يَمَنُ المستحيل
صلاح الشامي
صلاح الشامي

 

• منذ أن كنت في الإعدادية تعلقت بقراءة سلسلة روايات “رجل المستحيل” للكاتب العربي الكبير الدكتور نبيل فاروق.. ذلك النوع من الروايات البوليسية التي تستهوي الشباب، والتي تصور لنا بطلاً عربياً يعيد معاني عربية أصيلة كأخلاق الفروسية من الشجاعة والشهامة والإيمان القوي بالله – سبحانه وتعالى – وحب الوطن والتضحية في سبيله، وقد صنع الكاتب المصري والعربي الدكتور / نبيل فاروق شيئاً جديداً للوعي العربي والذائقة العربية، فقد أعتقنا من قراءة روايات بوليسية مترجمة، أبطالها لا يتمتعون سوى بالوحشية ودناءة النفوس وسقوط الأخلاق، كسلسلة روايات جيمس بوند، بطل المخابرات البريطاني المفرط في علاقاته الغرامية وشرب الكحول والمفرط في القتل ولو لم تكن هناك ضرورة تدعو لذلك..

• كنا كقراء شباب في حاجة ماسة إلى بطل عربي ينتصر لقضاياه العربية، كقضية فلسطين، ويتخذ من دولة الكيان عدواً لا يكف عن محاربته والانتصار عليه في كل معركة، مهما حشد من مكائد وتدبيرات وجنود وأسلحة..

• كان كل ذلك في إطار أدبي محض، وخيال تتوق لتحقيقه النفس وتتمناه الروح ويصبو إليه المرء، كان بطل المخابرات المصري أدهم صبري أو “رجل المستحيل” ينجز ما لا ينجزه أي رجل آخر مهما تلقى من تدريب، فقد كان يتصدى لجيش كامل بمفرده وينتصر عليه.. كان يواجه دبابة أو مروحية بمسدس أو بندقية آلية دون أن يرف له جفن وينتصر.. كان يقتحم تحصينات ومعسكرات ويصيبهم بالجنون قبل أن يدمر المعسكر بما فيه ويخرج وجسده مليء بالإصابات من رصاص وشظايا، ولكنه لا يسقط، وكأنه لا يشعر بالألم، أو كأنه يستمتع بذلك، كان يتصدى لمكائد الأعداء ويكشف خداعهم بذكائة وهدوئه وترتيبه للأحداث.. ويبتز أعداءه أيضاً في هذا المجال..

كان يفعل كل ذلك في سبيل وطنه وفي سبيل أمته وفي سبيل قضيته ومبدئه ودينه وانتصاراً للضعفاء.. ولم يكن أحد يتصور أن يتحول ذلك الخيال إلى حقيقة، حتى وقع العدوان على اليمن.

رجل المستحيل في عالم الواقع

• اليوم نرى ألف رجل ورجل يمني يصنعون المستحيل، رأينا رجلاً هو الأول في العالم أجمع، الأول من نوعه ومن فئة نادرة، نادرة للغاية، رأيناه يتحدى بكل شجاعة أعتى قوى العالم، أمريكا وبريطانيا وفرنسا وحليفاتها، بما فيها ممالك ودول النفط والثروة والمال.. يتحداها واليمن خرج للتو من هيكلة قضت على ما تبقى من جيش لم يكن ولاؤه وتدريبه وإعداده وعدته يسمح له بمواجهة دولة واحدة من دول العدوان، فما بالك بأكثر من 20 دولة اشتركت أو شاركت في هذا العدوان على اليمن بأحدث عتاد حربي، وتفوق جوي يقابله انعدام تام للقوة الجوية لدى اليمن وانعدام وجود أي سلاح من أسلحة الدفاع الجوي.. وانعدام وجود قطعة بحرية واحدة رغم أن اليمن يطل على ما يقارب 2000 كيلومتر من السواحل على كل من البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي.

• رجل المستحيل الحقيقي هذا هو السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي قائد الثورة اليمنية، الذي تحدى كل القوى العالمية الحالية بما تملك من تفوق ومال وأسلحة وتحالفات، وهو لا يملك إلا قوة الإيمان وصلابة الإرادة، ورجالاً يمنيين قام بإعدادهم بنفسه، صنعوا المستحيل، وقهروا آلة العدوان وأرغموا دول الاستكبار على إعادة حساباتها ألف مرة قبل إصدار تفاؤلاتها بأن المواجهة – مع رجال بعضهم لا يمتلك حتى حذاءً ينتعله وهو يقتحم الشعاب الشائكة والتلال الصخرية الصعبة – حتمية بانتصار القوة والكثرة على الضعف والقلة.

ألف رجل ورجل

• اليوم في اليمن نرى رجل المستحيل على الواقع وهو يواجه دبابة ببندقية وينتصر عليها بمن فيها وما فيها من أسلحة وذخائر..

• اليوم نرى رجلاً حافي القدمين يتسلق جبلاً وبندقيته على كتفه نراه وهو يلقي قنبلة في مترس وخندق العدو بعد أن وصل حافياً دون أن يشعر به العدو.

• اليوم نرى رجلاً يمنياً مجاهداً يسقط مروحية أباتشي مدرعة برشاش متوسط، وهي مروحية تعد فخر الصناعات الحربية الأمريكية، وقد ظهرت في العديد من الأفلام الوثائقية والسينمائية، يتباهى بها العدو الأمريكي وكأنها لا تقهر.. لكن رجال اليمن صنعوا المستحيل، لأنهم ليسوا رجالاً عاديين، بل هم الرجال رجال أو رجال المستحيل.

• اليوم نرى رجلاً بقدم واحدة، أو بذراع واحدة، عاد للتو من المستشفى بعد شفائه من إصابة في المعركة كانت نتيجتها بتر إحدى أطرافه… نراه في أحد الشعاب أو الأودية أو على أحد الجبال وهو يؤدي واجبه الديني والوطني والأخلاقي، ويصنع المستحيل.

• اليوم نشاهد الرجل والرجلين والأربعة يتصدون لجيش كامل مكون من عدة ألوية عسكرية بكل عتادها الثقيل والمتطور ويجبرونه على الانسحاب.

• اليوم نرى العشرات من الرجال يسوقون الآلاف من الأسرى ومشاهد مجنزراتهم ودباباتهم ومدرعاتهم ومصفحاتهم تملأ الشعاب والأودية والجبال وتسد الطرق، وهي إما مشتعلة أو مقلوبة أو خالية من الجنود بعد أن فروا منها وتركوها بكامل عدتها وعتادها.

يمن المستحيل

• اليمن الذي لم يكن يصنع إبرة خياطة وتحت نيران القصف العشوائي والمتعمد لقوى العدوان بدأ اليوم بالتصنيع العسكري حتى وصل إلى صنع الصواريخ الباليستية طويلة المدى، والطائرات المسيرة متنوعة الأصناف والأغراض وبدأ بتأديب قوى الشر وتلقينها الدروس المتعاقبة، عقاباً لها على المساس بأمن وسيادة واستقرار اليمن، عقاباً لها على تعمدها قتل المدنيين الذين وصل عددهم إلى مئات الآلاف من أطفال ونساء وشيوخ ورجال، وعقاباً لها على ما قامت به من تدمير لمعظم البنى التحتية اليمنية.

• اليمن اليوم يقهر المستحيل بثورته العالمية، نعم إنها ثورة عالمية، لأنها لم توجه محلياً ولكنها ضد رؤوس الاستكبار العالمي ( أمريكا وإسرائيل ) وطغمة صناعة الشرور العالمية والفساد العالمي وهم اليهود.

• اليمن اليوم هو يمن المستحيل، بلد تحت مستوى خط الفقر، يواجه العالم بكل طغاته وبكل قواه وإمكانياته ببنادق رجال صلابتهم كالفولاذ وصلادتهم كالماس، رجال صنعوا المستحيل وتجاوزوه إلى صنع المعجزات.

نتائج سقوط العملاء

• العدوان على اليمن لم يخرج سوى بكشف أقنعة دول العمالة والنفط بعد أن هرول أمراؤها وملوكها لتدليك أقدام سادتهم الصهاينة وفي العلن هذه المرة بعد أن شعروا بالقلق من وجود يمن حر وقوي خرج – كالفينيق – من تحت رماد احتراقه، بعد أن ظنوا أنهم سيقهرونه لا محالة، بتحالفاتهم مع أسيادهم الصهاينة والأمريكان والإنجليز، وأنهم بقوتهم العسكرية والمادية وتحالفاتهم وخدماتهم لأسيادهم سيسيطرون نهائياً على الجزيرة العربية بمجملها، ولكن نكس الله رؤوسهم ونالوا الهزائم واعترفوا بالانسحابات وأيقنوا أن لا قِبَلَ لهم بمواجهة اليمنيين، فأوهمهم أسيادهم بأنهم لو سلموا أنفسهم وأوطانهم نهائياً إلى أحضانهم فإنهم سوف وسوف وسوف،،، ولكنهم لم يحصلوا سوى على النكران والتجاهل والاستخفاف، ولأنهم ليسوا رجالاً فقد زاد انحدارهم وسقوطهم.. وسيستمر هذا السقوط حتى تزول هذه الأنظمة العميلة، وتتغير الخارطة، و…ويتحقق المستحيل..


في الإثنين 14 سبتمبر-أيلول 2020 08:51:02 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=2869