الأقلام الحُرَّة
صلاح الشامي
صلاح الشامي

 


يكتب المقال –غالباً- من لديه شيء ليقوله، من لديه الجديد ليضيفه، وكذلك من يستطيع استنباط شيء من الأحداث، ويحرص الكانب على عدم تكرار أفكار الآخرين، ولا حتى أفكاره هو إلا إن كان سيضيف إليها الجديد، أو في سبيل تأكيدها وتوضيحها ودعمها..

هنا يأتي دور المحرر الصحفي في الجريدة أو المجلة بقراءة كل ما يرد إليه من مقالات بوعي وبصيرة، ثم يختار من بينها الأجود، فالذي يليه، حسب مضمون المقالة لا حسب اسم الكاتب، وهذا ما يرقى بالجريدة، ويوسع من انتشارها وقرَّائها، ويحافظ على سمعتها، ثم إن هذا ما يخدم المجتمع بأسره، ولا أقصد هنا ممارسة الرقابة الصحفية أو السياسية، شرط أن تراعي المقالة الذوق العام، والتوجه العام للدولة والمجتمع، وفق معايير الأحداث والتحديات التي تواجه المجتمع..

إن كل مقال فارغ من المحتوى، وإن كان جيد السبك، لا يستحق النشر، كما أن كل مقال ضعيف السبك يجب تدعيمه دون الإخلال بمحتواه إن كان جيدا ويقدم رؤية أو خدمة للمجتمع الذي يتطلع إلى فهم ما يدور حوله من أحداث تحاول وسائل الإعلام المعادية تضليله حتى يصير إحدى أدواتها للسيطرة عليه نفسه، والاستيلاء على أرضه وثرواته والتحكم بتطلعاته ومستقبله..

البعض –وهم كثر للأسف- لا يستطيع تقييم الأحداث وفهمها كما هي، رغم أنها واضحة وضوح الشمس، وذلك بسبب طغيان وسائل إعلام العدو المضللة والمزيِّفة للأحداث والوقائع، فترى البعض يجادلك في أمور مفروغ منها، كالعدوان مثلاً، فتراه ينظر إلى ما يحدث على وطنه وأمته من عدوان وحصار همجي وفق ما رسمه العدو نفسه، ويرمي من يرى الأحداث على واقعها بالجهل أو الرجعية، وكأنه أعمى حين يلقي اللوم في كل أزمة وموقف على الوطنيين الذين يريدون تحريره من سيطرة عدوه على قراره ومستقبله، وحين يبني مواقفه على أكاذيب من يريدون ابتزازه والسخرية من كينونته، وتراه يعد نفسه من المثقفين المتنورين الذين يدركون دقائق الأمور، بينما هو لا يفهم شيئاً أو مكابر لا يستطيع الاعتراف بالحقائق رغم تجليها لديه..

هنا يأتي دور الإعلام الوطني الحر، إذ أنه أهم ما تلقى عليه مسؤولية نشر الوعي وفضح دسائس العدوان، إن مقاومة سيطرة إعلام العدو شيء ليس باليسير، ولكنه ليس بالمستحيل أيضاً، ولكن الناس ينجذبون إلى بهرج القول ويفتتنون بما تقدمه وسائل الإعلام المعادية لامتلاكها أساليب وسبل السيطرة وتقنيات التقديم وفق دراسات وبحوث علمية وعملية لا ينجو من براثنها إلا من رحم الله، في زمن أصبح يدار كل ما فيه بالمال والعلم، ويسخَّر في إظهار الشر بمظهر الخير في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بغية السيطرة على الفكر والتوجهات لمجمل المجتمع البشري دون النظر إلى ما يراق من دماء، وما يستنزف من ثروات، وما يخل بمستقبل المجتمع البشري لصالح أشخاص وهيئات ومنظمات ودول سخَّرت كل ما لديها لهدف واحد هو السيطرة التي في سبيلها يهزأون بكل القيم والأعراف وبمنظومة الأخلاق والدين وحتى بالحياة نفسها..

إن ما يحدث في وطننا العربي حاليا من تكالب قوى الشر العالمية عليه وعلى ثرواته وشعوبه ومقدراته ومستقبله يكفي أيسره لإيقاض الناس من غفلتهم، واستشعار الخطر الحقيقي الذي أصبحوا ينظرون إليه بأنه المخلِّص لهم مما يعتقدونه شراً -الوطنيين والشرفاء-، بينما لا يؤمن قادتهم المحليون إلا بمصالحهم الشخصية..

لقد استنجد مستغلو وناهبو ثرواتنا برؤوس الاستكبار العالمي الذين أجلسوهم على الكراسي كي لا يفقدوا تلك العائدات التي يحصلون عليها من نهب ثروات بلدهم، وشاركوا في هذا العدوان، واشتركوا في تدمير البلد وقتل الأبرياء وتأزيم الحياة على أبناء وطنهم، وهم يقنعونهم كل يوم عبر وسائل الإعلام بأن سبب عناءهم هم لرفضهم، ورغم اتضاح الوقائع والأحداث بهذا العدوان الذي يبدو لا نهائياً أمام المقاومة الصلبة من أبناء الوطن الشرفاء، إلا أن البعض لا يزال يغامر بدعاوى التضليل وتسويقها على الملأ حرباً لوطنه وشعبه الذي هو جزء منه، والذي يطيل بموقفه هذا معاناته وآلامه..

لقد زعم العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي في أول عدوانه إعادة اليمن إلى حضن العرب، ثم وجدناهم يتسابقون في الارتماء إلى أحضان الصهيونية، وهذا لا يعني سوى شيء واحد هو أن اليمن حين انتصرت ثورته في 21 من سبتمبر 2014م، حين استعادت عروبته وهويته الحقيقية أراد الأعداء إعادته إلى الأحضان “العبرية”، ولم يفقه المطبلون الأبرياء ما يقودهم إليه المطبلون الخونة..

إن ما خسره عملاء وحكام الماضي من مصالح شخصية ليس بالقليل، لقد كانت ثروات دولة بما فيها تذهب إلى جيوبهم وهم في سبيل استعادتها يضحون بالشعب اليمني بأجمعه، وبمقدراته وأرضه وتاريخه ومستقبله ولا يقيمون وزنا لما يسفك من دماء ويستنزف من ثروات وكرامة حتى أصبحوا أول المطبلين لحملة التطبيع الأخيرة التي تقوم بها الدولة السعودية وبقيه دول الخليج أو معظمها، وبلدان عربية أخرى سوف تلحق بقافلة الأغبياء..

هنا يكون دور كاتب المقال وأجباً وطنياً في التصدي وفضح زيف وسائل إعلام العدوان وفضح الشائعات التي يتناقلها الكثيرون دون تمحيص ووعي، إن ما تمر به بلادنا والبلدان العربية من تكالب قوى الشر العالمية بقيادة الماسونية الصهيونية يجعل أمر مقاومتها واجباً وطنياً ودينياً على كل صاحب قلم حر، وجهاداً في سبيل الله والوطن والمستضعفين، لإعادة اليمن إلى أحضان العروبة الحقيقية من أحضان الصهيونية والمتصهينين.


في السبت 26 سبتمبر-أيلول 2020 07:31:38 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=2915