|
شارفت الحرب العدوانية للسعودية والإمارات، ومن خلفهم أمريكا وبريطانيا والغرب أجمع، ضد الشعب اليمني الصامد، على الدخول في عامها السادس، إلا أن السعودية لم تجنِ سوى الهزائم والخسران على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية، والابتزاز من الحليف والصديق الأمريكي.
خسرت السعودية سمعتها وقوة حضورها في المنطقة العربية، والتي دفعت في سبيلها مليارات الدولارات في محاولة منها لأن تكون الشرطي الأمريكي المخلص في الشرق الأوسط. لكن هذا الحلم البائس لم يتحقق بعد أن مرغ اليمنيون أنفها في الوحل على مدى خمس سنوات من عمر العدوان الذي كانت تحاول من خلاله ترسيخ هيمنتها وفرد عضلاتها وأن تجعل اليمن عبرة لمن يحاول الخروج من تحت عباءتها، لكنها فشلت وتحطمت أحلامها الصبيانية وتلقت الضربات الواحدة تلو الأخرى.
فبعد أن فقدت هيبتها وحضورها الإقليمي، فقدت سمعتها وأصبحت اليوم مضرب المثل في الإجرام والطغيان بعد الجرائم الوحشية التي ارتكبتها في اليمن بحق كل شيء، قتلت الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، دمرت المستشفيات والمدارس والجامعات والجسور، استهدفت كل مناحي الحياة، لم يسلم منها حتى الحيوان والحجر، حتى غدت تقارن وحشيتها بالعدو الصهيوني وأعظم في أغلب الأحيان، دخلت القائمة السوداء لقتلة الأطفال، لكنها خرجت بالمال والنفط والرشاوى التي تدفعها للمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لكنها تصمت عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان اليمني الذي يقتل ولا بواكي له في العالم لأنه لا يملك النفط والمال، إلا أنه غني بالرجال الذين يدافعون عن كرامته وعزته ويثأرون له وهاهم يذيقون السعودي ومرتزقته السم الزعاف في كل جبهة على امتداد الجغرافيا اليمنية حتى العمق السعودي.
بعد أن تلقت السعودية صفعة كبرى وهزيمة مدوية في عملية "نصر من الله" الكبرى على حدودها وامتدت إلى داخل أراضيها، تعاقبت الصفعات لها ومرتزقتها في عملية "البنيان المرصوص" حتى عملية "توازن الردع الثالثة"، ثم تطهير الجوف، كانت كل هذه الهزائم كافية لكي يعيد صناع القرار السعودي حساباتهم من حربهم العبثية على اليمن، إلا أنهم استمروا في المكابرة. ورغم الحراك الدبلوماسي الذي لم يؤتِ أكله من زيارة خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي إلى مسقط لتوسيطها لدى الأنصار كي يوقفوا توغلهم في العمق السعودي، إلا أنه لا بوادر في الأفق للتهدئة حتى بعد زيارة المبعوث الدولي غريفيتث إلى مأرب في محاولة لإيقاف تقدم الأنصار صوب المحافظة النفطية.
أما على الصعيد الاقتصادي فالسعودية ليست على ما يرام، فهي تخسر عشرات المليارات، ليس بسبب الضربات اليمنية التي تستهدف منشآت شركة "أرامكو" التي تعتبر عصب الاقتصاد السعودي، بل هناك أمر آخر كأنه جاء ليضاعف انتكاسات السعودية المستمرة وخسائرها.
فلقد نشرت شبكة (سي إن بي سي) الأمريكية تقريراً تحت عنوان "من سيرمش بعينيه أولاً؟"، جاء فيه أن محللين قالوا لـ(CNBC) بأن حرب أسعار النفط الشاملة خلقت وضعاً "غير مسبوق" في أسواق الطاقة، حيث ينتظر التجار بفارغ الصبر لرؤية من سيرمش أولاً من بين أكبر منتجي النفط في العالم، السعودية (متزعمة أوبك) أم روسيا التي تتزعم الدول المنتجة للنفط خارج نادي أوبك، بعد أن بدأت بينهما حرب أسعار النفط؟ حيث بدأت العقود الآجلة للنفط الخام في طريقها لتسجيل أكبر هبوط يومي لها منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991، في الوقت الذي كانت فيه أسعار النفط تعاني بالفعل من انتشار فيروس كورونا، مع تصاعد القلق حول توقعات لنمو الطلب على النفط.
وقد أعلنت السعودية، يوم السبت، تخفيضات كبيرة في أسعار البيع الرسمية خلال أبريل، مع استعداد المملكة الغنية بالنفط لزيادة الإنتاج إلى ما يزيد عن 10 ملايين برميل يومياً، حيث تضخ الرياض حالياً 9.7 مليون برميل يومياً، لكن لديها القدرة على زيادة الإنتاج إلى 12.5 مليون برميل يومياً.
قرار المملكة خفض الأسعار جاء بعد أقل من 24 ساعة من انهيار المحادثات مع روسيا في مقر أوبك في فيينا، بالنمسا.
"كريس ويفر"، وهو شريك رئيسي في مؤسسة "ماكرو" الاستشارية، قال: "لدى روسيا عملة مرنة، بينما الريال السعودي مرتبط بالدولار الأمريكي"، وهذا يعني أن من غير المرجح أن ترمش موسكو أولاً، لكن بالتأكيد ليس لمدة تتجاوز 3 إلى 6 أشهر. إلا أن موسكو قد ترى أن الوضع المالي للمملكة العربية السعودية سيكون أكثر توتراً قبل حلول ذلك الوقت".
هذا يُنبئ بكارثة مرتقبة تضع مملكة النفط في دائرة الخطر الاقتصادي إذا استمر الوضع كما هو، لارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.
السعودية، التي دفعت كل تكاليف العدوان على اليمن من صفقات السلاح الأمريكي والبريطاني وبقية الدول الأوروبية، إلى شراء مواقف المجتمع الدولي ومنظماته، وتكاليف تجنيد المرتزقة الذين أتت بهم من أصقاع المعمورة ومعهم المرتزقة اليمنيون، هل سيكون بوسعها الاستمرار في حربها العدوانية وهي على شفا الكارثة المرتقبة؟
مع كل تلك التكهنات والتحليلات فإن الخبر اليقين هو أن مجاهدي الجيش واللجان البواسل حسموا أمرهم بمواصلة مشوار التحرر والاستقلال وتطهير الأرض اليمنية من دنس الغزاة والمحتلين مهما كانت التضحيات، وهو خيار لا رجعة عنه، ومن صمد خمس سنوات وتحول بعدها من الدفاع إلى الهجوم وحقق الانتصارات الكبيرة قادر على تحرير الأرض، أو فلتكن حرباً مفتوحة حتى يوم القيامة.
* نقلا عن : لا ميديا
في السبت 14 مارس - آذار 2020 08:16:32 م