نحن والحسين
عبدالملك سام
عبدالملك سام

ما علاقتنا بالحسين سبط النبي ؟! هل سندعي أننا تأثرنا به وغير حياتنا ؟! هذا شرف لا أحد يدعيه كلية ؛ بل ربما أن بعضنا تأثر وتغير جزئيا ، وهذا بالنسبة لأي أحد منا أسمى ما قد يتمناه ، ولكن الحقيقة أننا مهما فعلنا فسيظل الحسين نجما في السماء لا يمكن لأي منا أن يصل لمستواه .. علاقتي أنا بالحسين تشبه الحسرة على نموذج قلما يتكرر ، وربما لو كان الأمر بيدي لكنت اخترت أن أموت مقاتلا بين يديه بعد أن أشفي غليلي من أولئك الكلاب الذين تجرأوا على رجل كالحسين ..


علاقتي مع الحسين تشبه التهيب من تاريخ هذا الرجل ، فلو نظرنا لنشأته لوجدنا أنه حظي بمالا يمكن أن يكون لغيره ؛ تخيل أن يكون جدك خير الخلق محمد ، وأبوك رجل كالإمام علي ، وأمك كالسيدة فاطمة ، وأخوك سبط رسول الله كالحسن !! تخيل أن تتربى في أسرة كهؤلاء العظماء ، وأن تكبر مع الأيام وأنت تسمعهم وتتحدث معهم وتتعلم منهم !! بالتأكيد الحسين رجل عظيم ، وحقيق بنا أن نبكيه مدى الدهر وعبر الأزمان ، لما كان يمثله أولا ، ولبشاعة ما حصل معه ثانيا .. واااا أسفاه على أبي عبدالله !!


كنت في الماضي أستغرب أن يقتل رجل كالحسين بهذه الطريقة البشعة دون تدخل من الله ؛ ولكني أدركت مع الأيام حقيقة مهمة ؛ ألا وهي : أنه إذا لم يصطفى الله الحسين شهيدا ، فمن ؟! وكيف كانت ستكون حياته مع ما حدث من تغيير في أمة جده على أيدي بني أمية ؟! ربما كان سيموت كمدا وهو يرى أشخاصاً كالوغد يزيد وهم يعظون الناس من فوق منبر النبي عن فوائد الخمور ومجالسة القرود ، وربما لولم تحدث كربلاء لتكتسب قضية الحسين زخما كبيرا في قلوب الناس لكنا وصلنا إلى درجة أننا نجهل كل شيء عن هذا الدين وشرائعه ، ولكان استطاع المجرمون أن يحرفوا الإسلام بشكل تام !
كرب وبلاء هي حقا واقعة الطف ، وما تزال تمثل حدا فاصلا بين الحق والباطل ، بين اليقين والزيف ، بين الخير والشر .. وليس هناك شبهة لمعرفة أطراف النزاع ، فالحسين معروف بكل ما فيه من إيمان وصدق ونزاهة وشجاعة وعلم ، كما أن يزيد معروف بما فيه من فساد وكفر ومجون وعهر ، وأي إنسان – برأيي – لن يجد صعوبة في تحديد الاتجاه الذي يجب أن يسير فيه ، فإما أن يكون مع الحسين والجنة ، أو أن يتبع يزيد إلى النار ؛ فلا شبهة هناك ولا ضبابية ..


من هنا تأتي أهمية إحياء يوم عاشوراء ، فالباطل لا يستطيع أن يزيف حقيقة رجل عظيم كالحسين وما حدث له ولأصحابه في هذه الواقعة ، فإذا كذب بشأن سبب خروج الحسين فلن يستطيع أن يبرر الوحشية التي ارتكبت بها الجريمة ، ولن يستطيع أن يلمع صورة المجرم السكير يزيد مع ما كان يفعله من فساد بواح ، ولن يستطيع أن يفسر ماذا حدث بعد الجريمة من رفعة ومحبة اكتسبها الحسين وأهله ، وما لحق بقاتليه من لعنة واضمحلال وبغض في قلوب الناس .. لذلك لم يكن أمام الباطل من وسيلة سوى أن يحاول أن ينسي الناس ما حدث في كربلاء !


علاقتي مع الحسين هي محاولات بائسة للاقتداء بنموذج عظيم قلما وجد له شبيه ، ولكن يبقى أن نتعلم منه قوة الإيمان والصبر على البلاء ، ونتعلم منه ألا نسمح بأن تغيرنا الظروف مهما كانت الصعاب ، نتعلم منه الإباء والشجاعة ونحن نواجه التحديات .. الحسين ثورة متجددة ضد كل الشر الذي يمكن أن نواجهه ، ومدرسة عظيمة لا حدود للاستفادة منها .. السلام على الحسين وعلى من سلك طريق الحسين .


في الثلاثاء 01 سبتمبر-أيلول 2020 07:31:52 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=2824