|
يحتفل اليمنيون اليوم بالذكرى الـ58 الثورة الـ26من سبتمبر الخالدة ، أم الثورات اليمنية والتي قامت لتحقيق أهدافها الستة التي سعى الثوار من أجل تحقيقها ، قبل أن يغدر بها طابور المنافقين والأجراء والمستغلين الذين ركبوا موجتها وتسلقوا على أكتافها وتحولوا بين عشية وضحاها إلى مناضلين وقادة بارزين وجعلوا من الثورة مطية لهم للوصول إلى مآربهم الشريرة ومخططاتهم الجهنمية ومشاريعهم الاستغلالية ، التي تتنافى وتتنافر مع أهداف الثورة ومطالب وطموحات وتطلعات الثوار .
ونحن اليوم إذ نحتفل بالذكرى الـ 58 الثورة الـ26من سبتمبر، فإننا في الوقت ذاته نؤمن إيمانا مطلقا بأنه لا تقديس للثورات ومن الطبيعي أن تخضع للتقيم والمراجعة على اعتبار أنها فعل ثوري غير معصوم من الأخطاء والهفوات ، وإخضاعها للنقاش لا يعد جريمة كبرى ولا خيانة عظمى كما يتصور البعض ، المهم في الموضوع أن يكون النقاش والطرح متسما بالعقلانية والاتزان والحكمة والإنصاف بعيدا عن التجني والإساءة والتجريح غير المنطقي .
ففي الوقت الذي كان الجميع يشهد لنظام الحكم في عهد الإمام يحيى حميد الدين بالعدل والإنصاف وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، يأتي من ينعته بالحكم الكهنوتي الظالم الجائر ، رغم أن كل الشواهد تحكي بخلاف ذلك تماما ، وكذا بالنسبة لمحاربة الجهل ، حيث دأبت السلطة على وسم نظام حكم الأئمة بالرجعي المتخلف وبأنه حجر على الشعب حقه في التعليم وغيرها من الاتهامات التي تم الترويج لها في مختلف وسائل الإعلام وتم تضمينها المناهج الدراسية ، في الوقت الذي يظهر لنا قيام الإمام يحيى بإرسال مجاميع ودفعات من الطلاب اليمنيين للدراسة في الخارج بهدف العودة للإسهام في خدمة الوطن والمواطن ، علاوة على كون المرحلة ذاتها كانت ما تزال النهضة فيها في بدايتها وكانت المملكة المتوكلية الهاشمية حينها الأحسن حالا ، حيث كانت هذه المملكة تصدر الحبوب للسعودية وكانت تربطها علاقات مع الدول الشقيقة والصديقة ، بمعنى أن مبررات قيام الثورة حينها والتي تم الترويج لها لا تلامس كبد الحقيقة وفيها الكثير من المغالطات والافتراءات والتي لا تعني اليوم أن نتجاهل هذه الثورة ونهاجمهما ونقلل من شأنها ، ونعلن العداء لها ،على اعتبار أنها جزء من تاريخ اليمن .
وحديثنا اليوم عن الثورة السبتمبرية الأم هو حديث عن ثورة تحققت قبل 58عاما وحتى اللحظة ما تزال بعض أهدافها تراوح مكانها دون أن ترى النور ، حتى وإن حاول البعض تصوير التنفيذ الشكلي لبعضها على أنها تعني تحقيقها بالكلية وعلى الوجه الأمثل ، فالديمقراطية في اليمن ظلت وما تزال شكلية ظاهرية وماهو هو حاصل هو تعدد للأحزاب وغياب للنهج والممارسة الديمقراطية الحقيقية ، و( الحال من بعضه ) فيما يتعلق ببناء الجيش ، الذي تحول إلى جيش خاص الولاء ، هؤلاء يتبعون علي محسن وهؤلاء يتبعون أحمد علي ، ولا ولاء للوطن ، وعلى مستوى الخدمات التعليمية والصحية وغيرها فلا يحتاج الأمر إلى شواهد وأدلة ، فالحال بعد 58 عاماً يتحدث عن نفسه ولا مجال للمزايدة بشأن ذلك .
بالمختصر المفيد: نحن هنا لا نحاكم الثورة ولكننا نقرأ أهدافها ونقوم بتحليلها وفق رؤيتنا وتقييمنا الذي يحتمل الصواب والخطأ ، لكننا ضد التعصب المفرط لها ، ومهاجمة ما دونها من الثورات ، وخلق ثقافة عدائية تجاهها من خلال التوظيف الحزبي والسياسي اللامسؤول ، ومحاولة صبغها بالطائفية والعرقية وكأنها جاءت ضد ( الهاشميين) بالتزامن مع تصويرهم لثورة 21سبتمبر على أنها ثورة خاصة (بالهاشميين) وهو الطرح الممجوج والفج الذي تتبناه دول العدوان في سياق حربها الناعمة ، المصاحبة لحربها العسكرية والاقتصادية التي تشنها على بلادنا وشعبنا ، هذا الطرح الشيطاني الذي يستوجب المواجهة ، من خلال تسمية الأشياء بمسمياتها ، وتصحيح الثقافة المغلوطة والطرح المناطقي السلالي غير اللائق بالثورة والثوار وبالقيم والمبادئ والأهداف التي ناضلوا من أجلها .
الرحمة والخلود للشهداء ، الشفاء للجرحى ، الحرية والخلاص للأسرى والنصر والتمكين لليمن واليمنيين .
وكل عام وأنتم والوطن بألف ألف خير وعاشق النبي يصلي عليه وآله .
في السبت 26 سبتمبر-أيلول 2020 07:27:37 م