العظمى العالمية من دور في صياغة واخراج ميثاق الأمم وبما يحقق مصالحها الدولية والإقليمية، بل أضحت صكوك الأمم المتحدة عبارة عن مظاهر إعلامية ظاهرها الحقوق والحريات وباطنها مجلس الخوف والطغيان والاستكبار بل أصبحت غطاءاً يتستر على أساليب وممارسات المجلس المجحفة والظالمة بحق شعوب اشتاقت لنيل الحرية والسيادة وأحبّت أن تعيش عزيزة كريمة متخلصةً من التبعية لدول الاستكبار الطامعة التي نراها اليوم ممثلة لمجلس الأمن الذي أصبح صوتاً لا يُعلى عليه وقراراً لا يمكن استئنافه وسيفاً مسلطاً على رقاب الشعوب.
أضف إلى ذلك فإن مجلس الأمن يحظى بحق إحالة أي دعوى مقدمة من الدولة المعتدى عليها إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد الدول المعتدية كخيار بديل للدولة المعتدى عليها إذا لم تكن عضواً في نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
الأمر الذي يكشف للعالم أن الدوافع الحقيقية لتشكيل مجلس الأمن ما هي إلا حيلة من الدول العظمى الاستكبارية في مجلس الأمن ومخادعة الشعوب المستضعفة في محاولات بائسة للسيطرة والنفوذ وفرض الوصاية عليها بغية الاستيلاء عليها لنهب ثرواتها ومقدراتها.
ولذلك عندما رأى الشعب اليمني الحر أن ما يسمى بمجلس الأمن يتمادى في صمته ونفاقه وتعاطفه مع مرتكبي الجرائم المروِّعة والانتهاكات الصارخة بحق أبنائه وأرضه فإنه قد أدرك منذ وقتٍ مبكر رهانه على تأييد الله له وعلى عدالة قضيته ومظلوميته التي سينتصر بانتصاره لله سبحانه وتعالى ولرسوله واعتصامه بحبل الله ووثوقه به بالله والتوكل عليه.
فما أخذ من هذا الشعب بالقوة فلن يسترد إلا بالقوة وبالعُدة والعتاد وبالبأس الشديد وبالعزيمة وصدق الحديث وثبات المبدأ وها نحن اليوم نرى بشائر النصر على أعداء الله ورسوله والمؤمنين تلوح، والله على كل شيء قدير..
في السبت 14 ديسمبر-كانون الأول 2019 04:24:42 م