|
لا ينكِرُ أحدٌ حتى اليهود والنصارى أن المسجدَ الأقصى هو مسرى رسول الله (محمد صلى الله عليه وآله) وأولى القبلتين وثالث الحرمين، وأن اليهودَ يدنِّسونه ويحتلونه ظلماً وعدواناً، وأن مسؤوليةَ تحريره قائمةٌ على عواتق المؤمنين، ولا رهانَ أبداً على الأنظمة والحكومات التي انطلق بعضها إلى التطبيع والخيانة الواضحة لفلسطين والمسجد الأقصى، لهذا من كان مؤمناً حقاً بالله ورسوله وكتابه فسوف ينطلق لنصرة الأقصى.
كل ما يقع من تجاوزات مجرمة وممارسات أثيمة من قبل “أمريكا وإسرائيل” تجاه العالم الإسلامي كافة ليس في الحقيقة نتيجةَ تسلط حكام الجور وملوك الضلالة، وأمراء الفساد فقط كما يظن عموم الناس، وإنما هو نتيجة طبيعية لتفريط الشعوب باختلاف طوائفها في جنب الله، وانحرافهم عن هدى الله، وابتعادهم عن القرآن الكريم ومبدأ الولاء والبراء وتبنيهم الأفكار المغلوطة التي دجنت الأُمَّــة الإسلامية وحرفت مسارها وبوصلة عدائها بفعل علماء السوء وخطباء ومرشدي الضلال، والله (سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى) رحيم بعباده لا يؤتي ملكَه حاكماً فاسداً ليتسلط به على رقاب العباد الصالحين من خلقه، ولا يهب سلطانه ملكًا جائراً ليذل به أولياء طيبين من عباده، بل الحقيقة أن: “الله يسلط عليهم أولئك الطغاة؛ بسَببِ تقصيرهم وتفريطهم؛ لأَنَّ الشعوب هي التي تفرز حكامها الذين يتولون أمورها ويقودون أزمتها، ويكونون مناسبين لها ومفصلين عليها في حال التزمت بقيم وأخلاق وَمبادئ القرآن وتولت أعلام الهدى من أهل البيت -عليهم السلام-؛ لذلك الإمام الخميني (رحمة الله عليه) في إعلانه ليوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك اتجه نحو الشعوب نفسها في أوساط الأُمَّــة نفسها ليخلق فيهم الوعي الكافي ويهيئ نفوسهم ليكونوا بمستوى المواجهة مع أعداء الأُمَّــة من اليهود والنصارى؛ لأَنَّه كان يعلم أن الحكومات والرؤساء والملوك ليسوا جادين في مواجهة أمريكا وإسرائيل، وسياساتهم الاستعمارية ولأن الشعوب إذَا تمسكت بأعلام الهدى قرناء القرآن تكون ناضجة ينضج فيها، في عقلها الفكر الحر، ويرتقي في فكرها الوعي، وتيقظ فيها ضميرها الأبي، وبذلك تمتلك أسباب عزها وكرامتها وسيادتها ونصرها ولا تسمح أبداً بالتسلل، ولا ترضى بالمغالطة، ولا تقر بالخطأ ولا تهادن الباطل ولو كان ثمن ذلك حياتها وألف حياة معها.
وبسبب تفريط الأُمَّــة الإسلامية والشعوب العربية في مبدأ الولاء والبراء في قيم وَمبادئ القرآن والمسؤوليات التي حدّدها كتاب الله وأهمها الجهاد في سبيل الله اختلطت لديها المعايير والتبست فيها المفاهيم، وضعف فيها الوازع الديني وتمددت فيها أوهام المضلين، واستشرى فيها الفساد، وأصبحت في خزي وحطة وَتفريط تستحق أن تسام الخسف، وتبوء بالنكال، وَتعيش عيشة الذل والمهانة والعذاب؛ بسَببِ الابتعاد عن القرآن والانحراف عن مبادئ الدين وتشريعات ومسؤوليات الإسلام الحق وَماتت في الشعوب العزة، وانمحت فيها الكرامة، وضاع منها الكبرياء..
أصبح أغلب أبناء الأُمَّــة لا يرون حرجاً في أن يقود زمامهم الخونة عملاء وَأولياء الصهاينة ولا حتى الصهاينة أنفسهم وهم المحرك الرئيس لهؤلاء الخونة، ولكن بفضل الله (سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى) بدأ الوعي القرآني ينتشر في أوساط الأُمَّــة، وأصبح اليوم محور المقاومة الإسلامية (إيران، لبنان، سوريا، العراق، اليمن) لهم الحضور القوي والمؤثر ليتحطم أمامه محور الطاغوت والاستكبار العالمي، وأصبحت تثور في هذه الشعوب الكرامة وتنتفض في أبنائها عروق النخوة تجاه استبداد الطغاة عملاء اليهود والنصارى؛ لأَنَّ فينا أعلام الهدى وقرناء القرآن، ولأن تقوى الله هو سبب العزة ومناط الكرامة وهما محوران لا ثالث لهما: محور الحق بقيادة إيران، ومحور الباطل الذي تقوده أمريكا الشيطان الأكبر وتتصدر السعوديّة والإمارات وكل من عاش مبتور الصلة بربه فاقدًا لعقله وقلبه وضميره وقرآنه، وكل من تنصل عن دينه ومسؤوليته تجاه قضايا الأُمَّــة المصيرية وعلى رأسها قضية فلسطين، وحارب وعادى محور الحق المتصدر لهذه القضية فقد انطوى تحت لواء الشيطان وأبرم معه العهد على تبعيته وطاعته والإذعان لأمره وأصبح ضمن الآية القرآنية: “ومن يتولهم منكم فَـإنَّه منهم”، شأنه شأن اليهود والنصارى، أصبح منهم وسيحشر معهم ويخلد يوم القيامة في نار جهنم (والعياذ بالله) معهم.
فأنى لمن تخلى عن ربه، وأتبع هواه، ومن تنصل عن دينه، وعبد شيطانه، وغررت به قوى الضلال أن يتمرد أَو ينقلب أَو يثور باحثاً عن عزة أَو نخوة أَو كرامة؟
أليست العزة لله ولرسوله وللمؤمنين؟
أليست العزة والكرامة يتمثلها محور المقاومة الإسلامية؟
فمتى يأن لمن ضل السبيل أن يعود إلى الله قبل فوات الأوان؟ والعاقبة للمتقين.
في الإثنين 10 مايو 2021 12:54:28 ص