|
«روميو» شرب زجاجة كاملة من السم القاتل ومات بين يدي «جولييت»، و«قيس بن الملوح» فقد عقله من فرط حبه لليلى ثم هام على وجهه في الجبال والوديان ليموت في العراء وحيداً دون أن يكترث أحد.
إنه الكثير من الحب، والكثير من العشق، والكثير الكثير من الإخلاص، وعندما تجتمع هذه المشاعر في الفؤاد تكون التضحية أمراً لا بد منه، وحذار أن تلوموا عاشقاً على عشقه، فعصيان القلب لا يُقمع ولا يُخمد.
ليس لأحد الحق مطلقاً في منعك من الحب، وكل الفتاوى التكفيرية والعادات الاجتماعية الطبقية تعتبر عمليات اغتيال إجرامية بحق أنبل المشاعر الإنسانية.. كالمودة والألفة.
«روميو» انتحر وحده ولم يجبر أحداً على مشاركته قنينة السم، كذلك مجنون ليلى ضاع في الوديان وحيداً ولم يختطف أبناء عمومته وقبيلته ليضيعوا معه، إذن مادمت تتحمل وحدك تداعيات هذا الحب، فلا تثريب عليك، وأنت حر بنفسك.
لكن عندما تجعل الآخرين يتحملون مسؤولية العشق الذي تكنه لأحدهم؛ وترمي بضرر عواطفك الجنونية عليهم، فالأمر يختلف تماماً، ويتحول من علاقة حب إلى جريمة، ذلك أن السلام هو الغاية من الحب، ولا سلام في إيذاء الغير.
هذا بالضبط ما يفعله النظام السعودي المتيم بأمريكا، حيث يتضرر ملايين الناس من هذا الحب دون ذنب، حتى أصبحت العلاقة بينهما تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
استيقظنا الخميس الماضي على وقع تفجير انتحاري مزدوج في ساحة الطيران بالعاصمة العراقية بغداد، وراح ضحيته 32 شهيداً وأكثر من 100 جريح.
لم تمض ساعات على تنفيذ العملية الدموية الإجرامية حتى أفادت معلومات أولية بأن الانتحاريَين يحملان الجنسية السعودية، ما يؤكد تغلغل الفكر التكفيري الإجرامي في عقلية النظام الذي ادعى أنه حلق ذقنه وشد ربطة الرقص حول خصره.
هذا الأمر ليس بجديد، فمنذ أن وعيت على نفسي وأنا أسمع أخبار العمليات الإرهابية، ثم أسمع بعدها أن منفذيها سعوديون، وإليكم كمثال بسيط جريمة مستشفى العرضي في صنعاء التي تم ارتكابها قبل 8 سنوات، في ذلك اليوم اقتحم فريق إرهابي المستشفى وباشروا بإطلاق النار ورمي القنابل اليدوية على الناس، فكانت الحصيلة 53 قتيلاً مدنياً بينهم نساء، ليتضح بعدها أن معظم عناصر الفريق الإرهابي يحملون الجنسية السعودية.
وفي 2013 نشرت صحيفة «الشروق» السعودية مقالاً بعنوان «300 انتحاري سعودي.. نحن شركاء في القتل»، وكاتب هذا المقال يؤكد أن 300 تكفيري سعودي قاموا بتفجير أنفسهم في العراق فقط منذ عام 2003 وحتى ذلك الوقت.
هذا النظام الملكي الخادم لسياسة البيت الأبيض معجون على سفك الدماء وتوزيع الموت، وبكل وقاحة يقوم بالتضحية بأبناء شعبه وبالآخرين في سبيل حبه للولايات المتحدة الأمريكية.
هناك حقيقة لا نشك بها، وهي أن الإرهاب صناعة أمريكية، وأية عملية إرهابية يتم تنفيذها في أي مكان فإن هدفها خدمة الإمبريالية الأمريكية، وفي المقابل تعتبر مملكة الشر السعودية المصدر الأول للتكفيريين والإرهابيين إلى بلدان العالم.
النظام السعودي يهيم عشقاً بالأمريكان، لكنه لا يضحي بنفسه كما فعل «روميو»، بل يضحي بأبنائه الذين تشربوا ثقافة التكفير والتفجير، وباتوا يسافرون حول العالم لتنفيذ عملياتهم الإرهابية وسفك الدماء، وذلك خدمة لأجندة أمريكا الاستعمارية في المنطقة، ومن العجائب أن السعوديين يقومون بالتفجير، بينما اليمنيون يتحملون تهمة الإرهاب!
والمصيبة أننا أمام علاقة حب من طرف واحد، فالسعودية تضحي بأبنائها وأمريكا لم تعترف بجميل قط، وبدلاً من مبادلتها نفس المشاعر فإنها تدعوها بـ»البقرة الحلوب» وغيره من الألقاب الاستحقارية المهينة، على الأقل فإن «جولييت» انتحرت بعد «روميو» مباشرة، وليلى العامرية قالت أبياتاً في وصف المجنون وحزنها لحالهما، أما أمريكا فتسخر من النظام السعودي وتهينه في كل وقت وحين.. وهو يستمر في تصدير الانتحاريين ليموتوا ويقتلوا الآخرين إرضاءً لها.
هذا هو العشق الممنوع.. هو بعينه.
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 25 يناير-كانون الثاني 2021 07:31:30 م