كورونا خمسة نجوم
حمدي دوبلة
حمدي دوبلة

بعد أن أغلقوا مطاراتنا ومنافذنا البحرية والبرية لسنوات هاهم يغلقون مطاراتهم بأيديهم ويفرضون على انفسهم العزلة والحصار الشامل ويُجبرون على إغلاق منشآتهم السياحية ومؤسساتهم الاستثمارية وفقدان مليارات الدولارات بسبب جرثومة لا تُرى وخلال أيام فقط.

-ليس تشفيا ولا شماتة وما تلك أخلاق اليمنيين ولا من شيمهم لكن فيروس كورونا وقانا الله من شروره وكل العباد في مشارق الأرض ومغاربها، لا شك يحمل في طياته الكثير من الرسائل والإشارات الربانية التي ينبغي على البشر اليوم قراءتها جيدا بعد أن بلغ ظلم الإنسان لأخيه الإنسان مستويات تفوق الخيال والتصور ووصل الحال بالبعض من طغاة البشر إلى نسيان حقيقة أن هناك رباً مقتدراً بيده ملكوت السماوات والأرض وإنه يُمهل ولا يُهمل وإن غضبه يكون شديدا على من يظلم من ليس له نصير غيره سبحانه، كما ورد في الحديث القدسي.

-عرفت البشرية عبر التاريخ جائحات وبائية أودت بحياة الكثير من الناس في مختلف أرجاء الأرض غير أن فيروس كورونا المستجد جاء مختلفا هذه المرة ولم يعصف بالبلدان الفقيرة وبالمجتمعات المهمشة التي تفتقر إلى أدنى الخدمات الطبية وإلى أبسط مقومات الحياة الضرورية وإلى البيئة الصحية الملائمة والآمنة للعيش وإنما بدأ بالدول الأكثر رقيا وتقدما ومن تمتلك أضخم الإمكانيات وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في العلوم الطبية، ليس ذلك فحسب، بل ضرب بقوة لينال من ملوك دول ورؤساء حكومات وقيادات سياسية وعسكرية من الصف الأول ونجوم بارزين في عالم الفن والرياضة ممن يمتلكون الأموال الطائلة ويسكنون القصور والبروج المحصنة التي لم تمنع الفيروس من الوصول اليهم وكأنه وباء من فئة الخمسة نجوم إن صح التعبير.

-هذا البلاء سواء كان فيروساً طبيعياً أو بيولوجياً من الإبداعات “التدميرية” لإنسان العصر الحديث أصبح كابوسا يؤرق العالم وعجزت كل الإمكانيات الضخمة للأمم والشعوب عن مواجهته والحد من انتشاره وإذا بهذا الشيء الذي لا يُرى بالعين المجردة يمثل اكبر تهديد للكون في زماننا ويكبد كبرى دوله وأنظمته السياسية والاقتصادية أفدح الأضرار والخسائر.

-كورونا الذي تسبب في إعلان الطوارئ في أمريكا وجعل من أوروبا وشوارعها ومرافقها السياحية الأشهر في العالم وملاعبها الرياضية الأكثر جذباً لحضور الجماهير خاوية على عروشها وكأنها مدن أشباح ليس إلا واحدا من اصغر جنود الله وما أرسله الخالق العظيم ليفتك بأرواح عباده وإنما ليذكرهم بأن هناك ربا عظيما ومن اجل صحوة ضمير العالم والاستيقاظ من الغفلة والعودة إلى مالك الملك ورب الأرباب ومن لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء والتضرع اليه بان يرفع مقته وغضبه وإن لم تحدث هذه الصحوة وهذه القراءات العميقة للابتلاء فإن الناس سيكونون حقا هم الوباء الحقيقي على هذا الكوكب.

 
في الإثنين 16 مارس - آذار 2020 07:06:37 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=2323