|
في الجو الجاف تبدو زغاريد العصافير للسامع مزعجة. قد يقول أحدهم ويخوض في حديث غيره، فكيف نستطيع الوقوف على رأي طالما الحال كذلك؟! أيضاً بأي حكم نستطيع تجنب المزاجية؟! كأي عذر مقابل هذه الفرضية قد يكون جائزا إذن لنا تأمل الأشياء بسجية ودون بناء أيديولوجي مسبق، لأن الأيديولوجيا هي التي تجعل سبر أغوار الشيء هكذا نسبياً بل وجزئياً لم يكتمل.
كان الشهيد القائد السيد حسين الحوثي (رضوان الله عليه) يدرك هذه الاحتمالات التي بني عليها الفكر الإسلامي، وعندما قام بالشروع في منهجه وضع باعتباره هذه الافتراضات وسعى جاهداً إلى توحيد الفكر الإسلامي عودة إلى القرآن الكريم، واعتباره المرجع الوحيد الذي ينبغي أن نمضي عليه، فكان هذا النسق الفكري المكتمل، قد وضعت لبنة بناء تصحيح وتوحيد وتوجيه لتجاوز حيرة الأمة بين الكثير من المسميات والآراء، ليس هذا فحسب، بل إن الشهيد القائد قد تنبه إلى معضلة انشغال الأمة بحسب التسويق الديني الرائج للسياسات العميلة المتواطئة مع العدو الأمريكي الصهيوني، لأمور ليست هامة ومفصلية تحدد مسار الأمة الإسلامية الصحيح، فالتفت عنها إلى التطرق للأمور الأساسية التي تخدم الأمة، ووضح في ملزمته خطر الغزو الأمريكي ذلك، بل وقدم الحلول الناجعة بعد تأمل، وتدقيق وسبر للقرآن وربطه بالواقع بعد أن طفت في السطح مشكلة انشغال الناس بالأمور الفرعية والاختلافات حولها دون النظر إلى أولوية الاهتمام ومنها المواضيع التي تحدد مصير الإسلام وأمته، فبحث وفكر وقدم فكراً ما أحوج الأمة الإسلامية إليه في ظل تضعضع الأخلاق وتفشي الغزو الفكري الغربي على سلوك الأمة الناتج عن قلة الوعي وتراكمات ما خلفه واقع الزمن وأصبحت الأمة الإسلامية في حال يرثى له تتجسدها ثقافة الهزيمة والمواربة، من ثم أذكى كما أيقظ الهمم إلى ذلك الخطر، رغم الصعاب التي واجهته والتي سيواجهها نهجه أمام النفوذ الغربي وإمكانياته الهائلة.
هكذا تتجلى حنكة الشهيد القائد ونفاذ بصيرته، ومهما سيقول أحدهم عن أن العدو الأمريكي الصهيوني يقتضي التعامل معه بطريقة ناعمة أو عبر إدخال بعض المسميات ومنها التعايش بين الأمم فقد بين لنا (رحمة الله عليه) أن العدو بحسب ما جاء في القرآن لن يتسامح ولن يترك لنا العيش بحرية وكرامة، فها هو يسعى إلى هدم الدين الإسلامي، إعمالاً لقول الله تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، فأي نعومة أو تلاطف يقتضي منا أن نقوم به أمام العدو الأمريكي الصهيوني؟! هل نقابل خطرهم بالتلاطف والمداهنة أم نقف متأهبين مدركين لهذا الغزو ونواجهه بكل السبل والطرق؟! لقد وضح ذلك موفقاً من الله وأبعدنا عن المراوغة الزائفة الآنية، في مواجهة ذلك الهدم المدمر. هنا تأتي الصرخة كدلالة لعقول غائبة يقتضي علينا بل من الضروري الوقوف أمام هذا الشعار لتتحقق بموجبها معرفة التوجه، والتي بدون شك أنها توجهنا إلى الخطر المحدق بأمة الإسلام كرمزية أمة.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 06 يونيو-حزيران 2021 08:00:04 م