|
في عام 1985 نشر الروائي الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز روايته "الحب في زمن الكوليرا"، التي تتحدث عن الحب، وتوثق لأحداث جرت قبل قرن من تاريخ نشره للرواية. "وملخص الرواية يقول أن قصة حب نشأت في قرية من قرى الكاريبي، بين شاب اسمه "فلورنتينو أريثا" يعمل في التّلغراف، وشابة جميلة اسمها "فيرمينا دازا"، حيث كان قد أحبها وتواعدا على الزواج، لكن الفتاة تخلف عهدها وتتزوج بطبيب، فأصيب الفتى بصدمة، لكنه لم يتخلى عنها، وأقسم أن يجمع ثروة كبيرة ليكون مناسبا لها ويوفي بحبه لها.
وبعد خمسين عامًا والشاب الذي لم يعد شابا، لازال مصر على بلوغ هدفه، فيتوفى زوج الحسناء "الطبيب" فأسرع الشاب العجوز بعرض الزواج عليها.
الفتاة التي لم تعد فتاة بل عجوزا شمطاء تغضب وتطرده وتشتمه، لكنه لم يتخلَّ عنها، فيراسلها مخبرا لها عن الحياة والزواج والتقدم في السن، فتعجبها الرسائل لكنها لازالت تفضل الوحدة وانتظار الرحيل.
فكر الشاب "العجوز" بأن يخرجها من الوحدة ويحرك فيها مشاعر الحب أكثر وقد نجح في ذلك، قام بدعوتها لرحلة عبر السفينة سويًا، فاشتعلت نيران الحب في قلبها من جديد ووافقت، وكان يريد أن يبقيا لوحدهما، إلا أن السفينة كانت مليئة بالمسافرين. فكيف يعمل؟
استخدم الشاب حيلة بأن بث إشاعة أن السفينة موبوءة بوباء الكوليرا الذي اصاب السفينة، ليروع المسافرين ويتركوا السفينة، وفي الأثناء ينقلب السحر على الساحر، تأمر السّلطات السّفينة بالاستمرارية رايحة جية "حجر صحي" في جولتها وهي رافعة لشعار الوباء باللون الأصفر.
لم يبد العجوزان أي اهتمام بذلك الوباء المكذوب، وكانا يشعران بأن حبهما هو الهدف المنشود من الرحلة..
ذلك هو ملخص رواية "الحب في زمن الكوليرا"
......
بعد مرور قرن من الزمان على الأحداث التي سردتها الرواية، يكتب ماركيز رواية جديدة لكن على الطريقة الأمريكية، وإذا كانت الرواية السابقة تتحدث عن أبطال "حب" وأحداث حروب أهلية في منطقة الكاريبي، فالرواية الأمريكية السعودية تتحدث عن ضحايا إجرام عدوان وحصار كذبة "شرعية الدم والاحتلال" في منطقة اسمها اليمن.
والإسقاطات على رواية الحب قبل قرن تقابلها مفارقات وإسقاطات «انعكاسية» عن الحرب بعد قرن، والزمن في الحالتين هو مسرح مؤثث بسردية الموت والدم والجهل والمرض والحروب الأهلية بين المرتزقة وانتشار الاوبئة السردية من الكوليرا حتى الكورونا العالمي.
بدعوى استعادة الشرعية والقضاء على التدخل الإيراني وإعادة الأمل ونشر العدالة وتحقيق الرفاة للشعب ..الخ، تطوف صور الشهداء والقتلى والجوعى وأضرحة دفن المصابين على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والمجرم بحر «غدار» وربابنة سفن سوداء يتقاتلون على أبواب "عدن الموبوءة"، ويستمر حصار السفينة فيما المنظمات كما هي العادة تبيع وتشتري سلعة اسمها "وجع اليمن"، وإن كان (فلورنتينو أريثا) بطل رواية ماركيز قد أرعب ركاب السفينة بكذبة تعرضها لوباء «الكوليرا» القاتل، من أجل أن يغادرها الركاب، فيصفى وجهه لحبيبته العجوز الشمطاء (فيرمينا دازا) ، لتعلق السفينة مع نهاية الكذبة والرواية في البحر جيئة وذهابا ولا ترسو على الشاطئ، تحت طائلة «الحجر الصحي» رافعة الراية الصفراء كدليل على تعرضها لوباء الكوليرا المزعوم.
فإن سفن الإنسانية والديمقراطية في بحور الدم والجوع اليمني، أرعبت الناس بروايات رعب الكورونا وضرورة الشفافية في العدد المصاب، دون الاكتراث للحصار والعدوان اللذان لازال قائمين حتى على استيراد مواد دوائية لمواجهة كورونا، فجعلتنا أسرى أمواج، ومجرد سلعة يتبادلها المهربون للفوز ببضع دولارات، ورايات حقوق الإنسان تخفق لكن بفعل من رياح السوق والمصالح.
أسر يمنية تلوذ بسفن أسمها مخيمات اللجوء وتوزيع الحالات الشهرية التي قصفتها طائرات العدوان في جمرك عفار حجة قبل رمضان وايام الهدنة السعودية المزعومة، وهي في الحقيقة سفن ترفع رايات تحذيرية من وباء الكورونا وموت المصابين نتيجة عدم شفافية حكومة صنعاء!.
وثمة لدينا جيوش المرتزقة من أبطال عاشقين لتحرير اليمن من تحت اقدام ضاحي خلفان وسعود القحطاني، يدعون حبا من نوع مختلف عن الحب لدى فلورنتينو، فهم يؤججون هذا الحب هياما في الجمهورية والشرعية المزعومة تحت ظلال رايات حمراء وصفراء وسوداء وسائر الألوان على أبواب غرف فنادق الملكيات الخليجية لتصبح اليمن مجرد جمهورية تمخضت عن ممالك ، يتم إلقاء الشعب اليمني داخلها وخارجها بلا رحمة أو حب يذكران.
تدور أحداث رواية العدوان في أذهان كتاب سيناريو الارهاب الدولي، بينما أمواج بحور الإعلام المضلل تتقاذف اشاعة اتهام صنعاء بعدم الشفافية وعدم الالتزام بالهدنة السعودية المكذوبة، فلتت غارات طيرانها وزحوفاتها من بين أسماع الرحمة والعدالة وحقوق الانسان، وحتى أسماك القرش ضحكت من مزعوم هذه الكذبة، لأنها تعلم بأنها مجرد سلعة دموية على مائدة الإجرام الدولي واسترضاء الأمريكي الاسرائيلي، بينما الوحش البشري الكبير لم يوقف حتى حصاره عن استيراد المواد الاساسية والدوائية وبدون عرقلة يتسبب بها في ارتفاع أسعار المواد البترولية المنخفضة الأسعار عالميا إلا اليمن.
بأي آيات التعازي وطلاسمها ننعى هذه المنظمات وهذه الحكومات الصامتة؟! وهل نعتبر مواثيق الدجل والمعاهدات الدولية التي تغلف القانون الدولي وجلود موظفي هذه المنظمات علامات صحة وعافية تكاد تفجر خدودهم نتيجة الاستئثار ب 80% من موازنات المساعدات، ومن ينجيهم من وباء مزعوم أو مدعوم دوليا؟!
وما كان له ليصل إلينا إلا بإصرار دول العدوان على إعادة المسافرين بطريقة عشوائية وبأعداد هائلة.
وما كان ليصل لولا المرتزقة ولولا الفشل العسكري لأسيادهم.
وهاهم يوقعون عدن في المقدمة ويقربونها قربانا ومسلخ لكل باقي المحافظات في مذبح أسيادهم.
نحن هنا، ما زلنا على الشاطئ فلم نبحر في يخت ولا في سفينة عدوان أو حب بعد تجاه هؤلاء، ندافع عن أنفسنا فقط ونتقي شر من أحسنا إليه قبل شر الكورونا والكوليرا وأنفلونزا العروبة البدوية، فنلوذ متوكلين بالثقة العالية بالله وبجبهات العز والرجولة، التي مهما اشتدت قسوتها والمعاناة فيها فهي أكثر رحمة من بحر غادر وعدو غائب لا يرى، استبدل قروشه وحيتانه المعروفة، بوحوش وهمية، تريد أن تودينا صرعى نتيجة التهويل اما وحوشه المعروفة فمنهم تجار موت ودم، لا ينظرون إلى منطقة اليمن وشعبها إلا كسلعة أو كوقود لخدعة.
اللهم ارحم المبيوعين المطرودين من الرياض والمخدوعين في بلدي، فإنهم لا يعلمون وإن علموا فإنهم لا يعقلون.
في الإثنين 18 مايو 2020 10:48:30 م