|
الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حكومة الإنقاذ في مواجهة فيروس كورونا جديرة بالثناء، فهي إلى جانب أنها عبرت عن مسؤولية وحرص كبيرين على سلامة وصحة المواطنين، فقد انطوت على استشعار للخطر الداهم الذي يهدد اليمن في حال تقاعست الحكومة وأجهزتها المعنية وانتظرت حتى يحل الوباء فعليًا، ثم تستنفر ما هو متاح من إمكانيات، لكن بعد ” خراب مالطا ” كما يقال.
بيد أنه يجب التنبيه إلى إن الإحساس المجتمعي بخطر الوباء لا يزال محدودا، فالكثير منا يتعامل مع التحذيرات والإجراءات الحكومية بنوع من التساهل والسخرية، وبل وهناك من مرضى النفوس من يشكك أصلا في قدرة الحكومة على التصدي للجائحة، وقد رأينا كيف أن دولا ومجتمعات تفوقنا لناحية الإمكانات والبنية التحتية، وجدت نفسها على قارعة العجز، تطلب الغوث الدولي فلا تجد منه إلا النزر اليسير.
وإذا كان التصدي المبكر لهذا الوباء يعد عاملا رئيسا في محاصرته والحؤول دون انتشاره في بلادنا، فإن الدور المجتمعي هو العامل الحاسم في العملية برمتها، خاصة وأن ثمة تحديات كبيرة قد لا تسمح للحكومة بفرض المزيد من القيود والإجراءات المتعين اتخاذها في ظروف كهذه. فقد رأينا وتابعنا كيف أن تحالف العدوان عمد إلى إغراق البلاد باليمنيين العائدين إلى أرض الوطن عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية، وكيف أن الإجراءات الصحية في المنافذ التي يسيطر عليها المرتزقة وقوى الاحتلال لا ترتقي ومستوى الخطر، ما يعني أن ظهور الفيروس في بلادنا بشكل رسمي ليس إلا مسألة وقت لا سمح الله.
ولا أريد أن انخرط كثيرا في التهويل، فحالة الرعب التي تجتاح العالم كافية لكي ندرك دولة ومجتمعا مغبة التساهل مع جائحة كهذه، غير أن الوضع الاستثنائي الذي نعيشه تحت الحرب والحصار، وإمعان العدوان السعودي الأمريكي في استهدافنا جميعا يحتم استنفار كل جهد متاح، ومسابقة الزمن دون تردد أو تراخ، قد ندفع ثمنهما باهظا قادم الأيام..
وفي هذا الاتجاه يتعين التأكيد على ضرورة العمل المشترك بين حكومتي صنعاء وعدن، فلا يمكن أن تنجح حكومة الإنقاذ إن هي اشتغلت على هذا الملف بمفردها، أما طبيعة التعاون المطلوب وآلياته، فمتروكة للمعنيين والمختصين.
وعليه أقترح على حكومة الإنقاذ إعلان مبادرة من طرف واحد، باتجاه إنفاذ آلية عمل مشتركة لمواجهة الوباء، فإن قيل أن طرف المرتزقة لا يمتلكون قرارهم، فإن الرأي العام المحلي والدولي كفيل بالضغط عليهم وعلى تحالف العدوان، حتى يستجيبوا لمبادرة صنعاء المنتظرة.
ليس مطلوبا في مواجهة كورونا أن نسجل نقاطا سياسية على بعضنا البعض، بل المهم أن نثبت للداخل والخارج أن الحس الوطني والإنساني لا يزال قاسما مشتركا بين الأفرقاء اليمنيين، ولا يحتاج إلا إلى فرصة كهذه لكي يعبر عن نفسه، ويخرج إلى العلن في أبهى حلة..
أوقفوا كورونا، أوقفوا الحرب والعدوان والحصار.
في الثلاثاء 31 مارس - آذار 2020 07:24:57 م