بين اغلاق قناة السويس وحصار اليمن
نصر القريطي
نصر القريطي

مقاربة: 6 أيامٍ من اغلاق "قناة السويس" و6 سنين من "حصار اليمنيين"..!

خيراً فعلت “العملاقة” المملوكة للشركة اليابانية حينما سدّت الممر البحري لقناة السويس وعطّلت حركة الملاحة الدولية في أحد أهم الممرات والطرق البحرية الرابطة بين قارات العالم.

لسنا ممن يفرح بمصائب الآخرين لكن هذه الحادثة التي عطلت نسبة كبيرة من التجارة العالمية لأسبوعٍ كاملٍ سلطت الضوء أو لنقل فتحت الباب على مصراعيه لمقارنة مشروعة بين ما احدثه أسبوعٌ من الإغلاق الإجباري لقناة السويس الذي أحدثه جنوح السفينة العالمية العملاقة “ايفرجيفن” وبين ست سنواتٍ من الإغلاق الاجرامي لكل المنافذ البرية والبحرية والبرية لبلادنا والذي فرضه الحصار المطبق لقوى تحالف العدوان على شعبٍ بأسره وأمةٍ بأكملها..

لسنا سعداء بتوقف حركة الملاحة البحرية الدولية عبر قناة السويس أحد أهم الممرات العالمية التي تمر عبر مضيق باب المندب لكن من حقنا كبشرٍ وكشعبٍ محاصر وكأمةٍ مظلومة أن نقول للعالم كله أنظروا ما الذي احدثته سبعة أيامٍ من التوقف العارض لحركة الملاحة الدولية في قناة السويس وتذكروا أن هناك شبعاً يرزح تحت نير الحصار اللا انساني الجائر منذ ست سنين وها هي تدخل عامها السابع وانتم صامتون وإن كنتم تزعمون اليوم أنكم تتحركون بدوافع إنسانية إلا أن استمرار احتجاز السفن لأكثر من ستة أشهر في عرض البحر يؤكد ان إنسانيتكم لا تزال في ثلاجات الموتى التي احتجزتموها فيها..

العالم كله يراقب باهتمامٍ شديد وتفاعلٍ غير مسبوقٍ وتضامنٍ مبهر كاملٍ عمليات القطر ومحاولة تحرير ناقلة البضائع البنمية العملاقة المملوكة لشركة يابانية والتي أدى جنوحها في الممر المائي المؤدي لقناة السويس الى سد الطريق الى القناة وإيقاف حركة الملاحة الدولية عبر القناة البحرية الأهم في العالم بصورة كاملة لمدة أسبوع تقريباً..

وفقاً لوكالة رويترز فإن عمليات التجريف والقطر ومحاولة تعويم السفينة التي نفذتها السلطات البحرية المصرية تمت بتنسيقٍ تامٍ وتعاونٍ غير مسبوق مع العديد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول التي أرسلت قطعاً بحرية للمساهمة في محاولات تعويم السفينة وفتح الممر المائي المسدود الذي أدى لتوقف حركة الملاحة البحرية والتجارية التي تمر عبر القنال بصورة كاملة..

ليس ذاك فحسب بل إن العديد من حكومات العالم غربية وشرقية تواصلت مع السلطات المصرية مبديةً تضامنها مع المصريين في هذه الحادثة التي وصفها الكثيرون بالكارثة على الرغم من انها حادثة تحصل في كل الممرات والموانئ والممرات البحرية العالمية والتي دفعت بعض المحللين السياسيين الغربيين المرموقين لتسييس الحادثة ووصف النظام المصري بأنه يمثل تهديداً على حركة الملاحة الدولية فما الذي حصل حتى يستنفر العالم كله بسبب هذه الحادثة العارضة..

أسبوعٌ واحدٌ فقط من توقف حركة الملاحة البحرية في قناة السويس جعل العالم كله يستنفر ويولول ويبدي تضامنه بل ويتحرك بصورة جمعية وفردية ويرسل قطعاً بحرية متخصصة لمساعدة المصريين في محاولة تعويم ناقلة البضائع العملاقة (ايفرجيفن) فيما اليمنيون محاصرون منذ ستة أعوامٍ والعالم كله يقف شاهد زورٍ على هذه الجريمة الإنسانية التي لم يسبق لها مثيلٌ في التاريخ الحديث..

بين أسبوعٍ توقفت فيه حركة الملاحة الدولية في قناة السويس وتوقفت معها لاسبوعٍ واحدٍ فقط مصالح العالم والعالم الغربي خصوصاً وبين حصار شعبٍ بأكمله وأمةٍ بأسرها لأكثر من ست سنين يقف العالم كله شاهد زورٍ على أكبر جريمة في حق الإنسانية فهل تحدث هذه الحادثة العارضة وخزةً تنبيهيةً في جدار الضمير الإنساني الجمعي ويراجع العالم شرقه وغربه انسانيتهم ويقفون أمام هذا العدوان المجرم الذي يعاقب شعباً بأسره ويدعون الى الرفع الفوري لهذا الحصار ان لم يكونوا جزءاً من منظومته ويرفعون أيديهم عن المشاركة في حصار موانئنا وبحورنا ومطاراتنا ان كانوا متحالفين ومتعاونين وداعمين للرياض وابوظبي في هذا الحصار الجائر وغير الإنساني الذي تتعرض له بلادنا..

حقاً لربما سارت الأقدار على هذا النحو فمن يدري لعل هذه الحادثة العارضة التي حصلت لحركة الملاح الدولية في قناة السويس تفتح أعين كل من يتفرج علينا منذ ست سنين من حكومات ومنظمات دولية وشعوب بأن إنسانيتكم تكاد تدفن تحت نعال المصالح والسكوت على هؤلاء المجرمين الدوليين فهل يعقل بعد ستة اعوامٍ من الحصار ناهيك عن العدوان والقتل والدمار ان يستمر العالم المنافق في لا انسانيته وتجاهله لمأساة شعب واكتفاءه بإبداء القلق من حصول مجاعة أو كارثة إنسانية يصفها بغير المسبوقة بسبب الحصار والحرب..!

لا يزال اكثر من ثلاثين مليون انسانٍ محاصرون بصورةٍ شبه كليةٍ في كل سبل ومقومات عيشهم ولا تزال سفن السعوديين والإماراتيين وبوارج الأمريكان والغرب وترسانتهم البحرية تمنع وصول سفن الغذاء والدواء وإمدادات الطاقة الى اليمنيين من كل الممرات والمنافذ فيما العالم كله استنفر حينما توقفت حركة الملاحة الدولية في ممر قناة السويس البحري لمدة أسبوعٍ واحدٍ فقط فهل يصحو الضمير الإنساني من سكرته ويخرج صوت الحق الذي احتجزه في حالة موتٍ سريري طيلة ست أعوام من الظلم والجور والحصار والجرائم ضد الإنسانية..

وفقاً لشبكة سي إن إن فقد اتخذ البنتاجون الإجراءات اللازمة بعد توقف حركة السفن والبوارج الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ضمن توقف حركة الملاحة البحرية عبر قناة السويس لمدة أسبوع فقط..

يقول رئيس هيئة قناة السويس البحرية أن أعمال التجريف والقطر نجحت بعد اسبوعٍ شاقٍ في تعويم السفينة العملاقة “إيفرجيفن” التي سدت مجرى القناة ومنعت حركة الملاحة الدولية فهل تنجح ستة أعوامٍ من الحصار لشعبٍ بأسره في تعويم الضمير العالمي وتنشيط النزر اليسير من الإنسانية المتجمدة ليفيق العالم كله على مأساة شعبٍ يرزح تحت نير الحصار والعدوان لأكثر من الفي يومٍ..

مقاربةٌ تبعث الألم في النفس وتعتصر ضمير من لا يزال لديه ضميرٌ في هذا العالم المنافق..!

* نقلا عن : السياسية 

 
في الأربعاء 31 مارس - آذار 2021 08:11:32 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=3601