|
كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟!! تساؤل يطرح نفسه علينا جميعا قبيل ساعات تفصلنا عن إطلالة هلاله، البعض يرى في رمضان موسما لإشباع البطون مما لذ من المأكولات والمشروبات، حيث تشهد الأسواق المحلية إقبالا منقطع النظير على شراء المواد الغذائية والاستهلاكية والكماليات من أدوات الطهي وأواني الطعام، والكثير من الأسر تعلن حالة الطوارئ، وترتفع الفاتورة الشرائية لها، بصورة مكلفة ومجحفة، وكأن رمضان عبارة عن كرنفال لتناول الأطعمة والمشروبات المختلفة، دونما استشعار لأهمية ودلالات الصيام، والغاية والرسالة التي أرادها الخالق عز وجل من خلال فرض صيام شهر رمضان المبارك.
الصيام ليس مسألة جوع وعطش طوال النهار، ومن ثم أكل وشرب عقب أذان المغرب، الصيام طاعة فرضها الله عز وجل وجعلها الركن الرابع من أركان الإسلام، التي لا يكتمل إسلام الواحد منا إلا بالقيام بها، كل العبادات والطاعات التي نقوم بها هي من أجلنا، وقد أمرنا الله بها من باب حرصه علينا ورحمته بنا، رغم أنه غني عن طاعتنا، لا تنفعه طاعاتنا ولا تضره معاصينا، إلا الصيام فقد جعلها الله من العبادات الخاصة به والتي يمنح من يقوم بها الأجر والثواب ، كما جاء في الحديث القدسي ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) .
الصيام عبادة لله جل في علاه، وشهر رمضان أشبه بمحطة الوقود التي يتزود منها الصائمون بما ينفعهم ويرفع من درجاتهم ويثقل من موازينهم، محطة تنقية للقلوب والنفوس من كل ما علق بها من أوزار وما داخلها من هموم ومكدرات، فالواحد منا عندما يستقبل هذا الشهر الفضيل، يجب عليه تهيئة نفسه لاستقباله بالطريقة المثلى التي حثنا عليها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته المشهورة في استقبال شهر رمضان والتي أشار إليها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته يوم أمس الأول أمام قيادات الدولة بجامع الشعب، وهي فرصة قد لا تمنح لنا في العام القادم وعلينا اغتنامها بما يعود علينا بالنفع ويمنحنا الفلاح والنجاح والفوز برضا الله ورضوانه .
رمضان شهر القرآن، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، شهر الجهاد والصمود والصبر والثبات، وعلينا أن نعيش أيامه ولياليه كما عاشها الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يجب أن نكون فيه أكثر تعهدا للقرآن الكريم، وأكثر فهما وإدراكا لمضامينه ، وأكثر عملا بمقتضى توجيهاته وأحكامه، علينا أن نكون فيه أكثر حرصا على مواساة بعضنا بعضا، وتلمس أوضاع المحتاجين وتقديم ما أمكن من عون لهم ، علينا أن نجعل منه مناسبة لتعزيز قيم التكافل والتراحم في أوساط المجتمع، يريد الله منا أن نتذكر بصيامنا جوع وعطش يوم القيامة، وما يكابده الفقراء والمساكين والمعدمين على مدار العام، هناك الكثير من الأسر الفقيرة المتعففة التي تقبع داخل منازلها، صابرة محتسبة، لا تمد أياديها للناس، ولا تسألهم العون والمساعدة، والكثير منهم نظن أنهم في حالة ميسورة، ولكن أحوالهم وأوضاعهم المعيشية في غاية الصعوبة، وهؤلاء يجب أن يحظوا بالعناية والاهتمام والتعهد بالعون والمساعدة منا جميعا، وعلى الهيئة العامة للزكاة أن تجعلهم في مقدمة المستهدفين من مشاريعها الرمضانية التي تستحق عليها كل التقدير والاحترام .
بالمختصر المفيد، يريد الله من خلال الصيام أن يهذب سلوكياتنا ويطهر قلوبنا ويزكي أنفسنا لنستشعر أهمية الصيام ، لذا علينا أن نكيف أنفسنا ونستعد لذلك، لذا علينا أن نستقبل رمضان بنفوس مطمئنة وقلوب صافية وعقول وأذهان واعية، لا تشغلنا ملذات الدنيا ومشاغلها التي لا تنتهي عن صيام هذا الشهر الفضل على الطريقة التي ترضي الله ورسوله ، الرزق بيد الله ، ومن كتب لك الرزق طوال العام هو من سيكتب لك رزقك في رمضان ، المهم أن نخلص النوايا ، ونقلع عن الذنوب والخطايا، ونعقد العزم على التوبة الصادقة المخلصة ، لنحظى بشرف الدخول في السحب الإلهي الكبير على الجوائز الربانية الكبرى التي أعدها لكل من صام رمضان إيمانا بالله وامتثالا لأوامره، واحتسابا في الأجر والثواب الذي خصصه للصائمين.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .
في الإثنين 12 إبريل-نيسان 2021 07:55:29 م