|
يستجدي النظام السعودي اليوم كل عوامل بقائه، استجداء من بريطانيا وأمريكا ومن دول أوروبية أخرى وحتى من نتنياهو، ومن الأمم المتحدة بعد أن أصابته سنوات الهزائم والانتكاسات، بفعل الحماقات الصبيانية من «الأمير الملهم» بن سلمان، حد وصف أحدهم، ومغامراته المتأرجحة بين حروب خارجية وانقلابات داخلية وتصفيات وسجون واعتقالات، وبفعل تورمات الخطايا والآثام بالعدوان على اليمن، والارتماء في أحضان الصهاينة وتشكيل حلف المشبوهات والمشبوهين من الخونة المطبعين مع كيان العدو الصهيوني.
ومن باب «لا حال دائم»، كما يقال في المثل، فبعد أن كان النظام السعودي قبل ستة أعوام يستعرض الفتوة لديه في شكل مؤتمرات وقمم، وحفلات لفنانين ومشاهير، ويتباهى بفائض القوة والمال ويتنمر بـ”حنا هل العزم والحزم”، ويدوش الإعلام والصحافة بالتحالفات والاصطفافات الواسعة التي أنشأها على المستوى الدولي والإقليمي..هو اليوم يشحت بيانات وتصريحات ومواقف تضامنية يحتمي بها من صواريخ ومُسيِّرات اليمنيين..ويشكوها للخلائق كلها.
وذلك هو انعكاس لحالة الرعب والانهزام والهيجان التي تضرب ملوك وأمراء الرياض، وليلها سلسلة بيانات وتصريحات وشكاوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، واستجداءات سعودية مذلة متكررة، وقرينتها تصعيد هيستيري بالغارات لقصف المقصوف، مترافق مع تحشيد واستنفار إضافة إلى التهويل الإعلامي حول إدخال قوات بريطانية جديدة إلى الأراضي السعودية، وأكانت هذه القوات من باب تسليف السعودية، أو من باب حماية الأصيل للوكيل، فإن المؤكد هو أنها اليوم غارقة، ومكشوفة أمنيا وأخلاقيا واستراتيجيا وسياسيا، تتسلف مواقف وبيانات وتصريحات وإعلام وصحافة لتدعمها وتتضامن معها.
النظام السعودي مكشوف أمنيا، ومكشوف سياسيا، ومكشوف أخلاقيا ومفلس من جميع النواحي، فلا المصانع ولا المنشآت ولا المطارات ولا الموانئ في أمان من ضربات الصواريخ والمسيرات، ولا الحدود ستكون بمعزل عن الانكشاف الذي يعيشه النظام المنهار، ولا الغطاء السياسي الدولي الذي منحه وجود ترامب في البيت الأبيض سيبقى، ولا الهيبة التي حاول بن سلمان الحصول عليها من قمة العشرين..ولا رؤية 2030 الجنونية ستغطي العُجُوَزاْتِ الكبيرة في ميزانية السعودية لهذا العام.
أمنيا النظام السعودي يستجدي الحماية من الغرب وأمريكا ومن الصهاينة ومن الجن والأنس، ذلك أن واقعه اليوم بعد ستة أعوام من العدوان على اليمن جعله يواجه ارتدادات عاصفة لفعائله وجرائمه البشعة، ولا يبدو أنه بصدد إجراء مراجعات موضوعية للحرب التي يشنها على اليمن..فما يزال مستمرا في رهاناته الخاسرة التي لن تؤمن له مصالحه ولن تحميه من قدره المحتوم.
أما سياسيا، فإن النظام السعودي يستجدي التضامن من الأمم المتحدة ومن الدول ومن المنظمات ومن الحكومات، وحتى من الأشخاص، يقوم بشراء البيانات والتصريحات والمواقف التضامنية..يفعل هذا كله فيما يواجه أزمة داخلية وصراعات ناشبة بين أطراف العائلة السعودية نفسها، وقد تأتي رياح بايدن بما لا يتوافق مع صعود بن سلمان حاكما، وحتى بقائه وليا للعهد.
في الوقت الضائع أرسلت بريطانيا قوات دفاعية لحماية منشآت النفط السعودية من الصواريخ والمسيرات اليمنية، ولإنقاذ النظام السعودي من تبعات وارتدادات الحرب الشعواء على اليمن والمتواصلة منذ 6 أعوام.
إن إرسال بريطانيا لمنظومات دفاعية لحماية أرامكو السعودية، سيبقى بلا معنى، حالها حال ما سبق من منظومات باتريوت الأمريكية وثاد وغيرها التي اشترتها السعودية بمليارات الدولارات دون أن توفر لمنشآتها الحد الأدنى من الحماية والأمان من الصواريخ والمسيرات اليمنية، ولن تسجل منظومات جيراف الزرافة البريطانية ولا مدافع الفوج 16 للمدفعية الملكية أي إضافة تذكر، ولن تحمي أرامكو ولا محطاتها ومنشآتها ولن توفر للنظام السعودي أمنا ولا استقرارا.
لن يتحقق أمن النظام السعودي بالتطبيع والولاء لنتنياهو، ولن يحميه التطبيع من مغبة ما فعله ويفعله بن سلمان، وسواء أرسلت بريطانيا أم لم ترسل قواتها، فالانكشاف السعودي موضوعي وكل الرهانات خاسرة، التقى نتنياهو بن سلمان في نيوم أم لم يلتقيا ..فما عاد هناك شك في ولاء بن سلمان لليهود الصهاينة.. ومثله النظام السعودي وعلماؤه ودهاقنته وملتحيوه الذين صلَّوا وكبَّروا لأجل سلام إسرائيل.
في الأحد 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 06:02:22 م