|
يعرض لنا الخالق جل في علاه في كتابه الكريم في كثير من السور والآيات شمائل رحمته بنا ، وحرصه علينا ، والتي تستعصي على الحصر ، نظرا لكثرتها ومحدودية المدارك الذهنية البشرية في الإحاطة بها ، فهي كثيرة جدا ، ولكن أهمها وأعظمها هي نعمة الهداية التي أنعم بها علينا من خلال تفضله علينا بنبي هذه الأمة ، الذي جعله خاتم الأنبياء والمرسلين الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي اختصه الله بحمل رسالة الإسلام ، وأنزل عليه القرآن ، خاتما به الكتب السماوية ، جامعا في ثناياه ، المنهج القويم ، الذي يكفل لمن اتبعه وعمل بمقتضى أحكامه السير نحو الصراط المستقيم ، بعد أن تكفل الخالق جل جلاله بحفظه من التحريف والتزييف .
منذ ولادته صلوات ربي عليه وعلى آله وما رافقتها وأعقبتها من معجزات وما حظي به من رعاية وعناية واهتمام رباني كلها تشير إلى عظمة هذا المولود الذي بشر به عيسى عليه السلام وظل الكون بأسره يترقب لحظة وفادته على هذه البسيطة ، ويا لها من عظمة ويا له من تكريم واصطفاء رباني لهذا المولود الذي أضاء الكون لحظة ولادته وخروجه إلى الحياة ، وتزينت بهجة وسرورا وفرحا بولادته السماء ، وباهى به الخالق بين ملائكته ، فقد ولد البشير النذير ، ولد السراج والقمر المنير ، ولد نبي هذه الأمة ومنقذها ومنتشلها من براثن الغواية والضلال والانحراف إلى أنوار الهداية والصلاح والفلاح والرشاد .
ولد من أرسله الله رحمة للعاملين ، الرحمة المهداة للبشرية ، الذي أمرنا الله في محكم كتابه بإظهار معالم الفرح والسرور بمولده في قوله تعالى ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) فالأمر الإلهي واضح ولا يحتاج إلى نقاش وأخذ ورد ، فالرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فضل من الله علينا ، أرسله رحمة لنا ، وعلينا الاحتفاء بهذا الفضل وبهذه الرحمة وأن نجعل من ذكرى مولده مناسبة احتفالية نظهر من خلالها كافة مظاهر الفرح والسرور والبهجة، وأن لا نكترث بهرطقات وخزعبلات أولئك الهمج الرعاع أتباع كل ناعق الذين ظلوا يدجنون الأمة بالثقافات المغلوطة والأفكار والمعتقدات المستوردة التي ترى في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة وضلالة ، وعمدوا إلى نشر الفتاوى والمواعظ التي تحرم وتجرم الاحتفال بالمولد النبوي وتحارب كل ما يربط الأمة برسولها من قيم ومبادئ وفضائل وشعائر.
في الوقت الذي لا يجد هؤلاء أي حرج في الاحتفال بزيارة ترامب وإيفانكا ، وذكرى تولي الملك ، والعيد الوطني ، وأعياد الكريسمس وغيرها من الأعياد المبتدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ويلزمون الصمت تجاه التقارب والتطبيع مع الكيان الصهيوني ، وتجاه جريمة ومنكر إغلاق الحرمين الشريفين و منع الحج بذريعة كورونا ، في الوقت الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام البارات والمراقص والملاهي الليلة التي باتت تعج بها مملكة آل سعود بناء على توجيهات المهفوف السعودي محمد بن سلمان ترجمة لرؤيته الماسخة التي يروِّج لها لإقناع سيده الأمريكي بدعمه وتمكينه من اعتلاء سدة الحكم وقمع الأصوات المعارضة له داخل الأسرة الحاكمة .
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعظيم لشعيرة من شعائر الله ، ولليمنيين مع هذه المناسبة محطات ووقفات مدعاة للفخر والاعتزاز ، وسنحاول فيما هو قادم من المقالات الاحتفائية بهذه المناسبة تسليط الضوء عليها ، ليعرف العالم أن احتفالنا بالمولد النبوي الشريف ، يأتي في سياق الالتزام بالتوجيهات الربانية ونتاج طبيعي للإيمان والتقوى لدى شعب الإيمان والحكمة ، والارتباط الإيماني اليماني الوثيق بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، الارتباط الذي ظل وسيظل قائما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهي نصيحة لكل من يتجندون على منابر المساجد وعلى منصات التواصل الاجتماعي لمهاجمة المولد النبوي وتبديع وتفسيق من يحتفلون بهذه المناسبة الدينية العظيمة ، بأن يسخروا طاقاتهم وخطابهم لمهاجمة من يسيئون لشخصية الرسول الأعظم من خلال نشر الرسوم المسيئة ، ومهاجمة من فتحوا المراقص والملاهي والبارات في بلاد الحرمين الشريفين ، ومهاجمة من خانوا الله ورسوله وأعلنوا تطبيعهم مع الكيان الصهيوني ، فهم الأحق بالمهاجمة والانتقاد ، وإعلان الحرب عليهم ، لا من يحتفلون بالمولد النبوي الشريف ويعطرون أفواهم بالصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله.
في الأحد 18 أكتوبر-تشرين الأول 2020 06:59:21 م