|
يكذب على نفسه وعلى الشهداء من يرى في استشهاد ابنه أو شقيقه أو والده أو أحد أفراد أسرته حصانة تشرعن له ممارسة البلطجة والسلبطة على خلق الله، واللهث وراء المكاسب والمناصب، والسقوط في مستنقع الفساد والإجرام والنهب والسلب والبسط على حقوق وممتلكات المواطنين، الشهيد قيمة سامية، جاد بنفسه في سبيل الله ينشد النصر أو الشهادة، ليس له من مطمع أو غاية أو مصلحة دنيوية، لقد باع من الله نفسه، والله اشتراها منه، فلو كان من الباحثين عن المناصب والمكاسب، والرتب والنياشين، والجاه والسلطة، لما انطلق في سبيل الله، ولما سلك درب الجهاد، ولكنه أدرك حقيقة الدنيا وحقارتها، واتجه نحو الظفر بالحياة الحقيقية، الحياة الأبدية (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ)..
هذه هي فلسفة الشهداء، وهذه هي قناعتهم، وهذه هي روحيتهم، وهذه هي نفسيتهم، طلقوا الدنيا ثلاثا تأسيا بالإمام الكرار علي بن أبي طالب عليه السلام.. شاهدنا وسمعنا الرئيس الشهيد صالح علي الصماد -رضوان الله عليه- في زيارته الأخيرة لمحافظة ذمار وهو يتحدث من على منصة قاعة فلسطين في جامعة ذمار أمام القيادات التنفيذية والعسكرية والأمنية والوجهاهات والشخصيات الاجتماعية في المحافظة قائلا ( صالح الصماد إذا استشهد غد، آخر الشهر ما مع جهاله وين يرقدوا، ما معهم إلا يرجعوا مسقط رأسهم، وهذه نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى ) هذا كان حال الرجل الأول في الدولة، لم يفكر حتى في امتلاك منزل يأوي أولاده، كان مع الله قولا وعملا، وسخَّر وقته وطاقته في سبيل الله، وخدمة الوطن والشعب،وهو رضوان الله عليه الذي حجز العديد من الملفات الخاصة بطلبات التعيين التي كانت مشفوعة بتزكية ( مجاهد ) وأشار إلى أن المجاهدين في الجبهات ليس همهم الوظائف والمناصب..
لذا من يحاولون استغلال ( عطاء الشهداء ) للمزايدة عليهم والتمصلح من ورائهم إرضاء لنفسياتهم المريضة ونزواتهم الشيطانية، واللهث وراء مكاسب نفعية رخيصة، لا يمثلون سوى أنفسهم، مهما بلغت درجة قرابتهم من هذا الشهيد أو ذاك، ولهؤلاء أقول ناصحا : عطاء الشهداء فوق ما تتخيلون، ولذلك كان العطاء الإلهي لهم نظير ذلك عظيما وثمينا وخالدا، الشهادة لا تقدر بثمن، ومن ظفر بها فقد فاز فوزا عظيما، ونال الوسام الإلهي الأغلى في هذا الوجود، المناصب زائلة، والمكاسب ستنفد وتزول ولن تدوم، ولهذا ابحثوا لكم عن المكاسب والمناصب بمنأى عن الشهداء وتضحياتهم، ولكم أوجه النصح بأن تسلكوا مسلك الشهداء في جهادهم وقوة إيمانهم وعظيم بذلهم وعطائهم وتضحياتهم، وإذا ما أخلصتم النوايا، وصدقتم مع الله، فستجدون المناصب والمكاسب هي التي تبحث عنكم وتخطب ودكم والقرب منكم..
بالمختصر المفيد: عطاء الشهداء، عطاء بلا حدود، عطاء ثمنه الجنة، ومغرياته الحياة الأبدية، والرزق الدائم غير المنقطع، بين يدي الله عز وجل، والدولة معنية بالاهتمام ورعاية أولاد الشهداء وأسرهم من باب الوفاء لهم، وهناك مزايا وخصوصيات منحت لهم تقديرا لذلك، ولا يمكن القبول بأي ممارسات رعناء، وسلوكيات طائشة، وأعمال سلبطة وتهبش على المواطنين بذريعة أن هذا المتهبش أو ذاك شقيق شهيد أو والد شهيد أو يمت بالصلة لهذا الشهيد أو ذاك، وسيتم الضرب بيد من حديد في حق هؤلاء المأزومين والمستغلين، وفاء لتضحيات الشهداء، وسيرتهم العطرة التي لا يمكن أن تؤثر فيها مثل هذه الحماقات المردودة على أصحابها والتي يجب وضع حد لها، ومحاسبة المتورطين فيها، لكي يكونوا اعظة وعبرة لغيرهم..
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.
في الأحد 27 ديسمبر-كانون الأول 2020 11:14:55 م