|
احتفل العالم برمته الغربي منه والشرقي، المسيحي والمسلم بذكرى رأس السنة الميلادية، فيما نحن أبناء الحجاز حملنا معنا الوشاح الأسود حزناً وذرفنا الدموع بحسرة صامتة على آباءنا وأبناءنا وعلمائنا وفلذات أكبادنا، وما قاسيناه من قمع وظلم وإراقة للدماء البريئة بسيف “الحرابة” و”الخروج على ولي الأمر”، في ظل سياسة التمييز الطائفي والقبلي التي ينتهجها “سلمان” ما تعكس سياسة التعطش للدماء عند آل سعود.
وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب»، قالت إن السعودية أقدمت على إعدام 153 شخصا خلال 2016، وذلك إستناداً الى بيانات وزارة الداخلية السعودية، وهو نفس عدد الذين طبق فيهم هذا الحكم في 2015، ناهيك عن عدد الأشخاص الذين إستهدفت القوات الأمنية السعودية في العديد من مناطق المملكة خاصة الشرقية حيث يقطنها الغالبية الشيعية، بأهداف وأغراض سياسية قمعاً لمطالبهم في العدالة والحرية والمساواة، ألصقت في العديد منهم تهمة “الارهاب” او “تجارة المخدرات” والحقيقة مجهولة لدى المنظمات الدولية لعدم مقدرتها الوصول اليه .
منظمة العفو الدولية وعلى لسان “جيمس لينش” مساعد مدير المنظمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قالت: إن الإعدامات في السعودية تزداد بشكل كبير منذ تولي الملك سلمان السلطة في البلاد قبل عامين وهذا التوجه المرعب لا يظهر أي مؤشر تباطؤ، وسط فقدان المملكة لسلطة ونظام قضائي عادل أو غير منحاز للسلطة على أقل تقدير للوقوف على مجريات المحاكم التي تتم وتصدر من خلالها أحكام الاعدام ضد المواطنين وغالبيتهم من النشطاء ودعاة الاصلاح والتغيير، كما هو الحال مع عالم الدين الشيخ نمر باقر النمر، وعشرات الشباب من شرق المملكة ووسطها حيث الاحكام الصادرة بحقهم في غالبيتها قائمة على خلفية طائفية.
مجلة “فوكس” الالمانية أعادت مرة اخرى نشر مقال لها تحت عنوان “مملكة الظلام”، الذي يتناول الجرائم البشعة والقمع الممنهج للسلطة السعودية ضد أبناء المملكة واصفة حكام آل سعود بالمتعطشين للدماء، مشيرة الى التصاعد الكبير في وتيرة الاعدامات خلال العامين الماضيين حكومة «الملك سلمان» حتى بلغ بالمجلة أن أسمته بالمتعطش للدماء. مستطردة “ان السعودية ليست مصدرة للنفط وحسب بل هي مصدرة لاحدى أخطر العقائد، فهي تنمي الارهاب، وتحض على الخلاف بين السنة والشيعة وتدعم داعش والجماعات الارهابية المسلحة الناشطة في الشرق الأوسط منذ فترات طويلة إذ هيات مؤسسات السعودية الدعوية لعقود أرضية التشدد بين الشباب المسلم.
وفي اشارة الى ان الكثير من المفكرين نشطاء في مجال حقوق الانسان في السعودية قد خفت أصواتهم إما خوفاً من وحشية الحكومة أو لزجهم في السجون دون محاكمات، كتبت “فوكس” إن السعودية قد تبدلت الى “أرض الخوف”.
“الحكومة السعودية ومنذ 23 يناير/ كانون الثاني 2015 حيث تولى سلمان بن عبد العزيز السلطة وعين ابن أخيه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية كولي للعهد، وابنه الأمير محمد بن سلمان وزيراً للدفاع وولياً لولي العهد؛ قد زادت من فرض قيودها المشددة على حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات والتجمع بشكل كبير، واعتقلت ليس العشرات بل المئات من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة وسجنتهم دون محاكمة أو تعرضوا لمحاكمات جائرة زائفة بعد إنتزاع الاعترافات منهم تحت قضيب التعذيب المبرح الذي بات أمراً شائعاً، بموجب قانون 2014 لمكافحة الإرهاب، وانتهت الكثير من المحاكمات بصدور أحكام بالإعدام؛ واستمر التمييز ضد الأقلية الشيعية يراوح مكانه، وظل بعض النشطاء الشيعة المحكوم عليهم بالإعدام ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام” – جانب من تقرير منظمة العفو الدولية بخصوص حقوق الانسان في السعودية لعام 2016 .
منظمة “هيومن رايتش ووتش” الدولية المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في العالم كشفت في آخر تقرير لها تحت عنوان «الاعدامات؛ المسلسل الذي بات المفضل لدى السعودية»، ان السعودية ودعت عام مشين شهد تنفيذ اكبر عملية اعدام جماعي في تاريخ البلاد منذ 36 عاما. معتبرة ان هذه الاعدامات تضيف المزيد من العار الى سجل الرياض المثير للقلق في مجال حقوق الانسان. مضيفة أنه الى جانب الارقام المتزايدة في عمليات الاعدام الجائرة والبطش بحقوق المواطنة في المملكة، هناك وصمة سوداء اخرى تشوب النظام السعودي وهي المحاكمات الجائرة وغياب العدالة. حيث تستخدم المحاكم لتصفية حسابات العائلة المالكة مع أي صوت ينتقدها. وهو ما ينطبق على حالة اعدام الشيخ نمر النمر حيث اصدر حكم الاعدام بحقه بعد ثلاثة عشر محاكمة صورية دون ابلاغ مستشاره القانوني؛ ثم الى جانب اعدام الشيخ النمر تبرز مسألة اعدام القاصرين بناء على تهم واهية أكبرها المشاركة في تظاهرات سلمية مطالبة بالمساواة وحرية التعبير.
منظمة “ريبريف” الدولية الحقوقية هي الاخرى قالت: لقد اصبح سجل الاعدامات وحقوق الانسان في السعودية مكشوفا امام العالم خاصة خلال حقبة تولي سلمان السلطة الصغيرة، حيث أضحت ظاهرة الجثث المعلقة على الرافعات امام الملأ أمر شبه أسبوعي في شوارع السعودية. كاشفة عن إن العشرات من القصر ينتظرون في طوابير كبيرة تنفيذ حكم الحرابة أو الاعدام شنقاً بحقهم بتهمة “الخروج على الولي” لمشاركتهم في التظاهرات السلمية التي تشهدها بعض مناطق السعودية خاصة الشرقية منها لما يعانيها أهلها من التمييز الفاحش على أسس طائفية .
بيانات عقوبة الإعدام حول العالم تظهر أن السعودية لديها واحد من أعلى معدلات الإعدام في العالم، حيث تمكن النظام السعودي العريق من تحقيق قفزة نوعية في “قطع الرؤوس” متفوقا بذلك على “داعش” وكافة المجموعات الارهابية التي برزت في فنون التوحش والتشنيع، حسب وصف مدير منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيليب لوثر الذي قال ان “السعودية تسرع وتيرة لجوئها الى عقوبة وحشية وغير إنسانية من دون أن تأخذ العدالة وحقوق الانسان في الاعتبار”. فيما اعتبرت سارة ليا ويتسون مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، تزايد عمليات الإعدام في السعودية “وصمة جديدة” في سجلها الحقوقي، داعيةً الى وقف هذه العقوبة القاسية، على حد وصفها.
يقول المراقبون أنه لا يمكن لأي منظمة دولية حقوقية مهما بلغت وسعتها من التحديد بدقة كم قتلت داعش بمقابل ما قتله النظام السعودي خلال العامين الماضيين، وتحديدا كم عدد الضحايا الذين قتلهم التنظيم الارهابي بقطع الرأس بشكل خاص، في مقابل ما قامت به السعودية المشتهرة بتنفيذ حكم الاعدام حرابة بقطع الرؤوس خلال الفترة ذاتها، والذي يعكس إجرامية السلطة وأنه “إعلان إفلاس أخلاقي” بكل ما للكلمة من معنى حسب وصف رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار في البرلمان الالماني “سارا فاغنكنشت” التي دعت حكومة بلادها الى إعادة النظر في علاقاتها مع الرياض بسجلها الأسود في مجال حقوق الانسان.
* كاتب سعودي
في الجمعة 06 يناير-كانون الثاني 2017 08:12:42 م