|
الكتابة عن محمد بن عبدالله، صلوات الله عليه وآله، تشبه مأزقاً حقيقياً، لأنك ستجد نفسك محشوراً في زاوية ضيقة.. فما عساك أن تمدح أو تقول عن رجلٍ تعجز المدائح عن بلوغ معناه، وتعجز اللغة عن بلوغ سدرة منتهاه.
إن قلت إنه سيد الأولين والآخرين فما هو الجديد في ذلك؟
وإن وصفته بأنه أفضل من مشى على التراب، فهذه الصفة لا تعدو أن تكون واحدة من البديهيات.
جاء كل الأنبياء للتهيئة، ليكون هو خاتمهم وسيدهم جميعاً، وكانت الأرض مهيأة لاستقبال دعوته، وإلا كيف استطاع لوحده تغيير كل المفاهيم وإثبات كل الحقائق التي كانت مقلوبة في عقول قومه؟
حين علَّم الله آدم الأسماء كلها، لم تكن تلك الأسماء لجمادات كما يقول بعض المفسرين، فقد كانت أسماء أشخاص اختصهم الله باختصاصات لا يستوعبها من لا يعرف قلبه حب أهل الكساء، وكان أعظم تلك الأسماء اسم «محمد»«وعلم آدم الأسماء كلها، ثم عرضهم على الملائكة، فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء»..
أي طالب في الإعدادية يتقن اللغة العربية سيعرف أن القرآن يتحدث عن أشخاص، لأنه قال: «ثم عرضهم» (أي: أصحاب الأسماء)، فلو كانت مجرد أسماء لقال: «ثم عرضها».. وحين قال: «أنبئوني بأسماء هؤلاء»، نعرف جميعنا أن اسم الإشارة «هؤلاء» لا يكون إلا للعاقل، وليس لجماد أو أسماء لا أرواح لها.
«كنتُ نبياً وآدم بين الماء والطين».. هكذا قال عليه وآله الصلاة والسلام، لأنه يعرف من هو.. وحاشاه أن يقول: «لو كان بعدي نبي لكان عمر»، كما يدَّعي بعض رواة الحديث.. ولأنه يعلم علم اليقين أنه خاتم الأنبياء والمرسلين، قال لعلي بن أبي طالب: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».
«إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق».. هكذا اختصر الهدف من بعثته ورسالته، فالدين أخلاق، وهو الوحيد على هذه الأرض الذي وصفه الله بأنه صاحب الخلق العظيم. فقد كانت ابتسامته هي صدقته التي يمنحها لكل من يقابله.
هو محمد بن عبدالله، الذي بعثه الله رحمة.. وما عَبَسَ ولا تولَّى ولا تصدَّى ولا تلهَّى، وحاشاه أن تليق هذه الأفعال الأربعة بحضرته الشريفة.
صلوات الله عليه وآله وسلم، آناء الليل وأطراف النهار، حتى تبلغ الصلاة منتهاها، وحتى تبلغ المحبة مرتبة اليقين، وحتى يبلغ اليقين مرتبة الشكر.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 25 أكتوبر-تشرين الأول 2020 08:12:16 م