|
قصائده وزوامله مواجهة ضد العدوان:الأشرم شاعر رفيع المقام.. سبر أغوار الكلام
عفاف محمد
الشعر لم يكن مجرد كلام يقال ..بل هو عالم بحد ذاته، يعبِّر فيه الشاعر عن أحاسيسه فيجعلك تعيش اللحظة بكل تفاصليها .
وكذلك يعد الشعر أداة تحفيز وطاقة أمل وحِكماً تُدَّرس وأخلاقاً يشاد بها ..
ويصدر من الشعر نغم موسيقي تطرب له الآذان وترق له القلوب ..
وهو أكثر الأدوات اللغوية الرائعة، تميز بقوة التعبير والأساليب والمحسنات البديعة والاستعارات المكنية، واللفظة المسبوكة التي لرقتها وعذوبتها تخف على اللسان ولا تثقل على السمع .
وقد اتصل شعراء هذه المرحلة بالثقافة القرآنية واكتسبوا منها مفاهيم سامية ترقى بالفرد إلى مستويات عالية من الإيمان محفوفة بالمبادئ والقيم الأصيلة ،وصاغوا شعرهم في فترة العدوان الجائر بأسلوب بليغ وفصيح مصبوغ بالهوية الإيمانية وبالولاء للوطن والأولياء الصالحين، وقد عبَّروا عن سير المرحلة بشعرهم المتقادح عنفواناً وكبرياء وشموخأً وهمة .
وهنا نتطرق لسيرة شاعر معاصر واكب أحداثاً جساماً من حروب وآفات سابقة ومن بعدها الحرب التي شنها تحالف الشر على يمن الحكمة والإيمان..
شاعرنا حتى اليوم أعطى شعراً مميزاً متوازناً لا يخل، وممتع لا يمل ..
عرفنا الكثير من كلماته عبر صوت المنشد لطف القحوم وأحببناها وألفناها ..
شاعر أضاء نجمه مع نجوم فلك الشعراء.. هو الشاعر “محمد الأشرم ”
تعريف بالشاعر :
الشاعر/ محمد يحيى صلاح الأشرم.
مواليد/ صعدة – العبدين- تاريخ الميلاد ٥/١/١٩٨٧.
الكنية/ أبو يحيى.
الحالة الاجتماعية/ متزوج.
العمل/ مجاهد في سبيل الله.
نشأ الشاعر أبو يحيى في بيئة محافظة وملتزمة مغمورة بالإيمان والتقى والصلاح مثلما هو حال معظم أبناء مدينة صعدة، عرف من خلالها مفاهيم سليمة ومنطقية، فجعل من نفسة سلاحاً ضد الباطل بتحركه الجهادي سواء في الميدان الثقافي أو الجهادي في ساحات الوغى، تحركه نزعته وفطرته النقية التي لم تشبها شوائب العصر الحديث .
أنتج أول عمل شعري له عام ٢٠٠٦م حيث ترجم الأحداث الحاصلة آنذاك، كانت قريحته الشعرية قد ألزمته بضخ إبداعه بعد تأثره بالمواقف البطولية التي يصدِّرها رجال الله من الأنصار في ساحات الشرف، والتي عاصرها في مهدها قبل أن تصل شرارتها إلى عمران وصنعاء ،وعبَّر عن تلك المعارك الضارية وعن تلك الانتصارات والتأييد الإلهي، حيث أن كل ذلك حرَّك فيه موهبته الشعرية التي انهمرت كغيمة ماطرة تجود بالغيث .
تعرَّف شاعرنا على الشهيد لطف القحوم قبل الحرب الخامسة، إذ كانا يجتمعان في مجالس القات مع الشهيد توفيق طنينة، ومن بعدها كوَّنا ثنائيا جميلا وأنتجا أجمل الكلمات وأبدع الألحان..
أنتجا زوامل جهادية كثيرة هي من كلماته ،واستمرا كذلك حتى تم افتتاح مؤسسة الشهيد زيد علي مصلح ،ومن ثم قام الشهيد لطف بتسجيل أول قصيدة من كلمات الشاعر الأشرم وهي ( يا طواير حلِّقي) وقد انتشرت هذه الكلمات مثل النار في الهشيم وحفظها الصغير والكبير، إذ جعل منها موقف تحد يجابه به طائرات العدو .
وتقول كلماتها :
يا طواير حلقي في سمانا حلقي
حلقي هيهات منا المذله والأنين
والله إنَّا ما نهاب اهدئي باتحرقي
درعنا موجود في ملزمة سيدي حسين
وهناك العديد من الزوامل التي عرفها الجمهور بصوت الشهيد لطف القحوم كتبها شاعرنا المبدع، ومنها :
يا جرف سلمان
ثرنا مع الحق بالصرخات
ثرنا كما الموج والطوفان
نرفض نظام العبوديات
وأيدي العمالة قوى الشيطان
……………..
( درب زيد الفضيل)
ثرنا مع الحق ثرنا في درب زيد الفضيل
ثرنا على الظلم ثرنا ضد الطواغيت
عليه لعنة من الله من ضل عن ذا السبيل
ثرنا على الظلم ثرنا ضد الطواغيت
……….
وكذلك من كلماته المعروفة :
( يا معتدي فضلك البارود)
بعنا من الله موااااقفنا
ونفسنا والعهود شهود
والعهد مكتوب من دمنا
لحسين والخالق المعبود
…………….
وكذلك من كلماته ما حفر في الوجدان:
( حيا بداعي الجهاد)
يا مرحبا مرحبا ترحيب كله عتاد
حيا بداعي الجهاد
لبيك لبيك يا داعي الهدى والرشاد
حيا بداعي الجهاد
لبيك يا مخرج الأمة من الاضطهاد
حيا بداعي الجهاد
………….
وأيضا زامل ( بعد ابن طه رجال رجال) والذي لف كل مترس وكل سهل وواد وكل تبة وكل هضبة:
بعد ابن طه رجال رجال
بانثبت العز والرجلة
بانعتصم حسب ما هو قال
والكل منا مسلِّم له
…………
أما الزوامل التي ترددت بصوت المنشد المتألق عيسى الليث فهي:
( لبيك يا شبل طه)
لبيك يا شبل طه
يا رمزنا والقيادة
كل القبايل تراها
لك سيف داخل غماده
…………
( يهدى لسيدي)
يا سلام الله يهدى ويبلغ سيدي
سيدي عبدالملك قائد المستضعفين
سيدي يا سيدي يالعلم يا قايدي
خض بنا أعماق البحار واضرب المستكبرين
………………….
( جريح الحرب)
على عهد الوفا باقين ومع الله رجال رجال
رعى قوم تحيا بالكرامة والوفا ترعاه
سرينا وانطلقنا والمراحل والدروب طوال
تباها يا جريح الحرب دم الحر لن ننساه
…………
وقد كتب الشاعر يحيى الأشرم قصائد عديدة منها ما لم ينشد ويصعب حصرها لكثرتها ومنها ما يتحدث فيها عن المناسبات الدينية والوطنية منها : المولد النبوي، ويوم الغدير، وكربلاء، وكذلك عن الثورات .
كما شارك شاعرنا في كثير من المهرجانات والاحتفالات وساهم بقصائد مواكبة لكل حدث بروحه المتقدة وإيمانه وثباته الراسخ وثقته بالله .
لم يكن يوماً ممن يلهثون خلف النجومية فقد أعطى من عصارة قلبه ومن صميم وجدانه بصدق وإخلاص وولاء، وكان التواضع من أبرز سماته ،ومن قصائده التي استقبل بها العام السادس للعدوان قصيدة معبِّرة طاوعه هاجسه لأن يصيغها بأروع صورة .. يقول مطلعها :
يا قلم مادمت جنب السيف حارس
والقوااافي تنتطي الليلة فرسها
اكتب اكتب واوزن ابياتي وقايس
كل جملة فكري الراااايق حدسها
وانت يا تاريخ سجل عام سادس
والمعارك ما قد اتوقف جرسها
عام سادس والنشاما في المتارس
رغم طول الحرب ما ضاقت نفسها
عام سادس واليمن للعز لابس
قاااااتل الذلة وبصموده طمسها
عام سادس واليمن للحلف داعس
والكرامة من هدى الله يقتبسها
بلغوا أمريكا اللعينة والدسايس
ارض سام العز جند الله حرسها
واليماني حيد ما مثله مناااااافس
لا استهانت به خصومه يفترسها
شعب مستبسل مناضل راس يابس
والعزيمة داخل القلب اغترسها
عشت يا موطن سبا يا خير فارس
يا ديار القوم ذي تفرض حمسها
بالصمود ادعس على حلف الكنائس
واقهر أمريكا ولا تقبل دنسها
وله قصيدة أخرى تقول :
اشمخ براسك موطني لا تقلق
الشعب حازق بندقه والعدة
وانا بصف الشعب جندي للحق
حامي لديني وارضنا والوحدة
قابض سلاحي محتزم بالمحزق
صادق مع الله في الرخا والشدة
قل للسعودي والعميل الاحمق
شعب اليمن فوق السحايب مجده
والله لن يصبح ضعيف ومرهق
لو يحشد العالم ويوقف ضده
نصر اليمن لا بد ما يتحقق
والمعتدي يهزم ويدخل لحده
تجده كالطير متنقلاً بشاعريته بين سفوح الجبال والسهول والوديان، يكشف رؤيته العميقة للأحداث، فأوصل ما يريد من خلال استمالته للاسماع بديباجة رائعة.
يقول في إحدى قصائده الحماسية :
يا بندقي فوق روس المعتدين امطري
واسقيهم الموت الأسود لا تردي مصاب
دكي ابتهم ولتراب اليمن طهري
وللرجال الميامين افتحي كل باب
اتفاءلي يا بلادي بالرجال وابشري
بالعز والخير ياتي لو يطول الضراب
مادام شعبي في الساحات مستنفري
لا تحملي هم يا دار الشرف وارتياب
إحنا أولو باس كمِّن راس يابس بري
والله معنا إذا اشتدت علينا الصعاب
من يشتي الموت الاسود بايشوفه طري
من بطن شيكي وابو عطفة يجز الرقاب
العز لي والشرف والموت للمفتري
ذي غايته يا بلاد العز تبقى خراب
حينما نتوقف عند ألفاظ هذه القصيدة وتراكيبها نلمس امتلاءها بالشموخ والكبرياء ،واتصالها بشؤون المعركة ويصلك إحساس عبرها كأنك تعيش المشهد .
وحين نتصفح قصائده تطالعنا قصائد حماسية تتسم بحس متوفر للاقتحام ،مؤجج للحس الوطني ،مفاخر بالبطولات الساحقة وبقدرات أسود الله الخارقة .
ولم ينس شاعرنا قضية فلسطين المركزية، فأبدع بقصيدة مزلزلة بعنوان :
( القدس الشريف )
حنيت يا قلبي كما حنت قذايف مدفعي والنار شبت في حشا صدري ونفسي موجعة
من واقع أمة للعروبة والحضارة تدَّعي وأوضاعها تكشف لها سوء الشقا والضعضعة
أمة طغى فيها الضلال وفي المذلة ترتعي
ضلت عن النهج السوي وأضحت ذليلة خاضعة
المسجد الأقصى ينادي يا الملايين اسمعي
أين انت يا اللي كنت للإسلام دار وجامعة
أين الفتاوى وين راح الداعية والمدعي
والجمعية والمظهر الديني وتاك الطيوعة
ضاعت هبا واتبخر الحنا وذقن المطوعي
وفي طاعة امريكا وإسرائيل هبت مسرعة
يا الطايرات اللي على الطفل اليماني تطلعي
وتشني الغارات فوق الحاملة والمرضعة
والله ما باتخضعينا يوم وإلا تمنعي
عن نصرة الأقصى يماني حر ماشي يمنعه
رغم المآسي بانتصر للقدس وابذل ما معي
واحمي بلادي طول عمري ما عرفت الضعضعة
يا سيدي عبدالملك راهن بنا جيش الدَّعي
واضرب بنا يا سيدي وسط البحور الواسعة
احنا معك يا سيدي باقولها من موقعي
من قلب صادق ننصر الأقصى ونتضامن معه
ونجز ذيل الكفر سلمان العميل المولعي
للخمر والبيرة وجيش الغرب راسه نقطعه
هيهات نرضى بالمذلة يا قوى أمريكا اقنعي
ولَّى زمان الخوف والذلة وعصر المعمعة
اليوم انا جندي مع الباري كتابه مرجعي
والفذ (أبوجبريل) قايد لي وقلبي يسمعه
والمسجد الأقصى قضية قلبي المتواضعي
جايين يالقدس الشريف اشمخ براسك وارفعه
* * *** * *
لقد أنتج الشاعر تلك القصيدة من رصيد الروح وزاد الفكر وورثات القلب والضمير، ولذا تجلت بشفافية وتوغلت في ضمير المتلقي لشفافيتها وصدقها .
وعن الساحل الغربي ومعاركه الضارية قال شاعرنا :
ابشر بنا يالساحل الغربي تباها وانعمي
ابشر نجيك افواج نتحدى الشدايد والطعون
ونجرِّع الغاااازين حلف الشر كاس العلقمي
ونطهرك تطهير من داعش وجيش البالطون
إحنا جنود الله وانصار ابن طه الهاااااشمي
حامين حد ارض اليمن عند المواقف ما نهون
لا تحلمي يا دااااعشة باخضاعنا لا تحلمي
عاد اليمن ينجب رجال أحرار ما فيها ظنون
با تندمي واقسم برب القااااارعة با تندمي
ويموت حلفش فالشريط الساحلي كله غبون
والله مابا تخضعي شعبي ولا تستحكمي
على سواحلنا وعاد احنا على الدنيا ذهون
الموت في بحري وبري للعدى ما يرحمي
لا تحسبي عزران يا راس الشقا قلبه حنون
با تهزمي لو تحشدي العالم وضدي يهجمي
قبلش رجال الله ذي هم بالشهاااادة مغرمون
والموت الازول في الشريط الساحلي يتلهجمي
يا ويل من هم لليهود اليوم صاروا ينتمون
القصائد السابقة وكلماتها تشعر القارئ بشدة حماسة الشاعر وروحه الجهادية الملتهبة التي تبث مفاهيم ثقافة الجهاد، فهو من أرباب السيف إلى جانب القلم ولا يشح بنفسه في سبيل الله ..
فهو يتوعد العدو بنار حامية وموت أسود هو ملاقيه من رجال الله..
تلك كانت رحلة شعرية مع شاعر ثوري مناضل ممن رفعوا راية الروح الإسلامية ، شاعر تشبَّع بالثقافة القرآنية وعكسها في أبياته الشعرية، حيث استسقى من مفاهيمها وعبَّر بأسلوب بليغ عن الأحداث، فتدفقت كلماته هادرة قوية بنبرة جهادية صارمة ضد كل من يتعدى أسس الدين السليم ،وهكذا أثرت الفواصل السياسية في تصوير شعوره وكان قد أبدع في الأشعار الحربية التي تميزت بطابعها الديني وبث من خلالها الدعوة للجهاد، وصوَّر من خلال قصائده الحربية ضراوة المعركة.
في الإثنين 09 مارس - آذار 2020 08:53:51 م